مؤتمر ميونيخ - ميركل نجمة النجوم وايفانكا طريدة العيون!

  • 2/18/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

ميركل تأسر قلب الحاضرين بخطاب قوي ومؤثر، ودهاء سيرغي لافروف يتجلى في إجابة عن سؤال "واشنطن بوست"، وبين الاثنين نجمة تسطع إشعاعاتها وتلاحقها عيون الكاميرات في كل مكان! صورة من الأرشيف كل شيء، كل حركة وكل خطوة محسوبة بدقة - رجال الأمن من القوات الخاصة الألمانية تأخذ مكانها مدججة بالسلاح والعتاد أمام فندق بايرشه هوف العريق، ربما الأعرق في ألمانيا، بانتظار قوافل السيارات السوداء المصفحة من طراز  مرسيدس وبي ام دبليو وأودي التي تنقل الرئيس والأمير والوزير،  محاطين بحراسهم الشخصيين ذوي البدلات والنظارات السوداء الأنيقة ويتراكضون يمينا ويسارا فاتحين الممر الضيق لمعاليه أو سموه، ولو تطلب ذلك قليلا من القسوة! مشهد يتكرر طيلة اليوم، يقابله مشهد آخر يتمثل في تجمعات حاشدة من الصحفيين والمصورين الذين يوثقون كل خطوة وهمسة، كل مصافحة بين الصديق والصديق، وبين الصديق وغير الصديق، ولعل هذا ما يميز هذا المؤتمر عن غيره من التجمعات، فجُلّ الأحداث تجري في مساحة ضيقة تجعل من امكانية اللقاء بوزير أو رئس حكومة في الأروقة أو مقهى الفندق أمرا معتادا، الأمر الذي يسمح بخلق مساحة لا بأس بها للحديث الجانبي بين السياسيين فيما بينهم ومع الصحفيين المتلهفين والمتلقفين لأي خبر وأية معلومة. السيسي وبينس الضيفان الأبرز ! الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ألقى كلمة قصيرة وأسمع الحاضرين ما يريدون سماعه: التعاون من أجل التنمية في القارة السوداء سعيا للحد من موجات اللجوء، القضاء على التطرف والإرهاب ودعم التعايش بين المسيحيين والمسلمين، كلمات صفق لها الحاضرون بهدوء على أمل أن يتبعها حوار مفتوح مع الرئيس، وهو ما اعتاد عليه رواد المؤتمر، الا أن ذلك لم يحدث، فقد اكتفى مدير المؤتمر بطرح تساؤلين عن التنمية في افريقيا ومحاربة الفكر المتطرف، تساؤلان تلقفهما الرئيس بكل راحة ولسان حاله يقول هذا ملعبي، وكان له ما أراد بتسجيله هدفا هاما عبر مصافحة حارة أمام أعين الكاميرات مع نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية في الكونغرس. أما نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس فلم يلفت انتباه رواد المؤتمر الا من خلال وفده الضخم وقافلة عرباته السوداء الضخمة والمصفحة، المحروسة جيدا من قبل رجال الأمن الأمريكيين. جاء وتكلم إلى الحاضرين معيدا اسطوانة رئيسه ترامب، كعادته، دون ابتسامة أو خروج عن النص وكأنه رجل آلي، لا بل إنه عندما حيَّا رئيسه توقف قليلا ينتظر تصفيقات لم تأت من الحضور..وبعد إلقاء خطابه غادر بنس وكأن شيئا لم يكن.  الرئيس المصري اُستقبل في ميونيخ بحفاوة ألمانية رسمية أمير قطر، الشيخ تميم، الحاضر الغائب! في النسخة الأولية من برنامج المؤتمر فاجأنا المنظمون بالإعلان عن غداء عمل يجمع بين الرئيس السيسي وأمير قطر بحضور وزيري المالية والاقتصاد الألمانيين، ولكن سرعان ما اختفى ذلك الاعلان في النسخة المعدلة مع بدء فعاليات المؤتمر، ولا نعرف حتى اللحظة ان تم هذا اللقاء بالفعل أم انه كان مجرد خطأ مطبعي لا أكثر. الأمير تميم سجل ظهورا قصيرا أثناء القاء المستشارة أنغيلا ميركل خطابها، ثم غادر بسرعة ولا نعرف ان كان ذلك مخططا له، أم انه امتعاض بسبب الاهتمام الكبير الذي حظي به السيسي في المؤتمر. على أية حال، لم تغب قطر تماما، فقد سجل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حضورا لافتا في المؤتمر اختتمه بلقاء حميمي وعناق حار مع جواد ظريف، وزير الخارجية الايراني، غير آبه بما سجلته عدسات الكاميرا أو عيون أعضاء الوفد الأمريكي على الأقل.   دهاء سيرغي لافروف! الحضور الأمريكي كان الأضخم في المؤتمر، متمثلا في نائب الرئيس وابنته ايفانكا وزوجها جاريد كوشنر بجانب أكثر من أربعين عضوا من الكونجرس، جمهوريين وديمقراطيين، قابله حضور روسي متواضع جدا عدديا تمثل بسيرغي لافروف وزير الخارجية وعدد قليل من الشخصيات الروسية، الا أن لافروف تمكن من جذب حضور ضخم في قاعة المؤتمر الرئيسية، لا سيما وأن قضية تردي العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي بعد الغاء معاهدة الصواريخ متوسطة المدى كانت حاضرة بقوة في ندوات المؤتمر. وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف متحدثا خلال مؤتمر ميونيخ لافروف كان ملفتا بهدوئه وخبرته في رد الاتهامات والدفاع عن بلاده مغلفا بعض أجوبته بدهاء وغرور لافتين. ففي إجابة على تساؤل لمراسل الواشنطن بوست حول الاجراءات التي ستقوم بها روسيا لحماية السوريين من بطش نظام الأسد، باعتبار روسيا الآمر الناهي هناك، أجاب لافروف قائلا "بغض النظر عن اجابتي، ستقوم بالنهاية بكتابة ما يحلو لك، افعل ما شئت، ليس لدي إجابة لك".  ميركل نجمة النجوم وايفانكا طريدةعيون الحضور وكاميراتهم  لا يختلف اثنان في أن المستشارة الألمانية ميركل كانت نجمة المؤتمر من خلال خطاب قوي وصريح اعتبره المراقبون من أفضل خطاباتها في الشؤون الدولية، فحصدت تصفيقا حارا لدقائق دوى في قاعة المؤتمر وأروقتها الجانبية التي اكتظت بالحضور من سياسيين وصحفيين، حتى أصبحت امكانية وجود مكان للوقوف أمرا صعبا. ميركل دافعت عن سياستها فيما يتعلق باللاجئين، وعن مشروع أنابيب الغاز الروسي وعن التمسك بالاتفاقية النووية مع ايران، مقدمة الحجة تلو الحجة بكل تصميم واقتناع ودون همز أو لمز. ايفانكا ترامب في حديث مع وزيرة الدفاع الألمانية أرزولا فون دير لاين وعندما عرجت باتجاه سياسات الرئيس الأمريكي ترمب، أسند الحاضرون جلستهم وفتحوا أعينهم وتأكدوا من جاهزية سماعات الترجمة. ميركل افتتحت نقدها لسياسات ترامب بعبارة أضحكت الحاضرين، "نعم، نحن نحب سياراتنا"، ومن لا يحب السيارات الألمانية؟ ربما ترامب الذي يريد فرض رسوم جمركية عالية عليها.. ثم شنت المستشارة هجوما شرسا على سياساته مفندة قراراته ومدى جدواها للاقتصاد الأمريكي. كل ذلك جرى بحضور أكثر من أربعين من أعضاء الكونغرس وبحضور ايفانكا ترامب التي وضعت سماعة الترجمة تحت أذنيها خوفا على تسريحتها، لكنها لم تحرك ساكنا، ولم ترفع عينيها باتجاه المستشارة، ثم غادرت القاعة بعد انتهاء الخطاب لتلاحقها عدسات المصورين الفضوليين والمعجبين في كل زاوية من زوايا الفندق. انتهى المؤتمر، غادر المؤتمرون وبقت أصداء خلافاتهم تتردد بين الجدران. هذا ما تمكنا من تسجيله على الأقل، أما ما جرى خلف الكواليس، في أجنحة الفندق الفاخرة من لقاءات واتفاقات، ربما لن نعرف به قط.    ناصر شروف - ميونيخ

مشاركة :