بينما تطوي ليبيا عامها الثامن منذ اندلاع الأحداث التي أدت لسقوط نظام العقيد معمر القذافي، لا تزال البلاد تعيش في فوضى السلاح والانفلات الأمني في ظل تناحر سياسي وعسكري أديا لوجود حكومتين واحدة في طرابلس ومعترف بها من طرف المجتمع الدولي والثانية في طبرق مع كل ما يعنيه هذا من انسداد في الأفق السياسي. فلا يصحو الليبيون ولا يمسون إلا على المواجهات بين المليشيات المسلحة وسط تدنّ مريع في الخدمات وانهيار في البنى التحتية. ولا تشذ بنغازي مهد الثورة الليبية عن قاعدة الفوضى السائدة، حيث لا تزال آثار الاقتتال الذي وقع قبل ثلاث سنوات (2014-2017) بين قوات المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي والمجموعات الإسلامية المسلحة. لم يبق من عمران المدينة إلا بضعُ بنايات فقط ما جعل اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنشر مقطع فيديو على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي يظهر آثار الخراب الذي خلفه الاقتتال بين الإخوة الأعداء وتساءلت المنظمة الدولية في تغريدتها قائلة "من الذي يستطيع العيش في مدينة كهذه؟ عشرات الآلاف من النازحين بسبب القتال الشرس الذي وقع بالمدينة". بنغازي تبقى إذا شاهدة على شراسة القتال بين معسكرين: واحدٌ في الشرق متمثلا في رجال القبائل وما يعرف بالجيش الوطني الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر والثاني في الغرب بزعامة المقاتلين من الجماعات الإسلامية والنخبة التي تسكن المدن. ومثلما ترك القتال الدمار في الحجر فإنه ترك آثاره أيضا على البشر. فقليلون من أنصار حفتر من يؤيد فكرة المصالحة مع الإخوة الأعداء. فهم بنظرهم "إرهابيون" أو "إخوان مسلمون". ولا يرون أن الحوار مع هؤلاء قد يجدي نفعا، معتمدين في هذا على التقدم الذي حققه مؤخرا الجيش الوطني الليبي بزعامة حفتر في جنوب البلاد عبر السيطرة على حقل الفيل أكبر الحقول النفطية ومدينة سبها الواقعة على بعد 650 كلم جنوب العاصمة طرابلس. ووسط هذا الدمار الذي لا يطال بنغازي وحدها، تجهد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر وطني بهدف التحضير لانتخابات عامة وتحقيق حد أدنى من الوحدة والتوافق بين الأفرقاء في بلاد تتمتع بإحدى أكبر احتياطيات النفط في العالم والأهم من نوعها في إفريقيا فيما لا تستطيع إلا إنتاج أقل من مليون برميل يوميا.
مشاركة :