اتفق مثقفون وسفراء ومسؤولون على أهمية التعرف عن قرب، على السيرة الذاتية للأديب الدكتور غازي القصيبي، واستجلاء العِبر والدروس من محطات حياته بكل ما فيها من أحداث وذكريات، وما شهدته من مناصب رسمية تولاها، فضلاً عن سيرته كأديب سعودي، ذاع صيته في أنحاء العالم، من خلال أشعاره وكتاباته، مشددين على أن هذه السيرة فيها فائدة كبيرة للنشء، لتحفيزهم على السير على خطى القصيبي. وفي التفاصيل، أكد كثيرون، ومن بينهم أفراد من أسرة القصيبي وأصدقائه، خلال لقاء ثقافي، جمعهم أخيرًا بالدمام، على أن الدكتور غازي، شخصية وطنية بامتياز، من خلال حبه الجم للوطن، الذي مثله في العديد من المحافل الإقليمية والدولية، إلى جانب حسه الإنساني، كمسؤول حرص على توفير أقصى درجات الراحة للمواطنين، حيث شهد اللقاء قصة بكاء القصيبي أمام أحد المستشفيات عندما شعر بالخوف من الله. وفي هذا الصدد، تحدث هزاع العاصمي، وهو المستشار والمشرف على مكتب القصيبي، عن طريقة أسلوبه في العمل وإدارته وأخلاقه وتواضعه مع الموظفين والمراجعين، وكيف وصل إلى قلوب الناس قبل أن تصلهم أعماله وإبداعاته ودماثة أخلاقه، وقال: "كانت مواقف القصيبي محل تقدير ولاة الأمر، الذين قدروا له شفاعاته للمواطنين والعرب والمسلمين في العلاج وغيره، فضلاً عن اهتمامه بالمواطن. وركّز الدكتور علي بن محفوظ الطبيب، المرافق للقصيبي على أخلاقه، وكيف كان بسيطًا متواضعًا صاحب خلق، وأدب حتى وهو في أشد حالات مرضه، وقال: "كان ـ يرحمه الله ـ لا يرضى أن يُكنى بالألقاب، وكيف كان محتسبًا صابرًا ذاكرًا ومثنيًا على الله. وعن أسرته وزيارتهم له، وكيف كانت زوجته وفية له، يضرب بها المثل في الوفاء"، وتطرق "ابن محفوظ" إلى حس الدعابة لدى الدكتور القصيبي، وقال: "أتذكر عبارته وهو يحثنا على التواصل معه، فكان يقول لنا: "كونوا قريبين مني ومسامرتي حتى إذا جاء ملك الموت من هاهنا وحل الأجل، فاذهبوا من هاهنا". وتناول عبدالعزيز آل حسين التميمي، أعمال الدكتور غازي الخيرية، وخدمته لدينه والدفاع عن الإسلام بالقلم نثرًا وشعرًا، وقال: "ظهر ذلك جليًا من خلال المحاضرات التي يقيمها في أمريكا وغيرها، وتوجيهاته ببناء المساجد في جميع الأماكن التي تشرف عليها وزارته. وكشف "التميمي" كيف سعى القصيبي بنفسه في إيصال التيار الكهربائي إلى تلك المساجد في أنحاء المملكة، فضلاً عن خدمته لبلاده، والدفاع عنها في المحافل الدولية والاهتمام بتوزيع كتاب الله وما يتعلق بنشر الكتب التي تتعلق بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في خارج المملكة". ووصف الوزير المفوض في سفارة البحرين، عبدالعزيز الزاهد، القصيبي بأنه شخصية نادرة، قائلاً: "عرفته ـ يرحمه الله ـ ومن خلال عملي معه بسفارة المملكة بالبحرين، لقد كان العمل معه ممتعًا بمعنى الكلمة، لا تجده إلا بشوشًا مداعبًا قريبًا، سواء أثناء العمل أو خارجه، ولا تكاد تبعث لمكتبه بمعاملة، إلا جاءك التوجيه أو الاعتماد حالاً، وعلى أكثر التقدير قبل نهاية دوام ذلك اليوم". واستمع الحضور إلى كلمتين صوتيين، الأولى لسفير خادم الحرمين في إندونيسيا الأديب مصطفى آل شيخ مبارك، الذي تطرق إلى شخصية القصيبي وأخلاقه وإنسانيته مع العاملين، وحرصه على العمل معهم بروح الفريق الواحد، وإنجازه للمعاملات بدقة، وأسلوبه في مقابلة الجمهور، وكيف كان يشرح على المعاملات بأسلوب أدبي وأحيانًا بالكتاب شرحًا على المعاريض ببيت شعر. وجاءت الكلمة الصوتية الثانية من سفير جمهورية جيبوتي بالرياض وعميد السلك الدبلوماسي الدكتور ضياء الدين بامخرمة، وقال: "عرفته ناصحًا أمينًا وفيًا لأمتيه العربية والإسلامية وشجاعًا"، مبينًا أن أشعار القصيبي وكتاباته، أحدث لغطًا في عالم الأدب". وتكلم فؤاد الصويغ، خال الدكتور غازي القصيبي عن حياته وعلاقته به وأعماله الخيرية التي ربما لا يعرفها أحد وعن حبه لبلاده، وجلب بعض القصص التي تدل على حبه للخير. وقال: "هناك قصة مؤثرة، حدثت له في إحدى زياراته التفقدية لبعض المستشفيات بإحدى القرى، حيث شاهد مستشفى، قد تكسرت نوافذه، وبات المرضى مكشوفين، فتأثر ودخل إحدى الغرف، وسمعت له بكاءً وهو يكلم نفسه ويقول كيف أقف أمام الله، ثم خرج علينا، ثم سأل عن المباني الحكومية التي يمكن أن ينقل إليها المستشفى، ولم تمض ساعات إلا وقد تم نقل المستشفى إلى مبنى آخر". وتحدث هيثم بن محمد بن خليفة عبدالرحمن القصيبي، عن الدكتور غازي وصرامته وحزمه مع أدب واحترام، فيما وصف أحد الحضور الاحتفال بغازي القصيبي، بأنه "رسالة للجميع أن من يعمل ويخلص لوطنه وأمته، سيترك كما ترك غازي القصيبي، بصمته، وسيكون محل تقدير الجميع". جاء هذا في ديوانية سالم بلحمر بالدمام، التي أُقيمت أخيرًا، بحضور عددٍ من الأدباء والسفراء والمسؤولين من أصدقاء الدكتور غازي القصيبي، والذين عاصروه، وأدار اللقاء المهندس طارق أبو عائشة.
مشاركة :