تمتد صحراء النقب، أقصى جنوب الأراضي الفلسطينية، على مساحات شاسعة تبلغ 14 ألف كيلومتر مربع، ويقطنها 300 ألف فلسطيني، يعيشون في تجمعات بدوية منتشرة في نواحي المنطقة، التي تصنفها إسرائيل بقرى معترف بها، وهي أشبه بتجمعات سكنية تعاني قلة الميزانيات ونقص الخدمات التي تقدمها لها، أما الشق الآخر فهي قرى لا تعترف بها دولة الاحتلال، ووفقاً لذلك لا تمدها بالخدمات الأساسية من خطوط الكهرباء والمياه، ومسطحات البناء والمواصلات، الأمر الذي يجعل تلك المناطق تعيش ظروفاً مأساوية. أوضاع بائسة الأوضاع الشديدة البؤس، التي تتعرض لها التجمعات البدوية غير المعترف بها إسرائيلياً، لم تكن هي عنوان المعاناة الأبرز لدى الأهالي، ليواجهوا خطر التهجير والاقتلاع القسري من أراضيهم مرة أخرى، فقد أعلنت سلطة تطوير وإسكان البدو في النقب، التابعة لحكومة الاحتلال، أخيراً، عن خطة لنقل 36 ألف بدوي، يعيشون في قرى غير معترف بها بصحراء النقب، بهدف توسيع مناطق التدريب العسكري، وتنفيذ مشروعات اقتصادية، بدلاً من المنازل والمناطق التي يقيمون بها حالياً. وحسب المخطط، الذي أعده وزير الزراعة وتطوير النقب في الحكومة الإسرائيلية، أوري أريئيل، والذي نقلته جريدة «إسرائيل اليوم»، فإن المشروع سينفذ خلال العام الجاري، من شمال شارع 31 الاستيطاني، وينتهي خلال أربع سنوات، لتصبح التجمعات البدوية مناطق إسرائيلية خالية من الوجود البدوي. نكبة متجددة يقول النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة بالكنيست الإسرائيلي، جمعة زبارقة، لـ«الإمارات اليوم»، إن «مخطط الوزير اليميني المتطرف أوري أريئيل، الهادف إلى تهجير أكثر من 36 ألف مواطن عربي من النقب، يعد أكبر مشروع مصادرة تشهده النقب منذ نكبة عام 1948، وقد اختار الوزير هذا التوقيت للإعلان عن المخطط لإبراز إنجازات خاصة به، وذلك لاستجداء المصوتين وكسب نقاط سياسية انتخابية داخل الكنيست، من خلال المفاخرة بهدم البيوت العربية». ويضيف أن «إسرائيل وفق خطة مشروعها الجديد في صحراء النقب، ستهجر 36 ألف بدوي، يقطنون في التجمعات البدوية التي لا تعترف بها، ولا تقدم لها الخدمات الأساسية، وعددها 51 تجمعاً، حيث سيبدأ بشق وتوسعة شارع (6) الاستيطاني والمسمى عابر النقب، الذي سيوجد من قرية السقاطي، ويمر عبر قرى بير الحمام، وخشم زنة، وصويوين، ووادي أم شاش، لينتهي عند بلدة نياطيم، وجميعها غير معترف بها». ويشير النائب زبارقة، ممثل أهالي صحراء النقب، إلى أن السلطات الإسرائيلية ستنقل أهالي التجمعات، التي ستصادر أراضيها لصالح المشروع الجديد، إلى قرى تل السبع وأبوتلول وأم بطين في النقب، لافتاً إلى أن تلك المناطق تعاني نقصاً كاملاً بخطوط المواصلات، وشبكات الكهرباء والمياه، وتنعدم فيها كل مقومات الحياة. ويلفت إلى أن إسرائيل، بعد تهجير أهالي قرى النقب، والسيطرة على جميع أراضيهم، ستنقل مصنعاً للصناعات العسكرية إلى النقب، إلى جانب مد خط ضغط عالٍ لشركة الكهرباء على مساحة 50 ألف دونم. وستقيم إسرائيل، بحسب زبارقة، منطقة عسكرية مغلقة لجيشها، في إطار توسعة تجمع رمات بيكع العسكري المقام في النقب، ومواقع أخرى، على حساب أراضي أهالي النقب، الذين سيتم تهجيرهم ونقلهم. سياسة تمييز مشروع سلطة تطوير وإسكان البدو في النقب الإسرائيلية الجديد، ناقضته جمعيات حقوقية في الداخل المحتل، فقد حذر المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة) من خطورته، والمتمثلة بنقل قسري كبير للمواطنين البدو. وتقول مديرة وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مركز عدالة، سوسن زهر، إن «المشروع الإسرائيلي الجديد لإنشاء معسكرات للجيش، وإقامة مناطق صناعية، هو تأكيد واضح على أن إسرائيل تنتهج سياسة تمييز واسعة وبشكل واضح ضد العرب في النقب، وتنظر إليهم بالعقبة التي تجب إزالتها من المشهد، من أجل تمهيد الطريق للاستيطان اليهودي». وتضيف أن «إسرائيل ستنقل 36 ألف بدوي من القرى التي ستسيطر عليها، إلى بلدات أكثر فقراً في النقب، وهذا يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق المواطنين بموجب القانون الإسرائيلي والقانون الدولي، بما في ذلك الحق في الملكية والكرامة والمساواة والسكن الملائم وحرية اختيار محل الإقامة». وتشير إلى أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أثار مخاوف جدية بشأن عمليات الهدم الإسرائيلية، وعمليات الإخلاء القسري، وتشريد المواطنين البدو في إسرائيل، الذين يعيشون في النقب. يأتي مشروع سلطة وتطوير وإسكان البدو في النقب، التابع للحكومة الإسرائيلية، بهدف تهجير البدو، ونقلهم من الأراضي التي يقطنون بها منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير بعددها الصادر يوم 11 فبراير الجاري، عن تضاعف عمليات الهدم في التجمعات البدوية الفلسطينية ثلاثة أضعاف، خلال عام 2018، والذي شهد هدم 2326 منزلاً. وبحسب التقرير، الذي يعتمد على أرقام لوزارة الأمن العام الإسرائيلي، فقد هدمت السلطات الإسرائيلية 262 مبنى، فيما أجبرت أصحاب 2064 منزلاً على هدم منازلهم بأنفسهم. • صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تقريراً في 11 فبراير الجاري، عن تضاعف عمليات الهدم في التجمعات البدوية الفلسطينية ثلاثة أضعاف خلال عام 2018، الذي شهد هدم 2326 منزلاً.طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :