نيقوسيا - يواجه السوريون من طالبي اللجوء إلى قبرص مصيرا غامضا، بعد قرار الحكومة القبرصية تعليق النظر في طلبات اللجوء، في سياق تحركات تقودها نيقوسيا لإقناع باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة النظر في الوضع داخل سوريا، التي تعتبر في الوقت الراهن غير آمنة لإعادة طالبي اللجوء إليها. وتعرضت قبرص إلى ضغط هائل في الفترة الأخيرة، نتيجة الزيادة الكبيرة في عدد المهاجرين غير الشرعيين، لاسيما من حاملي الجنسية السورية القادمين عبر لبنان، والتي دفعتها إلى إعلان حالة طوارئ. وأعلنت السلطات في قبرص الأحد تعليق النظر في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين. وقال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس للصحافيين “هذا إجراء طارئ، وهو قرار صعب لحماية مصالح قبرص”. وأشارت مصادر حكومية في نيقوسيا إلى أن الأشخاص القادمين من سوريا سوف يتعين عليهم البقاء في معسكرات استقبال مزدحمة في الجزيرة طوال فترة العمل بقرار تعليق النظر في طلبات اللجوء. وقالت المصادر إن أولئك الذين يختارون مغادرة المعسكرات سيفقدون تلقائيا أي نوع من المزايا ولن يُسمح لهم بالعمل. ووصل أكثر من ألف شخص إلى قبرص على متن قوارب قادمة من لبنان منذ بداية أبريل وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط. واضطر الرئيس القبرصي إلى القيام بزيارة خاطفة الأسبوع الماضي إلى لبنان، حيث التقى برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أكد له أن “الجيش والقوى الأمنية في لبنان يبذلون قصارى جهدهم لوقف الهجرة غير الشرعية، لكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال عودة أولئك الذين يبحثون عن الأمان إلى المناطق الآمنة في سوريا أو تأمين إقامتهم في بلد ثالث”. وشدد ميقاتي “على ضرورة بذل المزيد من الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية لأزمات اللاجئين”. ويرى مراقبون أن تصاعد موجة العداء لللاجئين السوريين في لبنان، لاسيما بعد حادثة اختطاف ومقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية بسكال سليمان، من شأنه أن يضاعف محاولات الكثير منهم للوصول إلى قبرص وهو الأمر الذي يزيد من مخاوف الأخيرة. نيكوس خريستودوليدس: تعليق طلبات اللجوء إجراء طارئ لحماية مصالح قبرص نيكوس خريستودوليدس: تعليق طلبات اللجوء إجراء طارئ لحماية مصالح قبرص ويقول حقوقيون إنه يوجد الآلاف من طالبي اللجوء السوريين إلى قبرص، وأن هناك مخاوف من أن يجري ترحيلهم إلى سوريا، في حال حصلت تفاهمات بين دمشق والاتحاد الأوروبي وهو ما تضغط حاليا باتجاهه نيقوسيا. وقطعت دول الاتحاد الأوروبي علاقاتها مع دمشق منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، وهي تتشارك مع الولايات المتحدة في فرض عقوبات على النظام السوري. ويرى مراقبون أن دمشق قد تستغل حاجة الاتحاد الأوروبي إلى وقف نزيف المهاجرين، وتوظيفها لكسر عزلتها السياسية والاقتصادية. وكشفت مصادر إعلامية قبرصية في وقت سابق أن نيقوسيا وبراغ اتفقتا على إرسال بعثة لجمع البيانات حول المناطق الآمنة في سوريا. وقال موقع “نيوز” القبرصي، الجمعة، إن وزير الهجرة الدنماركي ووزير الدخلية التشيكي وافقا على اقتراح قبرص للتحقق من الظروف الواقعية للوضع على الأرض في سوريا. وأضاف أن الخطوة جاءت تمهيدا لطريق العودة المحتملة للاجئين “بشروط صارمة”. ووفق الموقع الإخباري، فقد نوّه الوزيران الدنماركي والتشيكي بضرورة اتخاذ إجراء سريع لإعادة المواطنين السوريين، وشددا على أهمية التضامن بين جميع دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة تجاه دول تواجه ضغوطا كبيرة للهجرة. ويشير الحقوقيون إلى أن معظم طالبي اللجوء هم من المحسوبين على المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، وبإجبارهم على العودة قد يواجهون مخاطر الاعتقال أو التنكيل بهم. وأعاد لبنان منذ العام 2022 المئات من السوريين إلى بلدهم، وذكرت تقارير حقوقية أن العديد منهم تعرض للملاحقات الأمنية. ويقول النشطاء الحقوقيون إن الوضع في سوريا ليس آمنا على الرغم من حالة الهدوء الهشة، وبالتالي فإن مساعي إعلانها دولة آمنة تحتاج إلى دراسة. وصرح مدير قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة هيومن رايتس ووتش بيل فريليك، في سبتمبر الماضي بأن غياب “العنف العشوائي” في جزء من سوريا لا يعني أنها آمنة لعودة اللاجئين إليها. وقال في مقال نشر عبر الموقع الرسمي للمنظمة إن “الأماكن التي لا يتطاير فيها الرصاص ليست خالية من الخطر”، لافتا إلى أن ثماني محافظات سورية تصنف على أنها تعاني من مستويات عالية أو مرتفعة بشكل استثنائي من “العنف العشوائي”. وتقع قبرص في الطرف الشرقي للاتحاد الأوروبي وهي أقرب دول التكتل للشرق الأوسط وتبعد نحو 160 كيلومترا إلى الغرب من شواطئ لبنان أو سوريا. وسجلت وصول أكثر من ألف مهاجر عن طريق البحر في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة مع 78 فقط خلال الفترة نفسها من عام 2023.
مشاركة :