على وقع الخسائر الميدانية التي مُني بها تنظيم داعش المتشدّد، وانحساره في مساحة جغرافية لا تتجاوز نصف كيلومتر مربع، في قرية الباغوز الواقعة أقصى شرق سوريا، لا يزال مصير المختطفين والرهائن «صندوقاً أسود» مغلقاً.رجال دين وصحافيون وعمال إغاثة وأطباء وممرضون، الكثير من الأسماء التي اختفت خلال سنوات سيطرة عناصر التنظيم على مساحات شاسعة في كل من سوريا والعراق المجاور، كانت تعادل مساحتها مساحة بريطانيا، لكنه حتى اليوم لا يزال مصير هؤلاء غير معروف.وقال لـ«الشرق الأوسط» عدنان عفريني المسؤول العسكري في «قوات سوريا الديمقراطية»: «لا تتوفر لدينا أي معلومات حتى تاريخه حول مصير هؤلاء»، وبعد تحرير مدن وبلدات السوسة والشعفة وهجين وجزء كبير من قرية الباغوز والتي تعد آخر معاقل التنظيم، عمدَ عناصر داعش إلى محو كل الأدلة والمعلومات حول مصير هؤلاء، بحسب عفريني، وأضاف: «كان يقوم بحرق وتلبين أو دهان مقراته وسجونه السرية، لعدم معرفة شيء عنهم، نحن على أتم الاستعداد لتحرير جميع الرهائن في حال معرفة مكانهم أو مصيرهم».لكن عفريني رجح أنّ الكثير من المختطفين والرهائن لا يزالون على قيد الحياة في الجيب الأخير المحاصر من قبل «قوات سوريا الديمقراطية»، وقال: «هناك كثير منهم على قيد الحياة، سيستخدمهم عناصر التنظيم ورقة مساومة للضغط على المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، لتأمين معبر آمن للخروج عناصره إلى مكان آخر»، مشيراً إلى أنّهم ماضون في المعركة حتى النهاية، «أمامهم خياران لا ثالث لهما؛ إما الاستسلام أو القضاء عليهم عسكرياً».وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من تحرير عشرة من مقاتليها وقعوا أسرى خلال المعارك الدائرة في قرية الباغوز السورية، وأشار المسؤول العسكري إلى أنه وعبر عملية نوعية وبعد ورود معلومات استخباراتية ومعرفة مكان وجودهم، قامت قوات المهام الخاصة بمساندة ومتابعة من قوات التحالف الدولي، وحررت هؤلاء، وكشف عفريني وجود العشرات من مقاتلي القوات لا يزالون أسرى في قبضة التنظيم.وفرَ المئات ليل الأربعاء - الخميس الماضي من الأمتار الأخيرة المتبقية تحت سيطرة تنظيم داعش شرق سوريا. وتواصل «قوات سوريا الديمقراطية» المرحلة الأخيرة من هجومها الهادف لإنهاء وجود التنظيم المتطرف شرقي الفرات.ومنذ أسبوع، أوقفت «قوات سوريا الديمقراطية» عملياتها العسكرية، ويعزو عفريني السبب إلى أنه تفاديا لسقوط ضحايا في صفوف المحاصرون هناك، والسماح بخروج المدنيين ومن يرغبون من عائلات التنظيم في مغادرة القرية، وقال: «التنظيم الإرهابي يحتمي بهؤلاء ويتخذهم دروعاً بشرية بمن فيها أسر وعائلات عناصره أنفسهم، نحن ملتزمون أخلاقياً بعزل المدنيين والنساء والأطفال عن الاشتباكات، ونتعاطى بحذر مع هذه المعركة».وذكر عفريني أنّ الخريطة الميدانية في قرية الباغوز المحاصرة من جهاتها الأربع، لم تشهد تغيرا يذكر منذ أيّام، وقال: «هناك اشتباكات متقطعة بين قواتنا وعناصر تنظيم داعش، ويخرج يومياً المزيد من المدنيين المحاصرين وعوائل التنظيم، كما حاول عدد من العناصر التسلل والتخفي بين المدنيين لكن تم إلقاء القبض عليهم».وكشف عدنان عفريني أنّ الكثير من عناصر التنظيم سلموا أنفسهم، بعد تقدم «قوات سوريا الديمقراطية»، وقال: «ألقينا القبض على العشرات من مقاتلي التنظيم، والكثير منهم سلموا أنفسهم»، دون تحديد عددهم أو جنسياتهم، وأضاف: «ينحدرون من جنسيات عربية وغربية ومن تركيا».ونفى عفريني وجود مفاوضات مع تنظيم داعش، وفتح معبر آمن لخروج مقاتلي الأخير إلى مدينة إدلب غربي سوريا أو نحو البادية الشامية، وقال: «لا نتفاوض مع هذا التنظيم الإرهابي، وستمضي المعركة إلى نهايتها أو يستسلمون»، مضيفاً: «لم نتلق رسالة رسمية من وسطاء أو وجهاء محليين كما يروج لها، وعقد صفقة بإخراج عناصر التنظيم عبر كريدور آمن إلى مكان آخر». وأوضح عفريني أنه وخلال المعارك الدائرة شرقي الفرات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصر تنظيم داعش خلال السنوات الماضية، كان يسمح لعناصر التنظيم الخروج، وقال: «آنذاك سمحنا لهم بالخروج لوجود أراض ومساحات يسيطرون عليها ومؤيدين في تلك المناطق، أما اليوم فمقاتلو التنظيم محاصرون في جيب لا تتجاوز مساحته 500 متر مربع».ويرى أنّ الجهات العسكرية والدول الفاعلة في الحرب السورية ترفض خروج هؤلاء الإرهابيين إلى مناطق ثانية، وأضاف: «حتى الجانب العراقي برأيي سيرفض بشكل قاطع استقبال فلول الإرهابيين».وأكد عفريني أنّ العمليات العسكرية مستمرة، وقال: «عند توفر الإحداثيات الميدانية بعدم وجود مدنيين أو محاصرين هناك يقوم طيران التحالف بقصف أهداف التنظيم، وتقوم قواتنا بشن الهجوم على مواقع التنظيم»، مشيراً: «قواتنا لا تقصف بشكل عشوائي حفاظاً على أرواح المحاصرين، بغض النظر إن كانوا عوائل التنظيم أو من المدنيين، نحن لا نقصف النساء والأطفال، قواتنا ملتزمة أخلاقياً بعزلهم عن نيران المعارك».
مشاركة :