انطلقت على خشبة مسرح بابل في العاصمة اللبنانية بيروت، الأسبوع الماضي، مسرحية فعلى مدى 90 دقيقة، تنتحل الكاتبة الممثلة، رائدة طه، شخصية الحكواتية، وتتحدث بصوتها وصوت عمتها عن والدها علي طه أحد خاطفي الطائرة التي كانت تقوم برحلة من فيينا إلى تل أبيب في 1972، وقتل خلال العملية. وتعاتب رائدة، التي كانت قد عملت في المكتب الصحفي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في المسرحية ألاقي زيك فين يا علي للمخرجة اللبنانية لينا أبيض، والدها. علي.. الأب وليس الشهيد وتطلق على والدها اسم علي بكل بساطة، وتجعل من علي طه الشهيد البطل...أبا وأبا فحسب، على حد تعبير المخرجة. وتعالج رائدة في المسرحية، التي تعرض حتى 7 مارس، وبأسلوب فرح وممتع ودقيق في آن كل ما حصل بعد مقتل والدها، وكيف تمكنت والدتها من أن تربي البنات الأربع اللاتي عرفن المعنى الحقيقي لليتم، على رغم حضور عرفات القوي في حياتهن. أب وزوج وحبيب وأخ وجاء في الكتيب الخاص بالمسرحية علي طه (الملقب بأبي نضال) هو أب وزوج وحبيب وأخ. رحل وترك نساءه يكملن حياته عنه وحياتهن عبره. زوجة الشهيد، بنت الشهيد، اخت الشهيد.. أدوار بطولة ألصقت بهن ولم يبحثن عنها... ويضيف امرأة جميلة ترملت في السابعة والعشرين، أربع فتيات أكبرهن في السابعة...وسهيلة أخته، التي قابلت هنري كيسنجر بطلب وحيد: استلام جثة أخيها الفدائي لدفنه بعد سنتين من حفظها في الثلاجة!. وأضافت المخرجة شرعنا في التحضير للعمل منذ ما يقارب السنتين. كل قصص رائدة تتخللها لقطات من التاريخ...قلت لها ذات يوم: في مقدورنا تقديم عشرات المسرحيات من خلال هذا الكم الهائل من القصص التي اختزنتها ذاكرتك. البحث عن صورة الوالد وتروي رائدة لرويترز إنها كانت في السابعة عندما قتل والدها، وكانت أصغر شقيقاتها في أشهرها الأولى. وقالت إن شقيقتها الصغرى التي لم تعرفه يوما هي أكثر واحدة تحلم به وهو يزورها في منامها. أما شقيقتها الثانية، فقد أطلقت على ابنها الاسم الكامل لوالدها علي طه، والثالثة تزوجت من رجل ترى فيه نسخة طبق الأصل من طه. ولدى سؤال أم نضال، الحاضرة بين الجمهور، عما إذا عاشت قصتها بكل مشاهدها مجددا في هذه المسرحية، تمتمت وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة أنا أعيش هذه القصة يوميا منذ أكثر من 40 عاما.
مشاركة :