الجزائر: بوعلام غمراسة دعت أهم منظمة جزائرية مستقلة عن الحكومة، ناشطة في مجال محاربة الفساد، إلى «مناقشة بنود الدستور الجديد في العلن بدل تعديله في الغرف المغلقة وفي السرية». وحذرت من «مخاطر الفتنة والتقسيم والانفجار الاجتماعي». وقال المتحدث باسم «الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد»، الطبيب جيلالي حجاج في بيان أمس، بمناسبة مرور 25 سنة على أحداث «الربيع الجزائري»، إن «مناقشة تعديل الدستوري في سرية، ستفضي إلى نص دستوري ذي لون سياسي ولن يكون دستور الجزائر»، في إشارة إلى غموض كبير حول مضمون التعديل الدستوري الذي أعلن عنه في أبريل (نيسان) الماضي، بإنشاء «لجنة» تتكون من خبراء في القانون تم تكليفها بصياغة دستور جديد. ومرت أمس 25 سنة على انتفاضة شعبية (5 أكتوبر/تشرين الأول 1988) هزت أركان نظام الحزب الواحد، ودفعت السلطة إلى اعتماد التعددية الحزبية. وقتل في الانتفاضة أكثر من 800 شخص برصاص الجيش. وتقول السلطات إن الجزائريين «عاشوا ربيعهم» في تلك الأحداث، ردا على ما يقال إن الجزائر «تعتبر نشازا» قياسا إلى دول الربيع العربي. ولا يعرف أحد ما يريده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في دستوره الجديد، لكن قطاعا من الصحف يتحدث عن تحديد الترشح للرئاسة في ولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، وعن استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية والعودة إلى تسمية الوزير الأول «رئيسا للحكومة» كما كان قبل خمس سنوات. وكتب قطاع آخر أن الرئيس يرغب في تمديد ولايته الحالية من 5 إلى 7 سنوات، وبالتالي إلغاء انتخابات الرئاسة المنتظرة بعد ستة أشهر. يشار إلى أن بوتفليقة ألغى في 2008 ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين، في تعديل دستوري أعطى فيه لنفسه صلاحيات واسعة. وأفاد بيان «جمعية محاربة الفساد»، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن التغيير العميق الذي أحدثه بوتفليقة في طاقمه الحكومي الشهر الماضي، «يعكس عقم النظام عن إيجاد حل لمشكلاته، كما يعكس صراعا حادا بين مختلف أقطابه». وأضاف: «لقد أثبتت سياسة الإقصاء والاستعلاء التي يمارسها النظام، فشلا ذريعا رغم توفر كل شروط انطلاقة اقتصادية حقيقية. ويبدو جليا أن الأحداث تجاوزت النظام بعدما انحصر هم أجنحته المتصارعة في الاستئثار بالحكم، على حساب حرية الشعب في تقرير مصيره». وأجمعت غالبية الأحزاب على أن الحكومة الجديدة هي «حكومة 2014»، على أساس أن بوتفليقة يحضر للترشح لولاية رابعة بوضع أبرز الموالين له في قطاعات حساسة مثل الداخلية والقضاء و«المجلس الدستوري». وإذا ترشح بوتفليقة، فستكون النتيجة محسومة لصالحه مسبقا، بحسب مراقبين. وذكرت «الجمعية»، التي تواجه مشكلات كبيرة مع الحكومة بسبب حدة لهجتها، أن «غياب الرئيس (بسبب المرض) طول الشهور الماضية، تسبب في إرباك النظام بينما أثبتت السلطة التنفيذية عجزا عن تسيير ملف مرضه وفق ما يقتضيه المنطق السليم، ويعد ذلك التفافا مفضوحا على الدستور وقوانين الجمهورية»، ويفهم من هذا الكلام أن السلطة ترفض تطبيق المادة 88 من الدستور الذي تتناول تنحية الرئيس إذا ثبت عجزه عن تسيير دفة الحكم بسبب «مانع صحي مزمن وخطير». وتعرض بوتفليقة لجلطة دماغية نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وعاد إلى النشاط قبل أيام بعقد اجتماعا لمجلس الوزراء، أمر فيه الحكومة بالاستعداد لـ«ما هو آت من استحقاقات سياسية»، وفسر ذلك على أنه إرادة غير معلنة لدى الرئيس للترشح لولاية رابعة.
مشاركة :