تعد التشنجات الحرارية من الحالات المرضية التي تصيب الأطفال في سن مبكرة، ولا توصف بالاستمرار ولا تستدعي الخوف من إصابة الصغير بشكل يؤثر في قدراته بصفة مستمرة، وتحصل هذه التشنجات عند ارتفاع درجات الحرارة، ومن الممكن أن ترتفع درجة حرارة الطفل إلى ما يقرب من الأربعين.وتصيب هذه الاختلاجات الحرارية الأطفال فيما بين السنة الأولى إلى السادسة من العمر، وتتراوح نسبة الإصابة في الأطفال بين 2% إلى 4%، وبملاحظة الطفل نجد أنه يكون في حالة شديدة الخطورة، تصيب من حوله بالذعر بسبب التشنج الذي يحدث في جسمه كله.نتناول في هذا الموضوع مرض التشنجات الحرارية للأطفال بالتفاصيل، مع بيان العوامل والمسببات التي تقود إلى هذه الحالة، وكذلك الأعراض التي تظهر، وطرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة. بدون علاج يشير الأخصائيون إلى أن التشنج الحراري لا يمتد تأثيره إلى الوظائف العقلية للطفل، وكذلك لا يؤثر في مستوى ذكائه.ويلاحظ أن الإصابة بهذه المشكلة في الغالب لا تستدعي البحث عن العلاج كمرض مزمن، إلا في حالة استمرار الحالة، فهنا يدخل الأمر في طريق آخر مثل الصرع وغيره.وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتشنج الحراري، وتعود في معظم الأحيان إلى الارتفاع في درجة الحرارة الذي تسببه العدوى والتطعيمات، وكذلك التاريخ العائلي. وتتعدد أعراض الإصابة بالتشنج الحراري، الذي ينقسم إلى نوعين، الأول التشنج البسيط والآخر المعقد. مؤشر الظهور يعد ارتفاع درجة حرارة الطفل المؤشر الأول للمشكلة أو احتمالية حدوث التشنج الحراري، وهو من الأعراض الأولية التي تنذر بحدوث التشنج الحراري.وتبدأ الحرارة في الارتفاع حتى تصل إلى ما فوق الـ38 درجة وتزداد، ويحدث التشنج الحراري في اليوم الأول من ارتفاع درجة الحرارة عادة، أو بعد ذلك خلال أيام.ويلاحظ على الطفل الاضطراب الشديد والحركة الانفعالية الزائدة، وعدم الإقبال على الرضاعة، والبكاء بشكل متلاحق، ما يحتم على الأم والأب الإسراع في العرض على الطبيب، لتحديد العلاج المناسب للحالة. بسيط ومعقد يوجد نوعان من التشنج الحراري من حيث الشدة والبساطة، النوع الأول هو التشنج الحراري البسيط، والذي يصاب به الأطفال في العادة ويعتبر الأكثر شيوعاً.ويلاحظ أن الصغير في هذه الحالة يصاب بفقدان الوعي، ويتم رصد مجموعة من التشنجات المتلاحقة في الأطراف، اليدين والقدمين.ويمكن أن تستمر التشنجات لمدة أقل من نصف ساعة، وبصورة متتالية في حالات التشنج المعقد، ولكن عندما تبدأ تكون النوبة ما بين دقيقة أو اثنتين، وتهدأ ثم تعاود التواصل.ويلاحظ على حالة التشنج الحراري لدى الأطفال أنه لا تحدث خلال اليوم إلا مرة واحدة، ويستمر الأمر لعدة أيام.ويصاب الطفل بفقدان الوعي، وشخوص البصر للأعلى ومن ثم تصلب الجسم، ويتلو ذلك انبساط العضلات وانقباضها بشكل اهتزازي.ويظهر في بعض الأحيان ازرقاق في الشفتين والوجه، ومن الممكن أن يتبول بشكل لا إرادي، ويسيل اللعاب من فمه، وفي حالات أخرى لا يظهر عليه إلا ارتخاء عام في كامل الجسد، مع فقدان للوعي، ويبدو شاحباً أصفر اللون ما يستدعي الذهاب للطبيب لمباشرة العلاج. ضعف الأطراف تظل الوظائف الحيوية للطفل كما هي، ولا تؤثر هذه الأعراض من الاضطراب والرغبة في النوم والنعاس وعدم الراحة عليها، وكذلك لا تؤثر في آلية عمل الأعضاء.ويعتبر النوع الثاني هو التشنج الحراري المعقد، ويعتبر أقل شيوعاً من التشنج البسيط، وله علامات تميزه كاستمرار التشنجات الحرارية لأكثر من ربع ساعة، وكذلك حدوث أكثر من تشنج في اليوم الواحد، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.ويؤدي هذا النوع إلى حدوث مشكلات لدى الطفل، وخاصة في الجهاز العصبي، ويؤدي عكس التشنج البسيط إلى حدوث ضعف في الأطراف بعد التشنج. ارتفاع درجة الحرارة توجد أسباب عديدة للتشنج الحراري، ويأتي على رأس هذه الأسباب ارتفاع الحرارة في الجسم، وسبب هذا الأمر لا يمكن تحديده بسهولة، ولكن هناك عدة عوامل تؤدي إليه منها العدوى.وترتفع درجة حرارة الجسم عند إصابة الطفل بعدوى فيروسية أو جرثومية، ومن ثم تسهل الإصابة بحالة التشنج الحراري.وتؤدي كذلك التطعيمات إلى ارتفاع درجة الحرارة، حيث يعد واحداً من الأعراض الجانبية لبعض التطعيمات، والتي يتم إعطاؤها للطفل مثل لقاح وتطعيم الحصبة والنكاف وغيرها.ويعتبر من الأسباب كذلك وجود تاريخ عائلي للتشنجات الحرارية، فإصابة أطفال بالتشنج الحراري في العائلة، ربما يؤدي لإصابة أطفال آخرين به، كنوع من الإصابات التي تنتقل بين أفراد الأسرة الواحدة. الصرع وخلل الإدراك تعد المضاعفات التي تنتج عن التشنج الحراري مرتبطة بنوع التشنج الذي يصيب الطفل، فإذا كان من النوع البسيط فلا يؤدي إلى مخاطر كبيرة، ولكن الأطفال الذين يعانون التشنج البسيط، هم أكثر عرضة من غيرهم لعودته مرة أخرى بنسبة تصل إلى 30%.وتزداد مخاطر ومضاعفات الحالة عند الإصابة بالتشنج المعقد، حيث يستمر التشنج لفترة أكبر من ربع الساعة، وتتكرر العملية في اليوم الواحد، وينذر الأمر في بعض الأحيان بإصابة الطفل بنوع من الصرع، إذا كانت الحالة ناتجة عن عدوى.وتكون العدوى إما فيروسية أو جرثومية، وإذا تطورت الحالة يؤدي ذلك إلى خلل في بعض وظائف الإدراك أو الحركة.وتزداد خطورة المضاعفات إذا كان التشنج في جانب واحد من الجسم، أو توقف على عضو معين، إذ إن ذلك دلالة على أن الأمر أكبر من مجرد تشنج يصيب الطفل ثم يذهب، لذا يجب الدقة في شرح الأمر للطبيب، لمساعدته على تشخيص الحالة وتدارك الأمر. الفحص الجسدي تبدأ مرحلة العلاج بالذهاب إلى الطبيب لتشخيص العلاج وإعطاء العلاج المناسب، وذلك من خلال الفحص الجسدي للطفل المصاب، ومعرفة التاريخ المرضي، فإذا وجد الطبيب أن حرارة الطفل مرتفعة، وهناك اضطراب وتحرك في الأطراف، بما يشبه حالة التشنج الحراري، فهنا يتأكد للطبيب أن الطفل مصاب بهذه المشكلة.وتوجد صعوبة كبيرة في عملية التشخيص، لأن ارتفاع الحرارة وإصابة الطفل بالتشنج، كلها أمور من المحتمل أن يسببها أمر آخر، ولابد من تحديد المسبب لكي يكون العلاج في محله وأكثر فاعلية.ويعتمد الطبيب في عملية التشخيص على الفحص الجسدي للطفل، وهنا لا مشكلة ولا حاجة لعمل اختبارات أخرى لتحديد الإصابة، أما إذا علم الطبيب من خلال التاريخ المرضي للصغير أن هناك احتمالية أخرى كالعدوى الفيروسية أو الجرثومية، فلابد من عمل اختبارات. الكمادات والمضادات تبدأ مرحلة العلاج بالتعامل الصحيح مع الحالة، من خلال محاولة تخفيف الحرارة بكل الطرق الممكنة.ويجب على الوالدين عدم الانتظار حتى عرض المصاب على الطبيب، بل البدء في تخفيض الحرارة، باستخدام الماء الفاتر وليس البارد والكمادات، مع تخفيف الملابس التي تساعد على رفع درجة الحرارة كالملابس القطنية.ويتم استخدام خافضات الحرارة المعروفة والمأمونة، ثم تأتي مرحلة الإسراع في العرض على الطبيب المختص، الذي يقوم بدوره في عملية الفحص السريري، ومعرفة التاريخ المرضي للحالة، لإزالة أي احتمالات مسببة لارتفاع الحرارة كالعدوى، ثم إذا اطمأن إلى أن الحالة تشنج حراري يبدأ في العلاج المناسب، كما يمكن استخدام بعض المضادات الحيوية للسيطرة على العدوى. المتابعة والملاحظة الجيدة يمكن للطبيب أيضاً أن يعطي للمريض تحميلات الفاليوم الشرجية، التي تعمل على وقف التشنج، في حالة استمراره لأكثر من 5 دقائق.ويمكن وصف علاج الصوديوم فالبرويت، إذا كانت هناك حاجة لإعطاء العلاج لفترة أطول، لمنع حدوث التشنج، وخصوصاً عند الأطفال الذين لديهم قابلية لتكرار هذه التشنجات.ويعتبر من الضروري لمعالجة التشنجات الحرارية، المتابعة والملاحظة الجيدة للحالة، مع مراعاة توفير البيئة والمكان المناسب، للوصول بالحالة إلى بر الأمان، فيجب إعطاء الدواء بصورة صحيحة، كما قال الطبيب ومنتظمة إلى المدى الزمني المطلوب ليأتي بالنتيجة المرجوة. التهابات فيروسية أكدت دراسة حديثة أن التهابات الفيروسية تصيب حوالي 4% إلى 5% من الأطفال الطبيعيين، في حال ارتفاع درجة الحرارة. وتحدث للأطفال ما بين 3 أشهر إلى 5 سنوات، مع الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة، كما أن الأسباب المؤدية للإصابة بالتشنج الحراري في معظمها التهابات فيروسية؛ وذلك في حوالي 40% من الحالات، كالتهاب الجهاز التنفسي العلوي، والتهاب الرئة. ويمتلك الأطفال الذين تعرضوا لهذه التشنجات، القابلية الجينية لحدوثها، وتقل نسبة الإصابة بها؛ كلما تقدم الصغير في العمر.وتختفي هذه المشكلة غالباً في السنة السادسة من عمر الطفل، إلا أن هناك بعض الحالات النادرة، ونتيجة لوجود استعداد وراثي تستمر التشنجات الحرارية حتى عمر 10 إلى 12 سنة ثم تختفي بعد ذلك نهائياً. وأشارت الدراسات إلى أن هناك حالات من التشنج تكون غير مرتبطة بارتفاع درجة الحرارة، كالصرع؛ وذلك بنسبة 9% في الحالات التي أصيبت بالتشنج الحراري من النوع المعقد، الذي يستمر فترة أطول وبصورة متكررة.
مشاركة :