يطغى على المشهد النصراوي منذ نحو عشرة أعوام تعظيم لحالة الفرد وتغييب للتعامل مع النادي ككيان كامل من قبل أطراف وجماعات مصلحية. وقد أضرّت تلك الحالة بالنصر أيّما ضرر وأحالته من ناد تسمع في تاريخه أصوات العقول إلى منشأة مليئة بمطلقي الألسنة. فالنادي الذي أطلق مشروعه الفكري ورعى شخصيته المتفرّدة الأمير عبد الرحمن بن سعود ـ رحمه الله ـ كان يجيد التفريق بين شخصية الأمير وبين الجماهير، وفي تلك اللحظات التي كانت الجماهير تهتف باسم الرئيس كان يعيدهم الرئيس ذاته وعلى الفور إلى المنهج الأول؛ ولذلك ظلّ النصر لسنوات طوال تركيبة خاصة لا يشبهها أحد وصل تأثيرها إلى خارج حدود الوطن، وكان الجميع يحب النصر ولا يجعل من كرسي الرئيس فوق عرش النادي. ولَم يكن الأمير فيصل بن تركي الرئيس الأسبق لنادي النصر مسؤولا عن طغيان هذه الحالة ـ وإن أعجبته فيما بعد - ولا الرئيس الحالي سعود السويلم، الذي تعظّمت الفردانية مع قدومه على نحوٍ غير مسبوق. إنَّما تولَّدت من قبل أشخاص اختاروا النفخ في شخصية الرئيس وسيلة لتحقيق غايات خاصة. ودأب أولئك الأشخاص على رسم صورة عملاقة للرئيس وتمريرها للجماهير حتى يمسكوا بآرائهم وتحويلها إلى حناجر مترادفة تصب في أذن الرئيس الذي يبدأ تدريجيًّا في الاستماع للهتاف والألقاب؛ فينساق خلفها ويتحول إلى مُصدّق كبير لحالته الجديدة دون أن يُدرك حقيقته الواقعة تحت أسر صانع الفردانية ومُعظّمها. الوهم خديعة النفس الكبرى. واختلطت الفكرة الأساسية لدى المشجع النصراوي وبات غير قادر على التفريق بين أيهما أحق بالتشجيع أهو الرئيس أم النادي؛ فتكونت مجاميع هائلة تنقاد خلف الفردانية ومنهجها وتركت بعيدًا عنها مشروعية السؤال ولم تعد تريد أن تبحث عن المفقود وما استجد عليها؛ فالنادي غدا هو الرئيس والرئيس بات هو النادي. وتسبب غياب المنهجية الواضحة لنادي النصر، كما لغيره من الأندية، وعدم وجود معايير خاصة محددة لرئيس النادي ـ أي ناد ـ في بروز الفوضى وتسويق غير الحقيقي على أنه كذلك. وأصبح الرئيس الجديد المحدود أصلاً بفترة زمنية قصيرة عبر التكليف لعام واحد في سباق مع كل شيء من أجل الوصول إلى التسويق الذاتي دونما مراعاة لقيم النادي وصورته التاريخية، وفتح كل الأبواب لكل من يريد أن يجعل منه رمزاً. الممثل الضعيف لا يمنحه المسرح القوة.
مشاركة :