منذ قرابة ستة أشهر كتبت أنه حان الوقت لتأسيس هيئة مستقلة للابتعاث لبرنامج خادم الحرمين؛ كونه أصبح مشروعا وطنيا معرفيا وثقافيا وليس مجرد مشروع تعليمي وقتي. وأكدت في وقتها وخاصة بعد زيارة مع وفد من الكتاب لأستراليا أن تطوير هذه الفكرة ليس بالضرورة فشل العمل القائم حاليا، ولكن تطويره واستثماره وتقنينه لكي يكون برنامجا وطنيا مستداما له أهدافه وآلياته واستمراريته، وألا تكون الدولة هي الممول الوحيد له إذا أردنا أن يستمر ويتنوع. اليوم وبعد إعادة هيكلة وزارة التعليم العالي أعتقد أن الوقت قد حان لكي يعاد هيكلة البرنامج، فالملحقيات الثقافية والتعليمية أصبحت، وهذا ما جعلها تحيد عن أهدفها التي من أجلها تم تسميتها بالملحقيات الثقافية لتقوم بإثراء الجوانب الثقافية والتبادل الثقافي مع كافة دول وحضارات العالم، مثلها مثل الملحقيات للدول الأخرى، وعندما نحصرها في متابعة الطلاب من الألف إلى الياء ورعايتهم، قد نكلفها بما لا تستطيع، وهذا ما رأيته من تذمر للمبتعثين وشكواهم من بطء استجابة الملحقيات لطلباتهم وإذا اتصلوا بها لا يجدون من يستجيب لهم إلا بعد محاولات مضنية من الاتصال، إلى جانب وجود خلل في مفهوم المتابعة للطالب المبتعث وأقصد هناك الجوانب السلوكية والمعرفية. اليوم يجب أن نتخلص وبأسرع وقت من التوجه نحو الابتعاث للحصول على الشهادات الأكاديمية كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراة، حتى لا نصاب بعقدة الشهادات فالشهادات الأكاديمية لا تؤهل للمهنة وسوق العمل وإنما تؤهل للبحث العلمي وفلسفة العلوم، ولذلك يتخرج من لديه ماجستير أو الدكتوراة ولا يجد وظيفة لأن السوق ينظر له على أنه أكثر من المطلوب وهو ينظر إلى نفسه أنه يجب أن يحظى بالوظيفة التي تتناسب مع مؤهله، لذلك يجب أن نتخلص من هذا التوجه عاجلا ونبتعث للدورات والدبلومات المتخصصة والمهنية التي تتم في الشركات العالمية والمصانع والمؤسسات المهنية والتنفيذية والخدمية، وأن تكون البرامج مشتملة على ممارسة وتدريب ومعرفة ولا يمنع من الابتعاث للحصول على الشهادات ولكن بشكل محدود، وهذه مسؤوليات الجهات الأكاديمية التي لديها أيضا برامج للابتعاث، وعندما تؤسس هيئة للابتعاث لا بد من إيجاد مصادر أخرى لتمويلها، فإلى جانب حصة الدولة هناك موارد كالهبات والتبرعات والأوقاف المخصصة للتعليم والاستثمار، وعقد شركات مع مصادر التمويل لتمويل من يريد الابتعاث لأكثر من مرة كقرض بدون فوائد، على أن يدفع على سنوات طويلة بعد عمله. ناهيك عن أهمية جعل نوادي الطلاب مؤسسات ذات فعالية ودور ومسؤولية. أعتقد أنه يجب ألا نحمل وزارة التعليم والملحقيات الثقافية ما لا طاقة لها به، فأمامهم مسؤوليات واختصاصات وادوار كثيرة يجب أن تركز فيها فنحن مقلون في التبادل والفعاليات الثقافية مع دول العالم.
مشاركة :