يعتزم البرلمان الإيراني استجواب الرئيس حسن روحاني على خلفية الأزمة الاقتصادية المستمرة، وتقول مواقع إخبارية إيرانية، إن روحاني سيرد على أسئلة النواب بشأن 14 قضية، بينها البطالة والتضخم، ولم يحدد بعد موعداً للاستجواب، وأعدت مجموعة من النواب المتشددين مشروع قرار الاستجواب بهدف سحب الثقة من روحاني وعزله. وتشهد إيران أوضاعاً اقتصادية صعبة منذ إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على البلاد العام الماضي، حيث تراجع سعر صرف العملة الإيرانية بصورة كبيرة أمام العملات الرئيسة، كما ارتفع معدل التضخم، وتراجعت صادرات النفط.ورغم أن العقوبات لم تقد إلى انهيار الاقتصاد الإيراني الذي نجح في تنويع مصادره، فإن التيار المتشدد استغل التدهور الاقتصادي للضغط على روحاني لترك منصبه، وسيكون هذا الاستدعاء لروحاني هو الثاني له منذ انتخابه رئيساً عام 2013، وأشارت تقارير إلى أن الاستدعاء ربما يقود إلى تصويت بالثقة. ويظهر استدعاء روحاني إلى البرلمان الصراع المبطن بين المرشد علي خامنئي، وفريق روحاني، ونقلت وكالة أنباء «فارس» عن النائب مجتبى ذو النور، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، قوله أمس إنه باشر بجمع التواقيع من أجل تمرير مشروع القرار. وهذه المرة الثانية التي يقوم فيها نواب الكتلة «الولائية»، أي التي تتبع نهج الولي الفقيه، المرشد الإيراني علي خامنئي، بتقديم مشروع لسحب الثقة عن روحاني، ويستغل النواب المتشددون الأوضاع الاقتصادية الصعبة من أجل إقالة روحاني، وقد ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية، أكثر من 100% وفقاً للأرقام الرسمية، ما أدى إلى تجدد الاحتجاجات والإضرابات العمالية. في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، أن الآلية الأوروبية للتجارة مع إيران لا تفي بالغرض، قائلاً « على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بذل جهد أكبر لإظهار التزامهم بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015»، وأضاف ظريف أمام مؤتمر ميونيخ للأمن «ينبغي أن تكون أوروبا مستعدة لتحمل المخاطر إذا أرادت أن تسبح ضد تيار الأحادية الأميركية». يذكر أن 3 دول أوروبية، هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، أطلقت مطلع فبراير آلية «دعم المبادلات التجارية» مع إيران، تم الإعلان عنها على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي. وأكد وزراء خارجية الدول الثلاث أن الآلية لا تلتف على نظام العقوبات الأميركية، ولا تتجاوز القضايا الخلافية القائمة مع طهران، وأتى هذا الإطلاق العلني بعد خمسة أشهر من التحضير شبه السري. إلى ذلك، تجتاح إيران منذ بداية يناير الماضي موجة استياء وغضب شعبي من ممارسة نظام الملالي لقمع الاحتجاجات وتعذيب الناشطين السلميين، وفي أوائل يناير نشر الناشط العمالي إسماعيل بخشي رسالة على «انستغرام» قال فيها إنه تعرض للتعذيب في السجن، واجتذب بذلك تأييد عشرات الآلاف من الإيرانيين على الإنترنت. كما تحدى بخشي الذي يقول إنه ما زال يتألم، وزير المخابرات وهو من رجال الدين أن يشارك في نقاش عام عن المبرر الديني للتعذيب، وفي أواخر الشهر الماضي أعادت السلطات اعتقاله. كذلك أعيد اعتقال زبيدة قليان الصحفية التي تغطي القضايا العمالية في منطقة الأهواز في اليوم نفسه بعد أن قالت على وسائل التواصل الاجتماعي إنها تعرضت لإساءات في السجن. ودفعت ادعاءات بخشي بما تعرض له من تعذيب، والضجة التي أعقبتها على وسائل التواصل الاجتماعي، الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الدعوة لإجراء تحقيق، والتقى وزير المخابرات فيما بعد لجنة برلمانية لبحث المسألة فيما يعد مثالاً نادراً على دفع كبار المسؤولين للتحرك بفعل استياء شعبي على الإنترنت. وقال هادي غائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ من نيويورك مقراً «عندما يتناقله الألوف على وسائل التواصل الاجتماعي يرتفع الضغط من أجل المحاسبة، ولن يسكته التحقيق الزائف، من المؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي تتحول إلى ساحة عامة كبرى رئيسة في إيران». وقال المدعي العام لطهران عباس جعفري دولت أبادي، الشهر الماضي، دون ذكر اسم بخشي، إن إطلاق ادعاءات بالتعذيب على الإنترنت يعد جريمة. وتأتي تعليقاته في أعقاب ضغوط متنامية من جانب مسؤولين لإغلاق «إنستغرام» الذي يبلغ عدد مستخدميه نحو 24 مليوناً في إيران، وفي العام الماضي، أغلقت إيران تطبيق «تلغرام» للتراسل الذي بلغ عدد مستخدميه حوالي 40 مليوناً، وذلك استناداً إلى دواعٍ أمنية، ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن دولت أبادي قوله «اليوم ترون في الفضاء السيبراني أن الوضع في البلد يمكن أن يتداعى بنشر فيلم أو كذبة أو شائعة». ويمثل القبض على بخشي وقليان جزءاً من حملة تضييق في الأحواز، حيث يتركز السكان العرب. وقالت منصورة ميلز، الباحثة في الشأن الإيراني بمنظمة العفو الدولية «الوضع العام فيما يتعلق بحقوق الإنسان في إيران بدأ يصل إلى نقطة الأزمة، فهذه الموجة من الاعتقالات لعرب الأحواز جزء واحد من حملة تشنها السلطات منذ عام لسحق المعارضة بالكامل».
مشاركة :