القاهرة - في مجموعته القصصية الجديدة (أخت روحي) يمزج الكاتب والباحث المصري عمار علي حسن بين الواقع البائس والخيال الجامح فينسج عالما يتحرك فيه مقهورون وخائفون وأيضا حالمون ومغامرون في بحر الحياة. والمجموعة الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية في 143 صفحة هي السابعة في رصيد حسن، وتضم 14 قصة بينها ما نشر في الصحف سابقا والبعض الآخر جديد. وللمؤلف أيضا عشر روايات وعدة أعمال بحثية. تدور القصص بين الريف والمدينة متراوحة بين قصص مكثفة تتهادى في مشهد أو موقف وأخرى مطولة تضغط في سطورها ما يمكن إن طال أن يشكل رواية كاملة. وتأتي قصة (أخت روحي) بمثابة أيقونة العمل الجديد لتستحق عن جدارة أن تكون عنوان المجموعة القصصية إذ تحمل شحنة عاطفية غير مألوفة في السرد العربي عن علاقة الأخ والأخت. تبدأ القصة في شقة وداد التي عثر الجيران على جثتها متعفنة بعد أيام من وفاتها وحيدة، وحين يصل الأخ تتداعى الذكريات بدءا من أيام طفولتهما في بيت الأب ووفاة أمهما ثم قدوم زوجة الأب. يتذكر الأخ كل ما عانته وداد من عذاب على يد زوجة الأب والذي اكتمل بتزويج الفتاة الصغيرة من رجل أذاقها الشقاء والألم فما كان منها إلا أن انتفضت وتمردت بعد أن نضجت بين ليلة وضحاها فحصلت على الطلاق وآثرت العيش وحيدة حتى آخر العمر. ورغم تسليط الضوء على ما تعانيه المرأة من بؤس وقهر في المجتمع يكشف المؤلف عن جانب آخر من القهر الاجتماعي تمارسه الجماعة على الفرد إذ يعلم الأب كل ما يجري لابنته لكنه يعجز عن التدخل أو تطليق الزوجة خوفا من مجتمع لا يعرف سوى الفحولة مقياسا للرجولة. قصة أخرى جديرة بالالتفات في المجموعة القصصية جاءت بعنوان (موظف عام) تتحدث عن القهر والصبر وتجسد المعنى الحرفي لمقولة "الموت كمدا". تدور القصة حول موظف شريف يحلم بواقع أفضل ويحاول التصدي للفساد والإهمال في المطحن الذي يعمل فيه لكنه لا يلقى سوى التنكيل والعقاب من مديريه فيصاب تدريجيا بالسكري ثم الضغط ثم الفشل الكلوي ورغم ذلك يأبى أن يعتذر أو يتزلف لأحد من أجل أن يستعيد مكانته في العمل. وفي لحظة يأس يعبر الموظف عما يجول بخاطره قائلا "كنت أقاوم حيرة شديدة تضعني على حافة الخبل حين أمعن التفكير في حالي، فأنا الذي أقاوم الفساد وسوء الإدارة أعيش في كمد، وتسكن الأمراض جسدي، بينما اللصوص المتعاقبون الذين حاصروني يهزون الأرض من فرط العافية، وتجلجل ضحكاتهم في أركان المكاتب الفارهة". لكن المؤلف ينتصر لصاحب الضمير الحي في نهاية المطاف في مواجهة أعباء الحياة الشخصية وضغوط العمل، فهو وإن لم يستطع دحر الفساد واجتثاثه قد نجح في الحفاظ على مبادئه ولم يتزحزح عنها حتى إحالته للتقاعد.
مشاركة :