لؤلؤ منثور1- اللؤلؤة: هوى بنت الجيران!"... وذلك أن أباه أخذه معه إلى بعض القرى البعيدة ليجبي المال المضروب على سكانها إلى خزنة الحاكم، فأنزله أهلها منزلا كريماً، وكان بالقرب من منزله جارية "فتاة" بديعة الجمال، فجعل الفارياق – على صغره – ينظر إليها نظر المحب الراني، جريا على عادة الأغرار من العشاق، من أنهم يبتدئون العشق في جاراتهم، استخفافا للطلب، واستشفاعا بالجاريّة، كما أن عادة الجارات تهنيد جيرانهن وتغميرهم، إشارة إلى أنه لا ينبغي البحث عن الطبيب البعيد، إذا أمكن التداوي عند القريب. غير أن المحنكين في الحب يبعدون في الطلب، ويرودون أنزع منتجع؛ لأنهم لما جعلوا دأبهم وديدنهم إشباع النفس من هواها، كان عندهم السعي في ذلك فرضا واجباً، ووجدوا في الإبعاد والنصب لذة عظيمة، إذ من فتح فاه رجاء أن تتساقط الأثمار فيه لم يعدّ إلا مع العاجزين".2- المحارة :هذا الكلام في الحب الأول "المبكر"، وهو عادة حب بنت الجيران، ولا أرجح أن السبب ما ذكره الفارياق، ويعود إلى السهولة، وإنما هو نوع من التجاذب، تتدخل الألفة في صنعه، هنا أستدعي تجربة أمير عشاق التراث العربي "قيس بن الملوح"، فقد أحب ليلى، وهي صبية صغيرة، وفي هذا المعنى يقول: "تعلقـت ليلــى وهي ذات ذؤابة/ ولم يبد للأتراب من ثديها حجـم/ صغيرين نرعى البهـمَ يا ليت أننا/ إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهمُ"، وفي مقابل هذا الاقتراب، تستدعي الذاكرة - من عمق زمن التلمذة في دار العلوم – أستاذي المبجل محمد غنيمي هلال، وهو يحاضرنا في درس الأدب المقارن، فيشير إلى بيت امرئ القيس "المشهور بالتهافت على العشق، تعويضاً عن شيء ما" إذ يقول عن محبوبته: "تنورتها من أذرعات وأهلها/ بيثرب أدنى دارها نظر عالِ"، فقد رأى امرؤ القيس أنوار حبيبته، المقيمة بيثرب، في حين كان العاشق المتطلع في أذرعات بأرض الشام، ويستدل أستاذنا الدكتور "هلال" بهذا البيت على اختلاف مستويات العشق عند العرب، إلى درجة الاضطراب أحياناً!!3- الهيــر :- اللؤلؤة من كتاب : "الساق على الساق فيما هو الفارياق" – تأليف : أحمد فارس الشدياق – دار الرائد العربي – بيروت – الطبعة الخامسة – 1982 – ص37 .
مشاركة :