الحركة الفنية في الكويت لها تاريخ طويل يشهد على التطور والإبداع، وقد شكلت هذه الحركة قاعدة عريضة من التنوع الفني الذي أصبح من العلامات البارزة في تاريخ الفن الكويتي، فلا يزال المشهد في هذه الدولة العريقة، التي استطاعت أن تقود حركة المسرح والتلفزيون، مزدحماً بالأعمال ذائعة الصيت، وفي هذه المحطة التي تواكب اليوم الوطني الـ 58 لدولة الكويت نعود إلى بدايات هذه الحركة الفنية ونتوقف عند أهم المشاهد البارزة التي كان لها أكبر الأثر في ظهور الكثير من الفنانين المؤسسين في كل المجالات، والتي حافظت فيما بعد على نسقها الفني وتخطت الحدود وأنتجت أعمالاً تعد من علامات الفن في المنطقة، وفي الاحتفالات باليوم الوطني الكويتي يبرز الفن كدور مهم في استعادة مسيرة الإبداع والتطور والتفوق على مدار السنين. عصر النهضة بدأت الحركة الفنية في الكويت في عصر النهضة الكويتي حيث زاد الاهتمام بالأدب والفنون، وبدأ التركيز على تطوير الحركة الفنية خاصة المسرح والتلفزيون، حيث كان المسرح في الكويت من أبرز أنواع النشاط الفني وأكثرها تميزاً، إذ تعد الحركة المسرحية الكويتية من النشاطات الثقافية البارزة، التي صاحبت المتغيرات الاجتماعية الحديثة، فكانت معرفة الكويت بالمسرح قد بدأت فعلياً منذ عام 1938 على يد أساتذة من بعثة المدرسين العرب، ويذكر أن أول مسرحية من نشاطات المسرح المدرسي كانت من تقديم طلاب «مدرسة المباركية» التي أقيمت على ساحتها في عام 1938-1939، حيث عرضت مسرحية «إسلام عمر» أو «عمر بن الخطاب في الجاهلية والإسلام» وفي العام الدراسي نفسه قدمت مسرحية «فتح مصر»، واستمرت المحاولات المسرحية مرتبطة بالمدارس، إذ تشكلت في عام 1939 فرقة بمدرسة الأحمدية، وفي عام 1940 ظهرت فرقة مدرسة الشرقية ثم فرقة مدرسة القبلية، فتأسست بذلك أربع فرق مسرحية في المدارس الأربع، ثم توسع المسرح المدرسي بعد بعثة الطلاب إلى مصر فكانت لهم تجارب أثرت في الحركة المسرحية ومن نتاجها مسرحية «المروءة المقنعة» في عام 1947، وبعد ذلك مثلت فرقة التمثيل رواية هزلية اسمها «مهزلة في مهزلة» التي تعتبر أول نص مسرحي كتب في الكويت من تأليف الشاعر أحمد العدواني. مسرح طليمات وقد أخذت الحركة المسرحية الطابع الرسمي، بعد استدعاء دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، للممثل زكي طليمات للتباحث معه في شؤون المسرح رغبة في تطوير الحركة المسرحية في الكويت، وقد عمل بجهد صادق لإبراز النواحي المسرحية في الكويت ووضع تقريراً مفصلاً، محاولاً ترسيخ المفاهيم الجديدة في البيئة لتقبل الفن المسرحي مع الإقناع بأنه ليس خرقاً للعادات والتقاليد، وربط التقرير بين ألوان النشاط الفني المسرح – الموسيقى – السينما، وكانت مهمة طليمات تتمركز في إنشاء فرقة للتمثيل العربي، لذا قام في عام 1961 بالتعاون مع وزارة الشؤون بتكوين فرقة المسرح العربي كنواة للمسرح الكويتي الحديث، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ المسرح في الكويت تحت إشراف زكي طليمات وتوجيهاته، وفي عام 1962، تم اختيار أربعين كويتياً يعتبرون نواة المسرح الكويتي، حيث انضمت للمرة الأولى فتاتان كويتيتان هما مريم الغضبان ومريم الصالح، وضمت الفرقة إلى هذا العدد من الكويتيين والكويتيات 15 عضواً من أبناء الأقطار العربية وممثلتين مصريتين، وفي أبريل 1964 رفع زكي طليمات مشروعاً لوكيل وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك حمد الرجيب، بخصوص إيفاد بعثة مسرحية استكشافية لبعض أعضاء فرقة المسرح العربي من أجل التدريب على شؤون المسرح في مصر، ولمدة ثلاثة أشهر، وأعضاء البعثة، هم خالد النفيسي، وعبد الحسين عبد الرضا وعبد الرحمن الضويحي، وجعفر المؤمن وحسين الصالح ومريم الصالح ومريم الغضبان، ثم أضيف إليهم صقر الرشود وسالم الفقعان وعبد الله خريبط. تطور وازدهار ظلت الحركة المسرحية في الكويت في تطور وازدهار، حيث قدمت فرقة المسرح العربي مجموعة من العروض المسرحية الشهيرة منها «اغنم زمانك» عام 1966 وهي من تأليف عبد الحسين عبد الرضا، وشهدت هذه المسرحية انطلاقة الفنان محمد جابر بشخصية العيدروسي الشهيرة التي جسدها للمرة الأولى في هذه المسرحية، من بطولة سعاد عبد الله وخالد النفيسي وعلي البريكي ومحمد جابر وغانم الصالح، ومسرحية «عشاق حبيبة» من تأليف حسن يعقوب العلي وإخراج فؤاد الشطي وبطولة باسمة حمادة وسعاد حسين وعرضت عام، 1978، ومسرحية «القضية خارج الملف» وهي من تأليف مصطفى الحلاج وإخراج فؤاد الشطي وبطولة سعاد حسين وهناء محمد وسليمان الياسين وعرضت عام 1989، وتوالت نجاحات المسرح باهتمام بعض الفنانين بـ«أبو الفنون» مثل الفنان طارق العلي الذي قدم خلال مسيرته الفنية العديد من المسرحيات التي تمزج بين الطابع الاجتماعي في قالب كوميدي. ذاكرة وطن أكثر من خمسين عاماً من التألّق والحضور للدراما الكويتية، التي عبرت عن أحوال المجتمع، راصدة لهمومه، ومسلطة الضوء على مشكلات الشباب، ومتشابكة مع كل التجربة الحداثية التي بدأ به عصر الاستقلال، فكانت هذه الأعمال ذاكرة وطن في حقبة تاريخية مهمة ترسخت في وجدان الناس، وما زالت موجودة بقوة حضورها في وجدان الأجيال المتعاقبة، فعاشت الدراما التلفزيونية عصرها الذهبي، ووصلت إلى العالم العربي بفضل جهود صناع بالدراما ونخبة النجوم الكويتيين أمثال الراحل عبد الحسين عبد الرضا، وحياة الفهد، وسعاد عبد الله، وسعد الفرج، وغانم الصالح، حتى لقبت الكويت بـ«هوليوود الخليج»، بفضل قوة نصوصها وأداء مبدعيها. دراما بارزة وخلال نصف قرن برزت العديد من الأعمال الدرامية الكويتية التي سطعت ورفعت اسم الكويت عالياً كرائدة في هذا المجال، ومن أهم تلك الأعمال مسلسل «الملقوف» عام 1973 الذي يعتبر بداية للكوميديا الارتجالية، وقام ببطولته عبد الحسين عبد الرضا ومحمد جابر، و«حبابة» عام 1976 الذي لعب بطولته حياة الفهد ومريم الغضبان ومحمد المنصور وأحمد الصالح وإبراهيم الحربي وهدى حسين، و«درب الزلق» عام 1977، الذي يعد من أشهر وأبرز المسلسلات الخليجية والعربية على الإطلاق والذي عرض في أغلب التليفزيونات العربية، بطولة الفنانين عبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي وسعد الفرج وعبد العزيز النمش وعلي المفيدي، وتدور أحداثه حول الأخوين «حسينوه» وشقيقه «سعد» من الأثرياء بين ليلة وضحاها نتيجة شراء الحكومة لمنزلهم، وذلك في مرحلة تطوير البنية التحتية للبلاد، فتبدأ بعد ذلك مغامراتهم في المشاريع التجارية الفاشلة. شهرة وانتشار وفي عام 1980، تم إنتاج مسلسلين حققا شهرة وانتشاراً كبيرين، هما «خرج ولم يعد» بطولة غانم الصالح وسعاد عبد الله وحياة الفهد وانتصار الشراح وإبراهيم الصلال، و«إلى أبي وأمي مع التحية» بطولة خالد النفيسي وحياة الفهد، وتوالت بعد ذلك المسلسلات التي حققت نجاحاً كبيراً، منها «درس خصوصي» عام 1981بطولة عبد الحسين عبد الرضا وسعاد عبد الله، وحياة الفهد، ومريم الصالح، و«زمن الإسكافي» عام 1998 بطولة عبد الحسين عبد الرضا وسعاد عبد الله وغانم الصالح. وقد كونت سعاد عبد الله وحياة الفهد ثنائياً فنياً في المشهد الدرامي الكويتي، جذبتا من خلاله الأضواء وحققتا شهرة وانتشاراً خليجياً وعربياً، وقدمتا بعض الأعمال التي نالت إشادات صناع الدراما، من أبرزها «خالتي قماشة» عام 1983 و«رقية وسبيكة» عام 1986.
مشاركة :