أزمة منتصف العمر... انتبهوا يا أهل الأربعين!

  • 2/26/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

كذبوا عليك فقالوا إن أزمة منتصف العمر تصيب الإنسان في الخمسينات والستينات من حياته، في حين أن نظرة بسيطة حولنا تثبت لنا أنها أزمة أربعينية من الطراز الأول، وخصوصاً في مجتمعاتنا التي يصل متوسط الأعمار فيها لما دون الثمانين!في البداية، فلنوضح - وبلغة - بسيطة ماهية تلك الحالة المسماة بـ«أزمة منتصف العمر»، فهي باختصار تلك الحالة النفسية التي تصيب المرء منا في مرحلة من عمره، وتجعله واقفاً بين مرحلتين من عمره، ما مضى وما يظن أنه قد يكون قد تبقى من عمره، وهي مرحلة تتميز بالاضطراب وشيء من الغضب أو الحزن، أو خيبة الأمل، لأنها تتصف بنظرة ناقدة وبقسوة لما لم يستطع الإنسان تحقيقه من أحلامه، التي كان يمني النفس فيها في شبابه، مع تفكير قاتم في المقبل من الأيام في ما يمكن «تداركه» من تلك الأحلام، في ظل الاعتقاد بأنه «لم يعد في العمر كثر اللي راح»!هذه الأزمة قد تأخذ أشكالاً عدة، لكن بعضنا يحلو له أن يختزلها في الجانب الاجتماعي، والعاطفي منه تحديداً، فيتم التركيز على سوء اختيار الرجل أو المرأة لشريك حياته في المراحل المبكرة من حياته، وأنه لو انتظر قليلاً لكان قد أحسن الاختيار، وتوفق لإيجاد توأم روحه ممن كان سيعيش معه حياة هنيئة وسعيدة، بعيداً عن أي منغضات.وغني عن القول إن هذا الشعور فيه بعض الصحة، نظراً لأن الكثير من الزيجات في مجتمعاتنا تكون مرتبة أو مدبرة بشكل أو بآخر، لكن الشعور ذاته لا يخلو من المبالغة الشديدة، فالتفكير في وجود شخص ما كان سيفهمنا تماماً ويعيش معنا حياة أقرب للروايات العاطفية، ومن دون خلافات أو منغصات وكان سيتطور معنا نفسياً وروحياً وفكرياً بالطريقة التي تطورنا بها، هي فكرة أقرب إلى الخيال من الواقع، ولا نستوعب أن أي علاقة عاطفية ستتحول في كل الأحوال إلى علاقة أخرى حال الزواج، وهي علاقة تحكمها أمور كثيرة تختلف عن علاقة إعجاب بين شخصين لم يعيشا تحت سقف واحد، لا يعني ذلك التبرير للاستمرار في علاقة زوجية محكومة بالفشل، لكنه مجرد تحذير من المبالغة في رفع سقف التوقعات من العلاقات الغرامية، وكونها البديل الأمثل لمن ارتبطنا به بعلاقة الزواج!الجانب الذي يهمله الكثيرون عند نقاش أزمة منتصف العمر هو جانب آخر، ويتعلق بتحقيق الذات والوصول إلى الأهداف المهنية أو الأكاديمية أو التجارية أو غيرها مما كنا نخطط له في عشرينياتنا، فالكثير من «أمهات» و«آباء» الأربعين قد يدخل في أزمة منتصف العمر من هذه الزاوية، فيرى أنه لم يحقق ما كان يصبو إليه في شبابه، ويشعر أن الـ«القطار قد فاته تقريباً» لمتابعة أحلامه، متناسياً أن ما نتصوره عن الحياة - ونحن في مقتبلها - يكون في غالبه قاصراً، ولا يأخذ في عين الاعتبار جملة الظروف الموضوعية، التي قد تحول دون تحقيق أحلامنا رغماً عنا ودونما تخاذل منا في السعي وراء ما ننشد تحقيقه!أكتب هذا المقال وأنا أستمع للكثير من التذمر من الأصدقاء «الأربعينيين» - مثلي - حول أزمة منتصف العمر، ونصيحتي لهم هي باختصار: تأملوا كثيرا قبل الإقدام على أي خطوة تظنون أنها ستخرجكم مما أنتم فيه، فهذه الأزمة موقتة في الغالب، وأسوأ ما قد نقدم عليه تحت الضغوط وخيبات الأمل... هو أن نتخذ قرارات «كبيرة» في حياتنا...وتذكر... مجرد وجودك في هذه الدنيا حتى هذه اللحظة يعني أن في العمر متسعاً... فـ«ليش العيلة» ؟!والله من وراء القصد.alkhadhari@gmail.comTwitter: @dralkhadhari

مشاركة :