شاهدنا منذ أيام الضجة المثارة على "السوشيال ميديا" ومواقع التواصل الاجتماعي حول ما جاء على لسان محافظ الوادي الجديد من اقتراح بإلزام المعلمين بزي موحَّد كما هو معمول به في كثير من دول العالم.. فكرة رآها البعض بداية لاحترام وتقدير المعلم وتمييزه عن غيره، بينما سخر منها البعض الآخر، ورأوها مجرد تقليد ظاهري لا علاقة له بـ"لُبّ" العملية التعليمية وتطويرها. والحقيقة أنني أؤيد أيّ فكرة تُعلي من قيمة المعلم وترفع قدره، وتزيد من احترام وتقدير المجتمع بمختلف أطيافه له، فلم نجد دولةً متقدمة في العالم كله إلا وللمعلم فيها مكانة مرموقة وميزات قد تضاهي مكانة الحكام أو كبار رجال الدولة، فإذا نظرنا إلى موقع وأهمية المعلِّم في اليابان على سبيل المثال وجدناه يجيء بعد الإمبراطور مباشرة، وكذلك في كوريا الجنوبية فقد نالت تلك الدولة مكانتها بفضل وضع المعلم في مكانه الصحيح، واهتمامها البالغ به، حيث أسندت له دورًا كبيرًا وبارزًا في المجتمع، واعتبرته وسيلة فاعلة من أجل تطوير المجتمع والنهوض به، فميزته ووضعته في مصافّ الطبقة العليا، وأصبحت منزلته لا تقل عن منزلة "الملك والوالدين"، وفي إندونيسيا يُنظر إلى المعلم نظرة تقدير وإجلال، كما أصبحت مهنة التعليم تُـصنـّف ضمن أكثر ثلاث مهن شديدة الاحترام في المجتمع الإندونيسي، بل وصل بهم الأمر إلى تلقيب المعلم بـ"النبيل".وهنا أسجل اعتراضي على شكل الزي المقترح لمعلمي مدارس الوادي الجديد، وأطالب بتصميم زي "مميز" يليق بأهم مهنة على الأرض، نعم، أتمنى أن يكون هناك زي موحّد للمعلِّم "يليق به"، ويعمم على جميع المدارس، ولا عجب من ذلك، فكل المهن المرموقة يحدد لأصحابها زي مُوحّد يتميزون به عن غيرهم، بل إنني أطالب المسئولين باستحداث "حصانة دبلوماسية" خاصة بالمعلم -إن كان ذلك متاحًا- تقديرا واعترافا بدوره في بناء الأجيال، وتغذية العقول، فدولة تحترم المعلم وتضعه على قمة أولوياتها حَرِيٌّ بها أن تتقدم وتنهض مزاحمة دول العالم في مختلف المجالات.
مشاركة :