ظلت معضلة تشنج العضل المزمن مؤرقة لجميع علماء طب العمود الفقري والمفاصل حتى تم تطوير تقنية الإبر الجافة الكهربائية التي يعود أصلها لمئات السنين، لكنها في الآونة الأخيرة شهدت تحديثاً وإجراء دراسات عديدة عليها في كندا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة. الدكتور عادل الرجولة استشاري تأهيل العمود الفقري والمفاصل ورئيس قسم التأهيل بمستشفى المركز الطبي الدولي بجدة هو أول من أدخل هذة التقنية للمملكة العربية السعودية بعد أن تلقى التدريب عليها في كندا، وفي حديثه عنها يقول: تعبتر هذه التقنية حالياً من أكثر تقنيات تأهيل العمود الفقري والمفاصل فعالية، حيث يقوم استشاري العلاج الطبيعي بإدخال إبرة في الأماكن الأكثر تشنجاً وألماً في المنطقة التي يريد معالجتها. ويضيف د. الرجولة أن هذه الإبرة سميت (جافة) لأنها لا تحتوي على أي دواء، ومجرد دخول الإبرة في العضلة المتشنجة يساعد على إفراز مادة المورفين الضرورية لإرخاء العضل، ثم يقوم استشاري العلاج الطبيعي بوصل هذه الإبرة بتيار كهربائي خفيف يساعد على تحفيز الإندورفين وإرخاء العضلة أكثر وأكثر. أما عن مدة العلاج فيذكر الدكتور عادل الرجولة أنها تستغرق من ربع ساعة إلى نصف ساعة، مضيفاً أن نتيجة التحسن تظهر مباشرةً بعد العلاج، وأنه لا يترتب عليه أي أعراض جانبية شرط أن يكون الطبيب الذي يقوم به متمرساً ومتدرباً على استعمال هذا الجهاز وحاز خبرة في استخدامه. وفيما يتعلق عموماً بتشنجات العضل المزمنة في العمود الفقري والمفاصل، أوضح د. الرجولة أنها أصبحت منتشرة جداً في مجتمعاتنا، ونتائجها تؤثر على حياتنا اليومية بشكل ملحوظ، فمن آلام خلال الليل تحول دون النوم السليم، إلى عدم القدرة على العمل المكتبي بسبب الألم، مروراً بعدم القدرة على ممارسة الرياضة، وصولاً إلى المزاج المتعكر ... إلخ تتنوع النتائج المتعلقة بتشنجات العضل المزمن. هذه الآفة أصبحت منتشرة عند الجنسين وبغض النظر عن العمر، ووفقاً للدكتور عادل الرجولة فإن هذا السبب يعود إلى طبيعة حياتنا البعيدة عن ممارسة الرياضة والمعتمدة على وسائل التكنولوجيا الحديثة، حيث يمضي معظمنا ساعات عمل طويلة جداً وراء شاشة الحاسوب أو كتابة رسائل نصية على الجوالات صغيرة الحجم، بما يستدعي وضع العمود الفقري ومفاصل الجسم في وضعيات غير مريحة، مما ينتج عنه تشنجات جميع العضلات المحيطة بهذة المفاصل. ويضيف أن تشنجات العضل المزمنة تأتي نتيجة عدم وصول الدم والأغذية المناسبة للعضل بشكل كاف، فعندما توضع المفاصل في وضعيات غير مريحة، نتيجة الجلوس في أوضاع خاطئة مثلاً، تقوم جميع العضلات المحيطة بهذه المفاصل بالتقلص، مما يفقدها قدرتها على الامتطاط الضروري لتأمين الغذاء المناسب لها. كثرت العلاجات والوسائل المقترحة لتشنج العضلات المزمن، من المساج العلاجي إلى الكمادات الساخنة إلى تمارين إطالة العضل، إلخ. وعنها يقول د. الرجولة أنه مما لا شك فيه أن كل هذه الوسائل مفيدة إذا طبقت بشكل طبي وعلمي ومن قبل أخصائيين طبيين، ولكن يبقى أن هذه الوسائل كلها مؤقتة، حيث تقوم بزيادة وتنشيط الدورة الدموية على العضل، مما يؤدي إلى راحة العضل بشكل مؤقت يزول خلال ساعات، كما تتصف هذه الوسائل كلها بأنها سطحية ولا تقوم بإثارة الألياف العضلية المتشنجة بشكل مباشر، وقد تم تجاوز كل ذلك بظهور تقنية الإبر الجافة الكهربائية التي اختصرت على المرضى مراحل طويلة من المعاناة وعدم الفعالية الكاملة لوسائل العلاج السابقة والعديد الأعراض الجانبية. المزيد من الصور :
مشاركة :