لا تشمت يا شمّات

  • 3/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عندما كنت بالمرحلة المتوسطة، وأتت الإجازة الصيفية أو «الكبيرة» كما كنا نسميها، سجلني والدي -حفظه الله- في المركز الصيفي بالمعهد العلمي بالباحة وقتها، وكان أساتذة المعهد يسجلون كذلك للإشراف علينا وعلى البرامج المقامة بالمركز، ظهر وقتها لبس السديري أو الصديرية كما يسميها البعض، أعجبتني فاشتريتها ولبستها في طريقي إلى المركز، كنت جالساً مع زملائي في المجموعة أو «الجماعة» كما كان يُطلق عليها حينها، دخل أحد الأساتذة سلّم علينا وهو يبتسم، ولما رآني اختفت ابتسامته، ثم استدعاني بكل عنف وأفزعني!ذهب بي إلى الإدارة وظللت واقفاً حتى عاد ومعه مجموعة من الأساتذة، ثم أقفل الباب، وبدأ خطابه: أنت ولد الشيخ فلان وليس من اللائق بك أن تلبس هذا اللبس! سألته: وما مشكلة هذا اللبس؟ نهرني قائلا: «وتجادلني كذلك؟.هذا ليس من عاداتنا وتقاليدنا، وهذا في الأصل تشبه بالكفار ومن عاداتهم القبيحة! ثم بدأ الأستاذ الآخر، والذي يليه وهكذا، طلبوا مني خلعه فخلعته ووضعته على الطاولة ثم انصرفت، كان هناك برنامج مسابقات وطلبوا مني الجلوس وحيداً فلا يحق لي المشاركة بعد هذه الفعلة الشنيعة!.ودارت الأيام، قابلت هذا الأستاذ بالأمس وسلمت عليه، وعرفني على ابنه الذي يقف بجواره وأنه آخر العنقود، كان يلبس «جينز» من النوع الممزق عند الركبتين وما فوقها، فابتسمت، وأثنيت على ابنه ودعوت له، ثم امتدحت ما يلبسه، فقال أبوه ضاحكاً: تعرف الموضة ومسايرة الزمن! قلت: طيب والسديرية؟ فلم يفهم المقصود، فأخبرته بالقصة، فانقلبت ابتسامته كتلك السابقة، ثم انصرفت دون أن أودعه.كم آلمني موقفي في المركز الصيفي وقتها، ولا أنسى استهزاء أقراني حينها، شكراً للزمن الذي ينصفك من هؤلاء ممن يدعون المثالية والتمسك بالدين وهم من الداخل منافقون للمجتمع، وددت لو قلت له -وربما هو يقرأ الآن- ما قالته جدتي رحمها الله: لا تشمت يا شمّات إن الله حي لا يموت!.

مشاركة :