فشل مفاوضات الميزانية يثير الشكوك بشأن ريادة الولايات المتحدة للعالم

  • 10/5/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أثار إغلاق مؤسسات الحكومة الأمريكية أبوابها بسبب أزمة الميزانية وفشل الكونجرس في تمرير ميزانية قصيرة الأجل قبل بدء العام المالي الجديد أول تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، شكوكاً حول الرسالة الأمريكية التي تقدمها للعالم. وقد وصف هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ المعارضين الجمهوريين بأنهم "فوضويون"، "وجمهوريو موز" في إشارة إلى جمهوريات الموز، وهو الاسم الذي يطلق على بعض الدويلات والدول الصغيرة غير المستقرة في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية. وبحسب "الألمانية"، فقد تساءلت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف عن ردود الأفعال الدولية إزاء الميزانية، قائلة: إن إغلاق مؤسسات الدولة ينسف الرسالة الأمريكية إلى العالم، وبحسب هارف فإننا نرى بشكل عام الفكرة ولكن هناك شعوب حول العالم لا تفهم لماذا لا نستطيع الآن تشغيل مؤسسات الدولة بصورة منتظمة. إن فكرة إغلاق مؤسسات الدولة مثيرة للارتباك بالنسبة لكثير من الشعوب من وجهة نظري. وأشارت المتحدثة باسم الخارجية إلى حالة سيريلانكا لكي تظهر حجم الفجوة بين الرسالة التي تحاول واشنطن توجيهها للعالم والواقع الفعلي في ضوء أزمة الميزانية، مضيفة أن الولايات المتحدة تحث الحكومة السيريلانكية على ضرورة تبني مبدأ المصالحة والخضوع للمحاسبة وهو أمر نهتم به كثيرا. وتظهر قصاصات الصحف السيريلانكية التي وضعت على مكتب المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية حجم السخط الذي تشعر به شعوب الديمقراطية الصاعدة في العالم وهي ترى الولايات المتحدة عاجزة عن إدارة شؤونها وحل مشكلاتها. وقالت افتتاحية إحدى صحف سريلانكا: "علينا إعادة تغليف النصيحة الأمريكية بشأن الحكم الرشيد وإعادتها للمرسل". وأضافت هارف: إنه حتى الآن لم نكن أبدا على مستوى المعايير التي وضعناها، وسنواصل العمل مع الكونجرس لإيجاد طريق للخروج من الموقف الذي نواجهه، لأن هذا هو أفضل ما يخدم مصالحنا جميعا. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد ألغى جولته الآسيوية التي كان من المقرر أن يقوم بها الأسبوع المقبل بسبب توقف عمل بعض مؤسسات الحكومة الأمريكية، وقال البيت الأبيض في بيان أمس: إنه تم إلغاء سفر الرئيس أوباما إلى إندونيسيا وبروناي. وأوضح أن الرئيس اتخذ هذا القرار بسبب صعوبة المضي قدما في السفر للخارج في ظل حالة الإغلاق الجزئي التي تعانيها الحكومة الأمريكية. وكان من المقرر أن يشارك أوباما في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في جزيرة بالي الإندونيسية من السابع حتى الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ثم قمة اتحاد دول جنوب شرق آسيا "آسيان" من التاسع حتى العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) في بروناي، لكن الرئيس يواجه أزمة في الداخل بعد جمود حول الموازنة في الكونجرس ما أدى إلى توقف عمل بعض المؤسسات الحكومية التي تتلقى تمويلا اتحاديا في وقت سابق من هذا الأسبوع. كما ألغى أوباما الأربعاء الماضي زيارتين إلى ماليزيا والفلبين كانتا ضمن جولته الآسيوية، وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستوفد وزير الخارجية جون كيري لحضور جميع الاجتماعات في جنوب شرق آسيا. وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن الرئيس يتطلع إلى مواصلة عمله مع حلفائنا وشركائنا في آسيا والمحيط الهادئ والعودة إلى المنطقة في وقت لاحق، وحمل البيان الحزب الجمهوري الأمريكي مسؤولية الأزمة حيث أجبروا الحكومة على الإغلاق جزئياً، وأن هذا الإغلاق الذي كان بالإمكان تجنبه بالكامل يحد من قدرتنا على توفير فرص العمل عن طريق الترويج للصادرات الأمريكية ودفع القيادة والمصالح الأمريكية في أكبر منطقة ناشئة في العالم. واتصل أوباما هاتفيا بالرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو صباح أمس للإعراب عن أسفه بشأن إلغاء الزيارة وفقا لما ذكره المتحدث الرئاسي تيكو فايزاسياه، وذكر أن الرئيس الإندونيسي يتفهم الاعتبارات وراء غياب الرئيس أوباما عن قمة أبيك. فيما تأمل الفلبين في تسوية الأزمة قريباً للسماح لأوباما بزيارة المنطقة، وأشار وزير الاتصالات رامون كاراندانج إلى أنه في ضوء أهمية السياسة الأمريكية في المنطقة نأمل إمكانية تسوية القضايا المحلية في واشنطن في أقرب وقت ممكن. وقال رئيس وزراء ماليزيا نجيب رزاق: إنه كان سيعمل نفس الشيء تماما مثل أوباما لو كان قد واجه نفس المشكلة، مضيفاً أن الوضع لا يمكن التنبؤ به أو توقعه. "إنني أتعاطف مع أوباما وأتفهم الموقف، لوكنت مكانه، لكنت قد فعلت نفس الشيء". وبسبب عدم الاتفاق على الميزانية في الكونجرس، لا تزال الإدارت المركزية في الولايات المتحدة مقفلة جزئياً، حيث تم وضع نحو 900 ألف موظف فيدرالي، أي 43 في المائة من عدد الموظفين الإجمالي، في حالة الإجازات غير المدفوعة، ولم يتحقق حتى اللحظة أي تقدم على صعيد المساعي لحل هذا الشلل غير المسبوق في البلاد منذ عام 1996. وصوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه خصوم أوباما الجمهوريون، لمصلحة اعتماد تدابير جزئية ومؤقتة مع تيقنهم من أن مجلس الشيوخ بغالبيته الديموقراطية سيرفضها شأنه في ذلك شأن البيت الأبيض. من جهته، صعد الرئيس الديموقراطي لهجته ضد المحافظين متهما بالاسم رئيس مجلس النواب جون باينر، أبرز محاوريه، بعدم الرغبة في "لجم المتطرفين في حزبه". وقال الرئيس الأمريكي خلال مداخلة عالية النبرة في مؤسسة صغيرة في روكفيل في ولاية ميريلاند شرق قرب العاصمة الفيدرالية واشنطن "صوتوا لمصلحة إقرار موازنة، أوقفوا هذه المهزلة وأنهوا هذا الشلل". ويرفض النواب الجمهوريون المعارضون لإصلاح نظام التأمين الصحي الذي تقدم به أوباما في عام 2010 الذي دخل جزء مهم منه حيز التنفيذ الثلاثاء، التصويت على ميزانية لن تلغي التمويل، كما هدد النواب بربط هذه المسألة بموضوع رفع سقف المديونية، وهو ما يتعين القيام به قبل 17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وإذا لم يعط الكونجرس موافقته، يمكن للولايات المتحدة أن تتخلف عن سداد مستحقاتها اعتبارا من هذا التاريخ، وهو وضع غير مسبوق جددت وزارة الخزانة التحذير من "تخلف كارثي عن السداد"، مشيرة إلى أن سوق القروض يمكن أن تتجمد، وقيمة الدولار يمكن أن تنراجع بقوة، ومعدلات الفوائد الأمريكية يمكن أن تسجل ارتفاعا كبيرا ما سيؤدي لأزمة مالية وانكماش يذكران بأحداث عام 2008، وربما أسوأ". كذلك رفع وزير المال جاكوب ليو حدة التحذيرات مؤكدا في مقابلة تلفزيونية أنه سيكون من "الخطير" الاعتقاد أنه ستتبقى "أموال في الأدراج" لتأمين حسن سير إدارات الدولة من دون زيادة القدرة على الاقتراض للبلاد. بدوره، أبدى وزير المال الياباني تاسو أسو قلقه من التأثير المحتمل لهذا المأزق المالي الأمريكي في الاقتصاد العالمي وسوق العملات، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم حل هذه المسألة بسرعة، فستكون هناك تداعيات مختلفة على التركيبة الاقتصادية العالمية. وينتوي أوباما - بحسب المتحدث باسم البيت الأبيض - مواصلة حث الجمهوريين على السماح بتصويت في الكونجرس من أجل الانتهاء من شلل الدولة، ومن المقرر أن يلتئم مجلس الشيوخ الأمريكي طوال نهاية الأسبوع، بحسب زعيم الأغلبية الديموقراطية هاري ريد.

مشاركة :