ارسل مركز أبحاث أمريكي إنذارا عاجلا لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مخاطر ارتباط متصاعد بين ميلشيا حزب الله اللبنانية وجماعات الجريمة المنظمة في أمريكا الجنوبية وتحديدا باراجواي. وحذر المركز الأمريكي من أن اتصال الطرفين وارتباطهما ببعض، يُحتم على واشنطن اتخاذ زمام المواجهة؛ للحيلولة دون توفير ملاذ آمن للإرهابيين في أمريكا اللاتينية. وقلت دراسة أجرتها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، أن باراجواي صارت “جنة” للإرهابيين، خصوصا ميلشيا حزب الله اللبنانية التي صنفتها وزارة العدل الأمريكية العام الماضي بأنها جماعة إرهابية. وعملت ميليشيا حزب الله اللبناني عبر عملائها في أمريكا الجنوبية على تدشين شراكة خلال الفترة السابقة مع عصابات المخدرات في تشكيل نقطة ارتكاز لعملياتها في نصف الكرة الغربي، بحسب الدراسة. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد رصدت فى الفترة الأخيرة توسعا ملحوظا لعمليات حزب الله في المنطقة الحدودية الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي، بعد أن أصبحت المنطقة ملاذا لجميع أنواع الجريمة المنظمة من تمويل للإرهاب وغسل الأموال والاتجار بالمخدرات، فإن القائمة اتسعت لتشمل أنشطة مشبوهة لعملاء حزب الله في المنطقة أيضا. ونوهت الدراسة الأمريكية الى أن الأرجنتين والبرازيل أظهرتا استعدادا متزايدا لاتخاذ إجراءات ضد عملاء حزب الله؛ لكن باراجواي لم تتخذ الاتجاه نفسه، ما جعل عناصره ينقلون أنشطهم إليها. وبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطالباً بالضغط على رئيس باراجواي ماريو عبدو بينيتيز الذي تولى السلطة منذ أغسطس الماضي؛ لتغيير سياسة بلاده تجاه حزب الله الإرهاب، مؤكدة أن رئيس باراجواي بدا متحمسا للتعامل الإيجابي مع متطلبات الأمن القومي الأمريكي؛ لكن لا تزال إدارته تعاني من مشكلات لم يستطع أسلافه التغلب عليها. ومن المنتظر أن تتولى فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية لمكافحة الإرهاب وهي منظمة حكومية دولية القيام خلال العام الحالي بتقييم النظام المالي في باراجواي ومدى قدرته على مكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ويتوقع انضمام باراجواي إلى القائمة السوداء لعدم وفاء نظامها المالي بمتطلبات مواجهة تمويل الإرهاب مثلها مثل إيران وكوريا الشمالية، وذلك في حال عدم تقدمها في هذا الملف، ما يعني أن هذا البلد اللاتيني سيواجه قيودا مرهقة قد تعوق التجارة والاستثمار. وعلى الرغم من أن باراجواي تجهز الآن حزمة تشريعية لتحسين نظام مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لديها، إلا أن التحدي الرئيسي يبقي هو التنفيذ؛ حيث تعلم العاصمة الباراجوية (أسونسيون) منذ فترة طويلة أنها تحتاج إلى تحسين نظامها المالي، والآن يجب أن تفعل ذلك أو مواجهة العواقب. وعلى عكس الحكومات الأمريكية السابقة، أبدت إدارة الرئيس الأمريكي الحالية اهتماما بباراجواي؛ حيث كان هذا البلد أول محطة لمسؤول أمريكي كبير لأمريكا اللاتينية بعد انتخاب ترامب مباشرة، وفقا لما أوضحته الدراسة.وفي الوقت الذي لا تزال العديد من مناصب سفراء واشنطن لدى دول أمريكا اللاتينية شاغرة، فعين البيت الأبيض بسرعة دبلوماسيا مهنيا رفيع المستوى ليكون مبعوثا أمريكيا في أسونسيون. كما زار مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية لهذا البلد الشهر الماضي؛ لإيصال رسالة واضحة: “أن أولئك الذين يمولون الإرهاب وغسل الأموال للجريمة المنظمة سيتحملون ثمنا باهظا، وعلى باراجواي القيام بدورها”. ووفقا للدراسة، فإنه رغم الرغبة المعلنة من جانب باراجواي للعمل مع الولايات المتحدة، فقد سعى قادة هذا البلد اللاتيني إلى التقليل من شأن تهديد وجود حزب الله في بلادهم، حيث أعرب وزير الخارجية لويس جليوني عن شكوكه حيال تهديدات الميليشيا الإرهابية، وطلب علنا أدلة الإدارة الأمريكية. وحذّرت الدراسة من أن رئيس باراجواي يسعى إلى تسويق بلده كملاذ ضريبي؛ حيث تباهى بمعدلات ضرائبه المنخفضة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2019 بسويسرا. حينها، قال الرئيس ماريو عبدو إن بلاده “جنّة مالية للمستثمرين”، ووفقا للدراسة فهو على حق؛ حيث تتلاءم باراجواي مع تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كملاذ ضريبي. فالبلد اللاتيني يفرض ضرائب منخفضة أو معدومة، وتستخدمه الشركات لتفادي الضرائب التي ستكون مستحقة الدفع في بلد آخر. لكن المسؤولين في باراجواي نسوا أن عدم التبادل الفعال للمعلومات، وعدم الشفافية في تنفيذ الأحكام التشريعية أو القانونية أو الإدارية، ليست مزايا استثمارية إنما حسابات آمنة للإرهابيين، بحسب ما أكدت عليه الدراسة. وأرجعت الدراسة الأمريكية انتشار شبكات تمويل حزب الله غير المشروعة في المثلث الحدودي اللاتيني إلى أن باراجواي تفتقر إلى الشفافية، حيث لا يمكن الوصول إلى المعلومات المتعلقة بملكية الشركات عمليا، إضافة إلى أن الفساد مستشر.
مشاركة :