الحب العذري في عصر العولمة

  • 3/1/2019
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الحب وما أدراك ما حال المحبين! هل فعلاً حياتنا اليوم، قد غيرت من  مشاعر الحب لدى المحبين؟! هل حال المحبين اليوم كما هو حالهم بالأمس؟! هل يوجد حب عذري في يومنا هذا؟ هل هذه  مجرد تساؤلات أم فضول كاتبة في الحقيقة لا أعرف!ولكني بهذه التساؤلات والفضول قد فتحت على نفسي باباً كبيراً في البحث عن  قصص العشاق والمحبين قديماً، فوجدت العجب العجاب، وأخذت أقارن بين المحبين في السابق والمحبين في عصرنا الحاضر، فبصراحة هناك فرق شاسع ما بين الحب في زمنهم والحب في زمننا اليوم.كان الحب قديماً له ثقل وقيمة ومعانٍ ومشاعر وأحاسيس صادقة ومتدفقة بالعطاء، لا يغيره الوقت ولا الظروف ولا الماديات، وللحبيب صبر على صد وغياب المحب، والهجران عندهم هو النيران المشتعلة في القلب. لقد كان العرب قديماً مشاعرهم هي الدافع للحب أكثر من غرائزهم، وهذا ما نقله الأصمعي ذات مرة حين سئل عن الحب فأجاب: «أمتِّع عيني من وجهها وسمعي من حديثها وأسترُ منها ما يحرُمُ كشفُهُ إلا عند حله». هذا ما يسمى الحب العذري الحقيقي. وسبب تسمية بالحب العذري نسبة لقبيلة حملت اسم «عذرة»، كانت موجودة في الجاهلية، واشتهر أبناؤها برقة مشاعرهم وكثرة العشاق منهم، والذين تميزوا بالصدق في عواطفهم، حتى أنه قد قيل بأنهم كانوا يموتون حبا. فدافع الحب هو المحرك للمشاعر في حياتهم، هل هذا الدافع اليوم وفي عصر العولمة القاسي بحقائقه الفاضحة وثقافته السريعة، هو المحرك لمشاعر الحب بين الطرفين؟ فماذا لو التقى الحبيبان في يومنا هذا، هل كانا اكتفيا بالهمس العذري المتباعد، من دون لمسٍ حسيٍّ؟ هل هناك عاشق عندما يفرقه الوقت عن محبوبته سينحل جسده؟ هل سيصاب بالجنون كمجنون ليلى؟ هل سيغيب عن وعيه كلما تذكر فراق محبوبته كيزيد بن الطثرية ومحبوبته وحشيَّة، لدرجة أن عقله كان يذهب ويغيب عن وعيه وعندما يذكرون له اسم وحشيَّة محبوبته  يفيق على اسمها. هل هناك عاشق سيفارق الحياة عندما يعلم أن محبوبته قد ماتت كالمخبَّل القيسي وحبيبته ميْلاء، عندما قالوا له إن الميلاء حبيبته قد ماتت، زفر زفرة مات منها، ودفنا في قبرين متجاورين، وهل هناك عاشق يقبل جدار دار حبيبته، لأنها كانت ساكنة هذه الديار كقيس بن الملوح حين قال: أمر على الديار ديار ليلىأقبل ذا الجدار وذا الجدار   وما حب الديار شغفن قلبيولكن حب من سكن الديار. إجابتي - ومن وجهة نظري - في ظل العولمة والتكنولوجيا الحديثة، التي أدت الى تبلد مشاعرنا، فإن حالة الحب تعتمد على حالة الظهور في البروفايل الخاص بجهاز النقال. باختصار إن كان الشخص في حالة حب، نراه يضع القلب الأحمر والعديد من أبيات الغزل، وإن حصل فراق بينهم بعد يوم أوأكثر يضع قلباً مجروحاً وأبيات شعر عن فراق المحبوب، وإن طال الصد والفراق يأتي دور(البلوك، والدليت) للحبيبة، ويكتب كلمات شعرية  بأن الله عوضه بأحسن منها، ويبدأ من جديد قصة حب جديدة مع محبوبة أخرى، ويعود القلب الأحمر بالظهور، وهكذا الحال للرجال والنساء. حبنا اليوم  قليل الدسم وسريع اشتعال المشاعر وسريع تبخرها وتبلدها، والصد والهجران في قاموس المحبين اليوم يعني هناك  بديل آخر يشغل المحب عن حبيبه، فالحبيب الأول تم مسح رقمه وتم استبداله بآخر. الحب قديماً كامل الدسم بالمشاعر والوفاء والإخلاص. اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك، اللهم اجعل حبك أحب إليّ من نفسي وأهلي ومن الماء البارد.Najat-164@hotmail.com

مشاركة :