بلدنا، هى دارنا، بيتنا، اللى ورثناه عن أبونا، وأبو أبونا، وأجدادنا، وأجداد أجدادنا، مالناش غيرها، عايشين من خيرها، فى أزماتها وانكساراتها بنقدر ظروفها، وبنشيلها على أكتافنا، ونداوى جراحها، وبنرضى بعيشها وملحها، وعلى مر السنين شوفنا كتير حاولوا يحتلوها، ويسخروها، لكنهم فشلوا جميعًا، التتار والهكسوس والصليبيين تصدينا لهم، ولم يقدروا علينا لأننا شعب مُصمم يحمى بلده، حتى الفرنسيين جاءوا وخرجوا وهما «بيتكلموا عربى مكسر»، والإنجليز فشلوا فى تغيير هويتنا، وجاء محمد على باشا وأحدث نهضة اقتصادية غير مسبوقة وبنى مصر من جديد، ومرت السنين وبعد انتهاء ثورة 1919 لم يجد المصريون من يجمعهم على كلمة سواء، بل وجدوا من يُفرقهم ويُحدث بينهم الانشقاق الفكرى، وفجأة دخل علينا الفكر المتطرف فى غفلة من الزمن، وأعلن حسن البنا عن تأسيسه لما أسماه بـ «جماعة الإخوان المسلمين» عام 1928، بالتعاون مع 6 أشخاص من أتباعه ومؤيديه وهم (حافظ عبدالحميد، نجار ) و(أحمد الحصرى، حلاق) و(فؤاد إبراهيم، مكوجى) و(عبدالرحمن حسب الله، عربجى) و(إسماعيل عز، جناينى) و(زكى المغربى، عجلاتى)، ولم يكن من بينهم من درس الشريعة أو الفقه، أو حتى إمام وخطيب أو شيخ أو قارئ للقرآن، ووضع «البنا» شروطا للانضمام لجماعته منها «السمع والطاعة» على أن يكون للجماعة مكتب إرشاد، ويتولى هو منصب (المُرشد)، وبدأ يجمع التبرعات من كل فج عميق لدرجة أن الحكومة البريطانية تبرعت بمبلغ ضخم يقدر بـ 500 جنيه وقتها، حيث كان يُقدر حجم التبرع بما يوازى 515 جنيها ذهبيا، تحولات «البنا» مشبوهة وأفكاره متطرفة واستخدامه للدين ستارًا كان مكشوفًا، فهو يكره السياسة ويرفضها ثم يقول عنها «إنها رجس من عمل الشيطان» ثم يعلن عن خوض الجماعة للانتخابات البرلمانية، ويُرشح خمسة من قيادات الجماعة ويُرشح نفسه فى الإسماعيلية، وأيضًا يطلب ويقول نصًا «لو حد يخلصنا من المستشار الخازندار» ويُنفذ التنظيم السرى جريمة اغتيال الخازندار، وبعدها يستنكر ويتنصل من المسئولية ويُصدِر بيانا رسميا ويقول على أعضاء الإخوان الذين قتلوا الخازندار (ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين)، ثم ينظم مسيرات مؤيدة للملك ويرفع الإخوان لافتات (الله مع الملك). قدرنا ونصيبنا أن تنشأ الجماعة الإرهابية المتطرفة فى مصر والتى تعتبر بمثابة «الجماعة الأم» لكل التنظيمات الإرهابية التى نشأت فيما بعد، رفعوا شعار الجهاد فقط، لم يجاهدوا واكتفوا بالهتاف (ع القدس رايحين شهداء بالملايين) لا وجدناهم شهداء، ولا شوفنا الملايين، ولا ضُبطوا وهم يجاهدوا رغم أن طريق القدس معروف ومعلوم، حاولوا اغتيال خالد الذكر الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» مرتين، وقتلوا الزعيم الراحل «أنور السادات» بطل الحرب والسلام، لاعبو الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» لسنوات طويلة، ودخلوا البرلمان بالتحالف مع أحزاب عريقة، واستخدموا عددا كبيرا من السياسيين ليُناصروهم ويدافعوا عنهم، فى إحدى المرات تم القبض على «خيرت الشاطر» العقل المُدبر للإخوان، بعد تنظيمهم لعرض عسكرى للطلاب بجامعة الأزهر فى 11 ديسمبر 2006، ثم وجدنا قيادات تنتمى لتيار مختلف مع الإخوان تعقد المؤتمرات وتُندد ببطش جهاز الأمن فى تعاملاته مع «الشاطر»، وكانت جميع وكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام الدولية تنقل هذه المؤتمرات على الهواء مباشرة، كان ذلك يحرج مصر فى الخارج ويضع جهاز الأمن فى موقف مُحرج ويُظهره بمظهر الجهاز الذى يبطش بالمواطنين، خاصة بعد أن حضرت خديجة بنت الشاطر إحدى هذه المؤتمرات وقالت: «تزوجت وأُقيم حفل زواجى ووالدى فى الحبس»، بكى عدد من القيادات الحزبية الحاضرة فى المؤتمر وظلوا يهاجمون الدولة ويتهمونها بأنها دولة قمعية وتُعادى التيار الإسلامى، وهكذا مرت سنوات حكم «مبارك»، وجاءت أحداث 25 يناير 2011 وخرج الإخوان من الظلام، وطفى على السطح تنظيمهم السرى المُسلح المُدرب على أعمال العنف، وعاثوا فى الأرض فسادًا، وخرجوا ورفعوا السلاح لترويع المصريين فى الشوارع، بعد أن أحرقوا أقسام الشرطة والمحاكم واقتحموا السجون، ثم نظموا التظاهرات، وسيطروا على البرلمان، وبمساعدة الأمريكان والإيرانيين والأتراك والقطريين وعدد كبير من السياسيين الجُهلاء وصلوا للحكم، واستخدموا الدين فى تكفيرنا وتقسيمنا وتفتيتنا وتشتيتنا، لا اعترفوا بالقضاء ولا احترموه، واستهدفوا الجيش والشرطة والأجهزة السيادية والأمنية والرقابية، وكان كل همهم السيطرة والاستحواذ على مصر كلها. ثورنا عليهم، وطردناهم من الحكم، لأنهم خونة وعملاء وإرهابيين من يومهم، متطرفون فى فِكرهم، ولا يعترفون بحدود الوطن وسيادته، فما كان منهم إلا أن استهدفوا ضرب الدولة في مقتل، واغتالوا الأبطال فى الجيش والشرطة، وفجروا وأحرقوا وقتلوا وحرضوا على قتلنا، لم يستثنوا أحدا، قتلوا المُصلين فى المساجد، فجروا الكنائس، مواطنين أبرياء وسيدات وأطفال دفعوا حياتهم ثمنًا لعمليات عنف ارتكبها الأشرار أحفاد «حسن البنا»، وفى النهاية وجدنا المنظمات الحقوقية الدولية الممولة من قطر تُدافع عن خونة وقتلة وإرهابيين وكذابين، وهذه المنظمات تروج ادعاءات الخونة للتضليل والتشويش على جرائمهم، ويهدفون لعودة الإخوان مرة أخرى وطردنا وتسليم بلدنا لمُرشد الإخوان وجماعته حتى يبتلعوها، ولهذا فإن بيانات وادعاءات هذه المنظمات كاذبة وتنطق بلسان الإخوان، وهُما، المنظمات والإخوان، ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا).
مشاركة :