يحتدم النقاش بين التيارات السياسية الإيرانية مع اقتراب موعد الانتخابات؛ ففي أحدث مواجهة بين الإدارة الحالية برئاسة حسن روحاني والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، دعا مسؤول رفيع في مكتب الرئيس الإيراني لعدم تعريض البلاد والأمن القومي للخطر من أجل الوصول إلى السلطة، بينما عدّ مسؤول رفيع في جماعة «حزب الله إيران» أن الإصلاحيين يشكلون التهديد الأكبر في انتخابات مجالس البلدية المقررة في 19 مايو (أيار) المقبل تزامنا مع الانتخابات الرئاسية. ورد حميد أبوطالبي، المساعد السياسي في مكتب الرئيس الإيراني، أمس، على انتقادات شديدة اللهجة وردت على لسان محمود أحمدي نجاد في وقت سابق من الأسبوع الماضي لدى زيارته إلى الأحواز جنوب غربي البلاد. واتهم أبو طالبي، الرئيس الإيراني السابق بالسعي وراء انقسام البلد إلى قطبين أملا في الوصول إلى تأييد المحافظين عبر تكرار الأخطاء الاستراتيجية وإطلاق تصريحات متناقضة. وذكر أن أول «الأخطاء الاستراتيجية» هو «تخريب إنجازات الثورة وشخصيات النظام في انتخابات 2005 و2009، وتأزم البلاد لفترة ثمانية أعوام، وخلق الانقسام في البلد». كما أن عدّ «الخطأ» الثاني هو تمرد أحمدي نجاد وبقاؤه في منزله لفترة 11 يوما بعدما رفض خامنئي قرار عزل وزير المخابرات السابق حيدر مصلحي، مضيفا أنه «وجه تهديدا أمنيا كبيرا للنظام السياسي، والمواجهة غير المسبوقة مع النظام، وتعميق الانقسام بين الحكومة والنظام». الأسبوع الماضي، قال المرشد علي خامنئي إنه وقف بوجه من حاول تغيير انتخابات عامي 2005 و2009 الفائز بها أحمدي نجاد، فضلا عن 2013 و1996. قبل أيام هاجم أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني الحالي بشدة لاتهامه بـ«الانحراف». وفي سياق انتقادات وجهها للوضع الاقتصادي الراهن، قال مخاطبا روحاني: «من أنت حتى لا تقبل بما يقوله الشعب؟ 97 في المائة يريدون شيئا... لماذا تعارض الشعب؟ 80 مليونا لا يفهمون وأنت تفهم؟ هذا الشعب هو سبب وجودك في منصب الرئيس». وكان أحمدي نجاد يتحدث في حشد من أنصاره بمدينة الأحواز بحضور المرشح للرئاسة الإيرانية ومساعده حميد بقايي بعدما قال الشهر الماضي إنه لن يقف إلى جانب أي من المرشحين في الانتخابات الرئاسية. وفي توضيح ثالث «أخطاء» أحمدي نجاد، أفاد أبوطالبي أنه تسبب في «تدمير الثقافة والاقتصاد الوطني وتعميق الفرق بين الغني والفقير وتدمير رأسمال وإدارة البلد بتغيير العقلية البنيوية إلى الشعبوية». في تناوله «الخطأ» الرابع، اتهم أحمدي نجاد بتجاهل منعه من قبل خامنئي من الترشح للانتخابات الرئاسية عبر افتعال الأزمات، كما اتهم أحمدي نجاد بالعمل على التحريض القومي والوطني من خلال افتعال الأزمات. وفي رسالة موجهة إلى مقربين من أحمدي نجاد، قال مساعد روحاني: «إن لم نكن سياسيين ولا نعرف اللعب السياسي ولا نعرف طرق الوجود في السلطة، فعلى الأقل يجب أن يكون لدينا تقييم بسيط لنتائج تحركنا». وأضاف أنه «يجب أن نكون على يقظة، السلطة لا تستحق أن نعرض البلد وأمنه للخطر». وبدأت في إيران منذ أيام عملية تسجيل المرشحين في انتخابات مجلس البلدية، وتناقلت وسائل الإعلام شخصيات سياسية وثقافية ورياضية قدموا أوراق الترشح إلى لجنة الانتخابات، وكان لافتا حضور واسع لأبناء كبار المسؤولين بين المرشحين؛ من ضمنهم أبناء قيادات عسكرية مثل ابنة قائد الجيش عطاء الله صالحي وابنة القيادي في الحرس الثوري ووزير النفط في حكومة أحمدي نجاد، رستم قاسمي. وفق أحدث إحصاءات أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية، أمس، فإن أكثر من 258 ألف شخص قدموا أوراق الترشح للانتخابات، ويشمل العدد 15566 امرأة. ومن بين المرشحين نحو 50 ألفا تقدموا لانتخابات مجالس البلدية في المدن، بينما أكثر من 208 آلاف ترشحوا لانتخابات مجالس البلدية في القرى، حسبما أورد موقع «انتخاب». وكان نجل الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، مهدي هاشمي تقدم بأوراق تسجيله لانتخابات مجلس بلدية طهران أول من أمس بعدما نفى مصدر مقرب الأسبوع الماضي ما تناقلته وسائل إعلام عن محامي أسرة رفسنجاني بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية. ويتوقع حضور واسع للتيار الإصلاحي في الانتخابات قبل إعلان القائمة النهائية من قبل ائتلاف الإصلاحيين والمعتدلين. وقبل نحو أسبوعين أعلن الائتلاف أنه سيدخل الانتخابات المقبلة بتشكيلة «21+1» وتضم مرشحا واحدا للرئاسة إلى جانب 21 مرشحا لانتخابات مجالس البلدية. في هذا الصدد، حذر رئيس المجلس التنسيقي التابع لـ«حزب الله إيران» حسين الله كرم من سيطرة الإصلاحيين على مجلس بلدية طهران، مضيفا أنه ترشح للانتخابات «من أجل التصدي لتيار الفتنة» وفق ما نقلت عنه وكالة «مهر» الحكومية. وأضاف أن «هذا التيار حاضر في الحكومة، من أجل ذلك قدمت أوراق الترشح، لأن الانتخابات حصن الدفاع عن البلد وفق تعاليم المرشد». ويعد كرم من قيادات الحرس الثوري في الثمانيات. ويشكل «حزب الله إيران» أهم قاعدة لجماعات الضغط الموالية للمرشد الإيراني والمؤيدة لسياسات المحافظين. وشدد كرم على أنه مرشح عن قائمة التيار «الثوري»، في إشارة إلى جبهة «جمنا» المظلة الجديدة للقوى المحافظة في إيران.
مشاركة :