اتفقت السعودية وباكستان على إنشاء مجلس تنسيق مشترك رفيع المستوى بينهما، يرأسه من الجـــانب السعـــودي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ومن الجانب الباكستاني رئيس الوزراء الباكستاني، لتطوير العلاقات الثنائية وجعلها علاقات مؤسساتية في مختلف المجالات والدفع بها إلى آفاق أرحب. وأكد الجانبان، خلال بيان مشترك صدر أمس في ختام زيارة ولي العهد لباكستان، على العلاقات التاريخية العريقة بين السعودية وباكستان، وأثنى عمران خان رئيس الوزراء على الدور القيادي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وما تقوم به حكومته الرشيدة وتقدمه من خدمات لملايين الحجاج الذين يزورون الحرمين الشريفين كل عام، كما أشاد بقيادة ولي العهد لكثير من الملفات التنموية والاستثمارية التي من شأنها الدفع بالمملكة إلى التقدم والازدهار السريع، في ظل "رؤيتها 2030" التي تهدف إلى وضع المملكة على طريق التطور في شتى المجالات. وأشاد الأمير محمد بن سلمان برؤية رئيس الوزراء عمران خان لتحويل باكستان إلى دولة رفاهية بناء على الأسس الاقتصادية والاجتماعية الإسلامية، وأكد له دعم المملكة المستمر. وخلال المناقشات رفيعة المستوى بين الجانبين، أشادا بالزخم الحالي في علاقاتهما الثنائية في جميع مجالات التعاون، وأجريا مناقشات واسعة النطاق في جو ودي، وأعربا عن ارتياحهما لتعزيز الاتصالات على مستوى القيادة بين البلدين. وعبر الجانب الباكستاني عن تقديره للدور القيادي والإيجابي للمملكة في حل القضايا التي تواجهها الأمة الإسلامية على مستوى العالم، كما أثنى الجانب السعودي على مواقف باكستان المهمة في العالم الإسلامي ومساعيها من أجل السلام والأمن الإقليمي والعالمي. وأكد الطرفان رضاهما عن متانة العلاقات العسكرية والأمنية، واتفقا على مزيد من التعاون في الميدان لتحقيق الأهداف المشتركة. وجددت السعودية وباكستان التزامهما بمواصلة مكافحة التطرف والإرهاب، وأعربتا عن تقديرهما العميق لما يحققه الجانبان من إنجازات وتضحيات في الحرب ضد الإرهاب، مشيدة بالشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل التصدي لهذه الآفة الخطيرة مطالبين المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته حيال تضافر كافة الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب الدولي. وشددا على الحاجة إلى تجنب تسييس نظام التصنيف في الأمم المتحدة. وأعرب الجانبان عن أملهما في تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، التي تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطين المستقلة القابلة للبقاء والاستقرار، على أساس المعايير المتفق عليها دوليا في حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف. وخلال المباحثات الرسمية التي جرت في إسلام أباد، أثنى ولي العهد على انفتاح رئيس الوزراء الباكستاني على الحوار مع الهند وافتتاح نقطة عبور كارتاربور، وبالجهود التي يبذلها الجانبان، مؤكدا أن الحوار هو السبيل الوحيد لضمان السلام والاستقرار في المنطقة وحل القضايا العالقة. واتفق الجانبان على أهمية تعزيز السلام والاستقرار في أفغانستان، حتى يتمكن ملايين اللاجئين الأفغان في الدول المجاورة من العودة إلى بلادهم، والمساهمة في تنميتها وتحقيق السلام الدائم فيها. وأثنى الجانب السعودي على الاستضافة السخية التي قامت بها باكستان لملايين اللاجئين الأفغان، كما أثنى على المبادرات الباكستانية الأخرى في السياق الأفغاني. وفي إطار الارتقاء بالعلاقات الثنائية في شتى المجالات، قرر البلدان الشقيقان إنشاء مجلس تنسيق مشترك رفيع المستوى بين السعودية وباكستان، يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد، ومن الجانب الباكستاني رئيس الوزراء الباكستاني، لتطوير العلاقات الثنائية وجعلها علاقات مؤسساتية في مختلف المجالات والدفع بها إلى آفاق أرحب، وأن يعقد اجتماعه بالتناوب بين البلدين. واتفق الجانبان على الاستفادة من جميع القنوات المتاحة لتعزيز التجارة الثنائية والاستثمار وتشجيع التواصل بين الشعبين وبين رجال الأعمال، وأن تعمل اللجنة المشتركة المعنية بالتجارة والتبادل التجاري، التي أصبحت الآن جزءا من مجلس التنسيق السعودي ــ الباكستاني على تيسير التجارة الثنائية في قطاعات ومنتجات محددة. واتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التدابير لتشجيع التجارة والمشاركة في المعارض والفعاليات، ورحبا باللقاءات بين رجال الأعمال من كلا البلدين، وشجعا القطاع الخاص على أخذ زمام المبادرة في بناء شراكة اقتصادية قوية بين البلدين الشقيقين. وفي معرض تأكيدهما على العلاقات الاقتصادية المتنامية، شهد كل من ولي العهد ودولة رئيس الوزراء الباكستاني توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بلغ مجموع الفرص الاستثمارية الناتجة عنها ما يتجاوز 20 مليار دولار، التي ستسهم في زيادة الاستثمارات البينية وحجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. وأعرب الجانب السعودي عن تقديره للمبادرات التي اتخذتها حكومة باكستان لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية في البلاد وتيسير الاستثمار الأجنبي المباشر في باكستان. ودعا دولة رئيس الوزراء، المملكة العربية السعودية لتكون شريكة في النمو الاقتصادي والتنمية في باكستان. كما أشاد ولي العهد بجهود رئيس الوزراء عمران خان لتطوير البنية الاقتصادية والاجتماعية في باكستان، وأكد إمكانيات الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني الذي سيسهم في التنمية والازدهار في المنطقة. ودعا البلدان إلى تعزيز الحوار والاحترام والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة لتعزيز السلام والوئام بين الأديان، وأكدا إدانتهما بشدة للفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم. وفي نهاية الزيارة قدم ولي العهد جزيل شكره إلى رئيس الوزراء الباكستاني على ما لقيه والوفد المرافق له من كرم ضيافة ومشاعر أخوية ليست مستغربة على باكستان والباكستانيين. من جهته أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عن أطيب تمنياته بالصحة والعافية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أمل أن يزور باكستان في المستقبل القريب.
مشاركة :