في سوريا ما قبل الحرب، كانت صفاء الكردي تبيع أثواب الزفاف. وبعدما ضاقت ذرعا بالصراع قبل أربع سنوات فرت صفاء، وهي أم لثلاثة أبناء، من دمشق وسعت للجوء في موسكو. والآن تقول روسيا إن عليها العودة لبلدها. وصفاء (55 عاما) هي واحدة من آلاف اللاجئين السوريين الذين تحثهم روسيا، حليفة الرئيس بشار الأسد، على العودة لبلادهم. ويقول مسؤولون روس إن هناك مناطق واسعة أصبحت آمنة في سوريا ولا داعي لبقاء طالبي اللجوء مثل صفاء. ويسبب الموقف الروسي مشكلات للسوريين الذين رُفضت طلبات لجوئهم. وفضلا عن منعهم من العمل فإنهم يواجهون أيضا خطر الاعتقال والترحيل. قالت صفاء، التي جند الجيش السوري أكبر ابنين لها، وهي تبكي “من الطبيعي أن أرغب في العودة مع وجود ولدي هناك ولأن سوريا بلدي”. وأضافت “لكن لا يمكن لأي أحد أن يعود في ظل هذا الوضع. الناس يدركون أن هناك حالة من الفقر وأن الناس يموتون من البرد أو الجوع أو القصف”. وطبقا لتقديرات وكالة الأمم المتحدة للاجئين هناك نحو 5.5 مليون سوري فروا من الحرب التي تدور رحاها منذ أكثر من سبع سنوات. وفي عام 2015، عندما بدأت موسكو عملية عسكرية في سوريا، منحت اللجوء المؤقت لنحو 1924 سوريا. وتقول هيئة الإحصاءات الاتحادية (روستات) إن هذا العدد شهد تراجعا سنويا منذ ذلك الحين، ووصلت طلبات اللجوء إلى أدنى حد في عام 2018 وبلغ 823 طلبا. وقالت لجنة المساعدة المدنية، وهي منظمة غير حكومية تساعد اللاجئين، إن روسيا تريد رحيل السوريين. * “لا تعودوا” قال منسق باللجنة يدعى يفجيني ياستريبوف “يتم رفض معظمهم، ومن لا ترفض طلباتهم يقال لهم: ننذركم بأن هذه آخر مرة نمدد فيها وثائقكم، لا تعودوا في العام المقبل”. وأضاف أن بعض السوريين غادروا بالفعل، وأن آخرين اضطروا لرشوة الشرطة على أمل البقاء. وتابع قائلا “إنها عملية مستمرة من الهروب والتخفي عليك أن تلعبها مع الحكومة، وهي ليست بالأمر الممتع إذا كان لديك أطفال عليك إطعامهم”. وعندما غادرت صفاء دمشق في عام 2015، كان معها القليل من المال الذي جنته من بيع مشغل حياكة الفساتين. ولحق بها فيما بعد أصغر أبنائها واسمه الأمير (23 عاما). ورفضت السلطات مرارا طلبات لجوئهم ورفضت مناشداتهم أيضا حتى الآن. ومع انتهاء كل مدخراتها، تملك صفاء بالكاد ما يكفيها من المال لشراء الأشياء الضرورية من خلال بيع الحلي في سوق بموسكو. ويمتنع ابنها عن التحدث عن موقفه فيما يتعلق بالعمل خوفا من رد الفعل الرسمي. ويكفي دخلهما معا بالكاد لتأجير شقة صغيرة في قرية تبعد نحو 50 كيلومترا شرقي موسكو. وقالت صفاء “أرغب في البقاء لبعض الوقت قبل العودة، أريد ادخار القليل من المال حتى أستطيع بدء مشروع صغير يمكن أن أعيش منه في سوريا”. وتقول صفاء إنها تنوي العودة إلى وطنها عند استنفاد محاولات طلبها للجوء لكنها تريد أن يبقى ابنها بعيدا عن سوريا. وقالت “الحياة غير ممكنة هناك. يبدو وكأن الحرب انتهت ولم تنته في نفس الوقت”.
مشاركة :