خالد زنان : الإشراف سبب عجز المعلمين وهدر للوقت ..

  • 3/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أعمل في مكتب شبه فارهـ أتصرف كيفما أشاء مع المسئولين والمراجعين من داخل الإدارة وخارجها أدير الكفة حسب روقاني ونفسيتي في ذلك اليوم ، يرتاد المكتب عشرات المراجعين من كل الأطياف ؛ أولياء أمور طلبة ومعلمين ومشرفين ومديري إدارات أوجه الموضوع حسب مزاجي وحسب قدرتي في السيطرة على الوضع في الزمان والمكان وحسب نظرتي للشخص ونوع المعاملة ، وكنت أرى أن المعلم ( المدرس ) لا يؤدي واجبه على الوجه المطلوب وأنهم يتقاضون رواتب تفوق معطياتهم وكنت أظن أن المشرف يحمل على عاتقه الشيء الكثير وأنه لب العمل الدينمو المحرك للعمل المدرسي والإداري ، كل هذا كان من منظور رجل يقبع في مكتب ولم يزور الميدان إنما يأمر وينهى وهو في المكتب ، ومن في الميدان يتوددون له ويذللوا له الصعاب ويقدموا له كل ما بوسعهم من أجل أن يبقى هذا المسئول في مكتبه ولا ينزل للميدان ويرى ويلحظ ما به من مخالفات ومشاكل وخلل وظيفي مهني. فعلاً كانت نظرتي خاطئة لأني كنت أهضم حق المعلم وأمجد المشرف وبعد أن شاء الله ونزلت للميدان تغيرت نظرتي تماماً حيث أني وجدت المعلم يعاني نفسياً واجتماعياً ومادياً ومعنوياً ، إدارة المدرسة تضغط عليه لترضي الإشراف ؛ أولياء الأمور يهاجموه ويعتدوا عليه ؛ الطلبة تأتي للمدارس وهي مدمرة فكرياً وجسدياً بسبب ما تتلقاه يومياً من وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والشارع المحيط بهم. تلك هي البداية وإليكم الحكاية : نعم الميدان التعليمي محتاج لإعادة النظر من جديد حيث أن العمل بهذه الطريقة غير مجدي ولا يفي بالغرض وإنما يزيد المجتمع جهل وتأخر تربوي مع أنه مجتمع حاصل على أعلى الشهادات الورقية لكن دون علم ومعرفة وإطلاع. هنا نأتي للب الموضوع وهو الإشراف التربوي الذي كنت مغتر به وبعمله على أنه الدينمو المحرك لإدارات التعليم ولكن الحقيقة غير ، لقد كنت أظن أن كل المشرفين ممن تنص عليهم اللوائح والأنظمة الوزارية على أنه من يتقدم للإشراف لا بُد أن يكون من المعلمين المتميزين خلقاً وأداءً وانضباطاً ويكون مؤهله الجامعي لا يقل عن جيد جداً ويجتاز الاختبارات التحريرية والشفوية وقبل ذلك يحصل على توصية من المشرف المتابع وإدارة الإشراف ولكن الواقع الميداني يعج بالمشرفين الغير منضبطين ممن لهم صولات وجولات في المخالفات بعضهم خريج مقبول ومنهم الغير تربوي ومنهم الغير صالح للعمل التعليمي والتربوي لكن حرف الواو جعلهم في أماكن قيادية ، إنما وجدوا فرصة للتهرب من عملهم الأساسي في التربية والتعليم إلى الإشراف الأقل عملاً ومسؤولية ، استطاع من وصل لدرجة مشرف بعلاقاته الشخصية مع المسئولين الوصول لهذا المكان وهو بدوره بعلاقاته مع مديري المدارس يستطيع إدارة شؤونه وهو في منزله أو يدير أعماله الشخصية ويقوم المدير بالواجب عنه وإرسال كل المواضيع على الفاكس أو وسائل التواصل ولا يحتاج حضوره للمدرسة. الكثير من المشرفين بل أن الغالبية العظمى يتوجهوا لعمل الإشراف ليس لأنهم الأكفأ في التدريس بل للتهرب والتنصل من أداء أشرف مهنة وهي مهنة التربية والتعليم التي يفترض أن كل من دخلها أن يخلص فيها لا أن يتهرب منها. الإشراف والمشرفين سبب لعجز الوظائف التعليمية وهدر للوقت لأن الأساليب الإشرافية الموجودة ليست مجدية في تطوير التعليم والرفع من أداء المعلمين .. والحقيقة أن مفهوم الإشراف لدى المشرفين ينتابه شيء من العشوائية واللامنهجية ، يفترض أن المشرف معني بعمله المعلم ؛ الإشراف .. التوجيه .. تصحيح الأخطاء لدى المعلم وتنويره بطرق جديدة وحديثة وتقييمه بناء على المعطيات السابقة. أما ما رأيته خلال تواجدي بالمدرسة أن المشرف مجرد اسم وليس لديهم من الإشراف ما يدل على منهجيتهم ، كما أن المشرف بهذا الأسلوب لن يطور من أداء المعلم بل بالعكس يهز شخص المعلم أمام الطلاب. ففي تصوري أن مدير/ة المدرسة يستقبلوا أحياناً من ثلاثة إلى أربعة مشرف/ة مما يدفعهم للاعتذار لهم ؛ لأن عملهم غير مجدي ويسبب ضغط نفسي على الإدارة والمعلمين والطلبة. التقويم الشامل : على الوزارة إعادة النظر في الإشراف لأن تفريغ هذا العدد الهائل من المعلمين والمعلمات يسبب عجز في التعليم ، يفترض إعادة تشكيل فريق التقويم الشامل الذي أندثر بفعل فاعل بعد أن بدأ بداية قوية ولكن اصطدم بمسولين أقوياء استطاعوا تدميره وتفكيكه قبل أن يرى النور ، لأن التقويم الشامل كان منظومة متكاملة يدقق في كل شيء يقلب ويفتش في الملفات التعليمية والتربوية والإدارية والمالية لأنه عبارة عن فريق متكامل يزور المدرسة وليس مشرف واحد. الفريق مكون من عدة أعضاء ليسوا بالشرط أن يكونوا معلمين مثلما كان بالسابق إنما تجهيز إدارة كاملة من الموظفين الإداريين المؤهلين الذين موزعين على المدارس بأعداد هائلة ليس لهم أي عمل يذكر ، يتم تدريبهم وتجهيزهم لهذه المهمة وهناك أكفاء يشهد لهم عملهم. ويعمل لهم خطة ، الفريق لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن خمسة ، كل يوم زيارة لمدرسة ، التفتيش والتوجيه والجلوس مع الإدارة وزيارة المعلمين خلال اليوم الدراسي كاملاً وهكذا ، زيارة خمسة مدارس في الأسبوع تعني زيارة عشرين مدرسة في الشهر ، العام الدراسي ثمانية أشهر نكون قد زرنا ما يقارب 160 مدرسة للفريق الواحد خلال العام الدراسي فما بالنا إذا كان لدينا عشرة فرق ميدانية كل فريق مكون من خمسة أعضاء. ‏بهذا الأمر نكون قد وفرنا وظائف المعلمين الذين يعملوا باسم مشرف ومفرغين بأعداد كبير ، وقدمنا عمل مجدي ومفيد حيث أن إدارة التقويم الشامل في كل إدارة تعليم نفترض أن بها خمسين عضو يتوزعون على عشرة فرق ميدانية أجدى من تفريغ ما يقارب عشرون ألف مشرف ومشرفة على مستوى إدارات التعليم. بهذا الحل لن يتجاوز عدد التقويم الشامل الألفين موظف وقد وفرنا ما يقارب عشرين ألف وظيفة تعليمية. ومضة ‏لابد أن تعرف بأنه مهما فعلت وأحسنت فلن تجد أحداً يرضى عنك دائماً فـ هون على نفسك أهم شيء أنك ترضى أنت عن نفسك .. عوّد نفسك : أن تعمل بلا تشجيع .. وأن تنجز دون تصفيق .. وأن تثق بنفسك .. بصرف النظر عن رأي الآخرين .. بوح : أنا إنسان صامت .. لكن حروفي ناطقــــــــــة .. مشاعري وأحاسيسي ذابلة .. تحكي آلام وأحزان وجروح غائرة .. —————————————————— خــــالد زنــــــان كل الوطن

مشاركة :