.3تأثير ضغط يجعله غير قادر على التفكير السليم أو التصرف بحكمة، لقد احترنا إلى من نوجه غضبنا إلى أنفسنا أم إلى الغير أم إلى الاثنين معا؟! الحل الأمثل أن نطرق الأبواب إلى أن يُصغى إلينا ولا نستسلم لليأس والأهم من ذلك للإحباط والغضب، خاصة إن كنا مسؤولين عن أجيال وضعت أمانة بين أيدينا، وأي تشتيت قد يتسبب في أن نبخس حقهم ولا نقدم أفضل ما لدينا. بالأمس كنت أتحدث مع إحدى الزميلات عن حالنا في كلية التربية وحيرتنا فيما يجري من حولنا ونحن لا نستطيع فعل شيء، لأن صوتنا على ما يبدو صعد وينتظر أذنا صاغية! ولكن ما جعلني فعلا أغلي من الغضب حين أضافت زميلتي للحديث معلومة، كنت أتحاشى التفكير بها رغم إصرار العقل الباطني على التجاهل والإنكار، أن البعض كانوا وما زالوا ينظرون لنا- كليات التربية طالبات ومنسوبات- نظرة دونية، وأنه حين تم دمجنا مع جامعة الملك عبدالعزيز، لم يُستقبل القرار بالترحيب بل عدونا حملا ثقيلا، بل منهم من قدم اعتراضا على ذلك! كنت أسمع بأذني التعليقات السلبية وأتجاهلها ليس لأنني لم أكن قادرة على الرد ولكن لعدم رغبتي بالنزول إلى هذا المستوى من الفكر والحوار، ولكن أن يصل الأمر لأن ينظر إلينا على أننا "مخلفات رئاسة"، هنا خط أحمر تم تجاوزه! إن الرئاسة العامة لتعليم البنات بكل السلبيات والإيجابيات، كانت وستظل جزءا هاما من تاريخ تعليم الفتاة في مملكتنا، شاء من شاء وأبى من أبى! لقد قامت وعلى مدى عقود من الزمن بتخريج دفعات دخلت الجامعات وتخرجت بتخصصات عديدة، ومن يتعالى عليها عليه أن يجيب عن التالي: من أي مدارس وأي مناهج تخرج قبل أن يدرس في جامعات المملكة أو يبتعث للخارج؟ من أي مدارس وأي مناهج تخرجت كل القيادات النسائية والعالمات والطبيبات والتربويات؟ إن الرئاسة العامة لتعليم البنات قدمت الكثير وما زالت تقدم لأنها كانت الأساس، ومن ينسى ويتعالى على تاريخه ليس سوى جاهل لا أكثر ولا أقل، ولا يحق له أن يكون في موضع مسؤولية طالما يحمل هذا التفكير العنصري، لأن من يمارس العنصرية في موقع سيمارسها بالتأكيد في مواقع أخرى! لكن للأسف هذا الفكر كان له تأثير، حيث تم شطب أربعين عاما من تاريخ كليات التربية بالمملكة، حين حولت إحدى الكليات التابعة لهذا التاريخ إلى كلية ناشئة تحت جامعة ناشئة لن يكون لها استقلالية إلا بعد عدة سنوات، بمعنى أنها ستبقى تحت مظلة جامعة الملك عبدالعزيز التي تشير دلائل القرارات إلى أنها لم تتقبلها وفضلت إزاحتها لإنشاء كلية تربية خاصة بها! وليكتمل مشهد الإحباط سيتم تكليف وإيفاد أكاديميات من الجامعة، طبعا من أجل الإدارة والتطوير! كنا نحلم يوما بأن تحول كليات التربية بجدة إلى جامعة للعلوم التربوية، كما وُعِدنا من القيادات الأكاديمية عند بدء البناء بمجمع الفيصلية، كنا نحلم بتطوير هذه الجامعة لتصبح نواة العلوم التربوية ليس فقط على مستوى المملكة بل على مستوى الإقليم ومنه ننطلق للعالمية، وكان نجاح وانطلاق جامعة الأميرة نورة يعطينا الأمل لأن نواتها كانت كليات التربية في الرياض، الكادر نفسه والقدرات، المناهج نفسها والمرجعية والتاريخ، لكن.. هن أعطين الفرصة ونحن حُرمنا منها! تم قص أجنحتنا، سحبت أقسام وتم ضمها لكليات العلوم والعلوم الإنسانية، ثم ضُم قسم التربية إلى كلية المتوسطة للبنين تحت مظلة واحدة بمسمى كلية التربية، وأُخرجنا من المجمع الذي كان سيحوي جامعتنا المرتقبة إلى مكان يصلح لأن يكون مدرسة لا كلية! وسحبت منا الصلاحيات والبرامج التي ما لبثت أن ظهرت في مكان آخر في الجامعة! بعدما كانت لنا استقلالية في العديد من الشؤون الأكاديمية والإدارية، وبعد ما كان لدينا رئيسات أقسام وعميدات أصبح لدينا مشرفات أقسام ووكيلة! للأسف يجب أن نعترف هنا بأنه لم يكن لدينا قيادات أكاديمية قوية تقف بوجه العاصفة من البداية وتدافع عن حقوقنا! لم نعد نعلم هل نحن تحت مظلة عميدة شطر الطالبات أم تحت كلية التربية للبنين أم تحت الهيكلة الإدارية لقسم البنين في الجامعة من رئيس ووكلاء! تعاميم من هنا وقرارات من هناك، والمطلوب منا خلال كل هذا أن ننجز! هنا أقول لمعالي وزير التعليم، إن أردت أن تتعرف على حال كليات التربية، التي تعد نواة التعليم، كلية التربية بجدة أفضل مكان لتبدأ منه، بقية كليات التربية تم استيعابها من قبل الجامعات التي ضُمت إليها، أما كلية التربية بجدة، التي قامت وعلى مدار أربعين عاما بضخ الكادر التعليمي لمنطقة جدة، سلب تاريخها وتحولت إلى كلية ناشئة لتأخذ مكانها كلية ناشئة! هل هنالك مكان أفضل للبدء منه يا معالي الوزير؟ نعم نحن مع التطوير، بل نحن من نادى به من خلال مشاركتنا في مشروع الملك عبدالله – رحمه الله - لتطوير التعليم الجامعي، ولكننا ضد التخبط والازدواجية والهدر والقرارات المحبطة! لقد جعلونا نشعر وكأننا بيادق على رقعة شطرنج، ليس لنا رأي أو دور!
مشاركة :