العلاقات بين البلدين تجاوزت مرحلة «الشراكة الاستراتيجية»

  • 2/20/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكون مجرد صدفة تاريخية أن تتزامن زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الهند، مع زيارة قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (كان حينها وزيراً للدفاع) إلى نيودلهي، ولكن بقارق سبعة أعوام. قال خادم الحرمين يومها مخاطباً وزير الدفاع الهندي والمسؤولين الهنود الذين التقاهم، إن «العلاقات السعودية – الهندية لها جذور عميقة بدأت منذ الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سعود إلى بلدكم العزيز»، مضيفاً «شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى بلدكم الصديق في شهر كانون الثاني (يناير) من العام 2006، قفزة نوعية في دعم مسيرة التعاون بين البلدين الصديقين وتعزيز الشراكة في إطار المصلحة المشتركة والعلاقات الوثيقة التي تجمع بين بلدينا، حيث توجت بتوقيع عدة اتفاقات كان لها الأثر الكبير في ارتقاء هذه العلاقات وتناميها، وما اجتماع اللجنة السعودية – الهندية المشتركة في الشهر الماضي إلا دليلاً على الرغبة الأكيدة بالاستمرار في تنامي هذه العلاقات والبناء عليها لمصلحة بلدينا الصديقين». والعلاقات بين الرياض ونيودلهي أقدم من ذلك بكثير، فعندما قام مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز بإعلان توحيد البلاد عام 1932، أثنى رئيس الوزراء الهندي الأول جواهر لال نهرو على الملك عبدالعزيز، مشيداً بشجاعته وحنكته السياسية في توحيد الجزيرة العربية. وفي أيار (مايو) 1955، قام ولي العهد الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، الذي كان يتولى أيضاً منصب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، بزيارة نيودلهي ليضع أسس العلاقات الثنائية في فترة ما بعد الحرب العالمية. بعدها بوقت قصير، قام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود بزيارة إلى الهند دامت 17 يوماً، وكانت أول زيارة على مستوى رئيس دولة من البلدين إلى الآخر. وعندما زار رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو المملكة عام 1956، لقي استقبالاً حاراً. واستقبلت المملكة طوال العقود الماضية قادة الهند، منهم رئيس الوزراء الهندي الأسبق مانموهان سينغ الذي قام بزيارة رسمية هامة إلى المملكة في شباط (فبراير) 2010، وخلالها وقع والملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز على «إعلان الرياض» الذي رفع مستوى العلاقات بين البلدين. وتقيم المملكة علاقات اقتصادية حيوية مع الهند، التي تعتمد في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج السعودية، فهي تحصل على أكثر من 30 في المئة من حاجاتها البترولية من المملكة. وتتجاوز قيمة التجارة الثنائية 43 بليون دولار، وتغطي مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك خدمات الإدارة والاستشارات، ومشاريع البناء، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والمستحضرات الصيدلانية، وغيرها. وهناك الكثير من المشاريع الهندية – السعودية المشتركة، والشركات السعودية العاملة في الهند في قطاعات عدة، مثل صناعة الورق، والكيماويات، وبرامج الكمبيوتر وغيرها. وتحرص المملكة على تمتين هذه العلاقة، فالهند عملاق اقتصادي جديد في العالم، فضلاً عن تكوينها السكاني الدقيق والمعقد والغني، بحاجة ماسة لضمان الاستقرار والسلام، وهذا جوهر السياسة السعودية، التي يهمها تجذير الاستقرار إقليمياً من أجل تعزيز اقتصادها. وقال الدكتور عبدالله المدني، المتخصص في الشأن الهندي، في تصريح سابق: «تعد السعودية الشريك التجاري الرابع للهند»، مضيفاً: «تحول الوجود الهندي من مجرد قوى عاملة إلى شركات ومؤسسات هندية تتعاون مع الشركات الوطنية وتتنافس مع كبريات الشركات العالمية في تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية. فهناك حوالى 500 مشروع مشترك، ولا سيما في الطاقة». وقررت المملكة أخيراً، مضاعفة مبيعاتها من النفط إلى الهند، للتعويض شركات هندية توقفت عن استيراد الخام الإيراني. فيما اختارت «أرامكو السعودية» شركة «لارسن آند توربو» الهندية، لتنفيذ مشاريع بحوالى 300 مليون دولار في المملكة. بدوره، قال مدير مركز الدراسات الإسلامية في نيودلهي الدكتور ذِكْرُ الرحمن: «ازدهرت حركة التجارة بين الدولتين، وكذلك الاستثمارات الهندية في السعودية، إذ يعمل حوالى ثلاثة ملايين هندي، ما يجعلهم أكبر جالية في المملكة، كما أن هناك تبادلاً ثقافياً مهماً، يرجع إلى حقيقة مفادها أن الهند لديها ثاني أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، وكثيرون منهم مهتمون في السعودية باعتبارها راعية الحرمين الشريفين». وإذا كان البلدان أعلنا عام 2010، عندما زار رئيس وزراء الهند الأسبق مانموهان سنج المملكة، تحويل العلاقة إلى «شراكة استراتيجية عميقة»، فإن وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، ألمح قبل سنوات عندما التقى رئيس الوزراء ناريندرا مودي في نيودلهي قبيل زيارة قام بها لاحقاً إلى السعودية، أن المملكة تريد أن ترتقي بالعلاقات لما وراء الشراكة الاستراتيجية الحالية، وأن زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى المملكة، ستمهد الطريق لمزيد من جهود التعاون، وستكون «نقطة تحول» في الروابط بين الدولتين. من جانبه، أعرب رئيس وزراء الهند عن ثقته في أن زيارته إلى المملكة ستعطي الفرصة لرفع مستوى الشراكة الاستراتيجية الثنائية إلى مستوى أعلى.

مشاركة :