بسم الله المعين على كل حسن وجميل، لا أدري كيف سيستقبل القارئ هذا المقال، خصوصاً وهو يسير بخطوات متعثرة، ولكنها ليست عشوائية... هي فقط رغبة في كتابة ذاتي الجماعية التي شكلتني وشكلتها. هي خاطرة حول حديث رسول الله صلى الله عليه آله وسلم: «إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم».يتيبس لساني - مثل جلد التمساح - في المواقف التي يجب أن أعبر فيها عن جزيل امتناني وشكري وتقديري لأصحاب الفضل، رغم ما أحمله لهم من حب ومودة وقربى.ولا تبدي ملامحي كل الحب و الود والجميل، الذي أحمله لمن يستحقون ذلك، أحاول أن اظهر مشاعري، ولكني أشعر بالخجل، فأبني جدرانا أسمنتية لا تخنق سوى ساكنها، الذي يفقد القدرة - غالباً - في القفز على ظنونه، فيفقد القدرة على الكلام. أتحلى بقدر - لا بأس به - من سلاطة اللسان، وعدم اتزان بين أفكاري الطيبة وسوء اختياري للكلمات، كي أعبر عنها، وهذا الشيء يجعل الناس تحكم عليّ بالذكاء، طالما بقيت صامتا، فهو الذكي الوقور حتى يتكلم، فإذا تكلم ساءت الأمور حد الغضب!إن كل العربات المذهبة - منذ اختراع العجلة وحتى اختراع «التاير» - لا تستطيع أن تحمل رغبتي في الكلام والحكي عندما ينبغي علي الصمت، تشوّف النفس وغرورها يكسران الصمت، ويقهران الإنصات، الذي ينبغي أن أتحلى به.وكل الخيول المرسومة على جدران المعابد ونقوش الأعمدة والمسلات والقبور، لا يمكنها سحب لساني للكلام، عندما أختار الصمت، رغم أهمية الكلام الآن.لم أتمسك بالكثير من أصدقائي لمواقف أو اختيارات، كان يمكن ألّا تكون بالنسبة لي لحظة هبوط أو ارتفاع في تفاصيل الحكاية، بقدر ما أنها لحظة مقام إنساني أثناء ارتفاعه وسقوطه، لا ينسى أن يبقي الجسور موصولة وينفث عليها المعوذات من لعب الشيطان في المسكوت عنه بين الأصدقاء والإخوان... لم أجد سبباً لأسأل نفسي عن جدوى الاحتفاظ بأصدقائي وحكاياتي.ولم أجد سبباً لأسأل نفسي عن جدوى معالجة أخطاء القصيدة المذيلة أسفل رسمة لنفسي معلقة في غرفتي... في الخامسة والثلاثين أيقنت أنها مليئة بغياب الإتقان والإحسان والجمال.فقط لو تعلمت مبكراً أن أحد أشكال الغفلة، هو البقاء في فخ ماضٍ لم يعد موجوداً ومستقبل لم يوجد بعد، ما بين ذكريات وما بين مشاريع... بين الحنين وبين الأمل، بين عبادة الأمس وبين صنمية الغد... في هذا «المابين» يوجد فخ قد يفقدك حاضرك، الذي يغيب بسبب الخوف من ضياع ما حققناه، والخوف من عدم تحقيق ما نريده.لربما كنت أفضل مما أنا عليه الآن، فقط لو تعلمت مبكراً أن الاستحمام بالماء البارد ينبغي ألّا يجعلني ألعن الحضارة الحديثة، وأدواتها في التدفئة، ولكنه ينبغي أن يجعلني ممتناً لخللها. فقط لو تعلمت مبكراً أن موضوع الأدب الكبير ليس البحث عن الشهرة، بل مغامرة الإنسان لاستكشاف الهوات والكهوف لروحه الخاصة، ربما لما كنت أضعت وقت الكثير من القراء للنظر تجاه التمثال، الذي يشير للطريق ولا يسلكه.كان يمكن أن أكون أفضل بكثير مما أنا عليه الآن... فقط لو أني بدأت في التطبع مبكراً بكل ما هو جميل في التعلم والتحلم، لكي أكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. فقط لو أنني لم أحاكِ تلك القصة التي تقول إن النساء في القرية التي أسفل الوادي، كنّ يملأن جرارهن الفخارية من النهر، ثم يكسرنها عند باب البيت عناداً في أزواجهن الذين كانوا نائمين!ولا أدري هل قالت القصة ذلك، أم أنني بدأت الانتقال من حالة كتابة الخاطرة إلى حالة خطرة من الكتابة.عموما عزيزي القارئ، أسأل الله لك ألّا تدخل في متاهة من الأغلاط والأقيسة الخاطئة، وأنت تقرأ هذا المقال، وأسال الله أن تسال نفسك ما الذي فاتك من العلم بالتعلم والحلم بالتحلم؟ لكي لا نسمح للمساحات الرديئة والقبيحة بأي حال من الأحوال أن تتسلل إلينا ونحن في غفلة عن حولنا ومن حولنا وما حولنا.@moh1alatw
مشاركة :