ليست «صفقة القرن» .. بل «صفاقة القرن»

  • 3/4/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

قلت أمس ان جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض الأمريكي حين قام مؤخرا بجولة زار خلالها عددا من الدول العربية للترويج للخطة المسماة « صفقة القرن» انما كان يريد تسويق بضاعة فاسدة مسمومة. لماذا هي بضاعة فاسدة مسمومة؟.. لأن الخطة بحسب كل المعطيات المتاحة، كما سنرى حالا، يستحيل ان تكون موضوعة لتحقيق تسوية للصراع العربي الإسرائيلي أو لإحلال السلام كما يزعمون، وإنما لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا. صحيح انه لم يتم إعلان تفاصيل الخطة بعد رسميا، لكن مواقع ومصادر غربية كثيرة نشرت في الفترة الماضية تفاصيل كثيرة عما تتضمنه الخطة، والأرجح ان هذه التفاصيل صحيحة. بداية، لا بد ان نشير إلى ما ذكرته كثير من المصادر من أن هذه الخطة قام بوضعها ثلاثة فقط هم، جاريد كوشنر، وجيسون جرينبلات المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. هؤلاء الثلاثة، قال عنهم موقع فرنسي: «لا يمتلك هذا الثلاثي أي خبرة دبلوماسية، ولا معرفة بخصوصيات المنطقة العربية، وثلاثتهم لا يدركون ولا يعنيهم سوى المصالح الإسرائيلية». ليس من الصعب ان نتوقع أي نوع من الخطة يمكن ان يعدها ثلاثة هذا هو حالهم. على أي حال، ماذا تتضمن هذه الخطة بالضبط؟ من واقع قراءتي الدقيقة لما نشرته مختلف المواقع والمصادر عن الخطة، يمكن تلخيص ما تتضمنه في الجوانب التالية: 1 – لا تشير الخطة على الإطلاق إلى حل قيام الدولتين. أي انها لا تعترف بهذا الحل على الرغم من انه الأساس الذي تنص عليه القرارات الدولية، والذي يصر عليه الفلسطينيون والعرب. بدلا من حل الدولتين، تقترح الخطة إقامة «شبه دولة» في الضفة الغربية تكون منزوعة السلاح وذات سيادة محدودة جدا ولن تكون القدس عاصمتها. 2 - وبناء على ما سبق، من الطبيعي ان الخطة لا تعتمد على حدود ما قبل 4 يونيو 1967 لوضع حدود « شبه الدولة» الفلسطينية هذه. وتنص الخطة على بقاء المستوطنات الإسرائيلية، الكبيرة، كما هي. وتتعامل الخطة مع قطاع غزة بشكل خاص منفصل. أي انها تقوم عمليا على الفصل النهائي الجغرافي والسياسي بين الضفة وغزة. 3 – لا تقبل الخطة بعودة اللاجئين الفلسطينيين بأي حال وفي ظل أي اتفاق ولو حتى بشكل رمزي، وتقترح بدلا من ذلك ان يتم توطينهم في البلاد التي يقيمون بها، بدعم مالي من دول الخليج العربي لهذه البلاد. 4 - تركز الخطة على قطاع غزة وتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية بتوفير الماء والكهرباء وما شابه. وتتحدث الخطة هنا وبشكل غامض عن «منطقة حرة» تقام فيها محطة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء ومشاريع صناعية. 5 - تطلب الخطة من دول الخليج العربية ان تدفع مليار دولار أو اكثر لتمويل هذه المشاريع المتعلقة بقطاع غزة ولتقديم المساعدات للقطاع بشكل عام. هذه، عزيزي القارئ، هي الجوانب التي تتضمنها الصفقة من واقع ما نشر عنها من مختلف المصادر. لا أحسب أننا بحاجة إلى التعليق عليها، وهل يمكن ان تكون مقبولة أم لا. الحقيقة انني حين تأملت هذه الجوانب، قلت فورا: هذه ليست «صفقة القرن» بل هذه «صفاقة القرن». نعم.. لا يعرف القرن صفاقة سياسية، بل استراتيجية، مثل هذه. صفاقة ان يتصور من وضعوا هذه الخطة ان شعب فلسطين بعد كل التضحيات التي قدمها لعقود طويلة يمكن ان يتخلى عن ارضه ووطنه وكل حقوقه المشروعة في مقابل بضعة أموال، أو محطة كهرباء أو مياه. صفاقة ان يتصوروا ان العرب، قادة وشعوبا، يمكن ان يتخلوا عن قضية فلسطين في سبيل هذه المهزلة المسماة خطة سلام. صفاقة ان يطلبوا من دول الخليج العربية ان تقوم هي بتمويل ضياع القضية الفلسطينية بهذا الشكل. صفاقة ان يتعاملوا معنا نحن العرب بهذه الطريقة، ويتصوروا اننا يمكن ان نقبل هذه المهانة التاريخية.

مشاركة :