فتح الخروج المر للمنتخب الأولمبي السعودي من دور المجموعات في بطولة كأس آسيا ( عاما) التي تجري أحداثها في ملاعب العاصمة القطرية الدوحة، كثيرا من الملفات المغلقة في الكرة "الخضراء"، ولم تعد الجماهير السعودية تحتمل المزيد من التراجع والإخفاقات المتتالية، وغياب المواهب القادرة على استعادة التوهج والحضور في قلب المنافسة، كما تفعل منتخبات قطر، الإمارات، والعراق، وقبلها منتخبا اليابان، وكوريا الجنوبية، وغيرها من المنتخبات الطامحة دوما للظهور المميز، وتقديم المزيد من المواهب الكروية. ولعل ملف بطولة "دوري الأمير فيصل الأولمبي" يتصدر هذه الملفات، إذ بات استمراره في المواسم المقبلة يقف الآن في منعطف مهم، في ظل انتفاء الفائدة من إقامته منذ أربعة مواسم تحديدا حينما تحول نظامه بالكامل نحو فئة اللاعبين تحت عاما، من دون استفادة حقيقية لمخرجاته جناها المنتخب الأولمبي، الذي لم يسبق له تحقيق البطولة الآسيوية، وأخفق أخيرا في المنافسة على الحضور في أولمبياد لندن ، وتبعه بالغياب الباكر عن أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل الصيف المقبل. صناعة النجم تبدأ من أعوام باكرة تنطلق من مرحلة البراعم ثم الناشئين فالشباب، وهي مراحل كافية لبروز أي موهبة قد تلفت الانتباه، وسرعان ما تنصهر في تشكيلة الفريق الأول، وقبله المنتخبات السنية، بعد خطوات الصقل واكتساب الخبرة وتعزيز المستويات اللياقية والفنية، وتصحيح الأخطاء التكنيكية. ما يحدث الآن في الكرة السعودية مختلف جداً.. فاكتشاف المواهب يتم في وقت متأخر، فالدوري الأولمبي بنظامه الجديد ساهم في وأد المواهب الشابة وهدر الوقت والمال من دون فائدة تذكر...! فاللاعب في سن 23 حتما سيواجه في هذا الدوري الفرصة الأخيرة لإثبات الوجود أو الرحيل. وبنظرة فاحصة لصفوف المنتخب الأولمبي الذي جر أذيال الخيبة في البطولة الآسيوية نجد أن أكثر من من عناصره لا ينتمون للدوري الأولمبي، بل يشاركون باستمرار أو على دكة البدلاء مع أنديتهم في دوري المحترفين، ما يعكس حقيقة أن الدوري الأولمبي مجرد تحصيل حاصل ضرره يفوق نفعه إن وجد، وبسبب ذلك اضطر اتحاد الكرة مجبرا لإيقاف "دوري عبداللطيف جميل"، ليختزل فترة إعداد المنتخب الأولمبي للبطولة الآسيوية في أيام معدودة، لا تليق بمنتخب يسعى للمنافسة والحضور في الأولمبياد المقبل بين أقوى منتخبات العالم، إذ كان المبرر لذلك هو ارتباط لاعبي المنتخب الأولمبي مع أنديتهم في دوري الكبار، وهو عذر غير منطقي يثبت حقيقة فشل الدوري الأولمبي في تقديم اللاعبين الجاهزين للمنتخب الأولمبي، بل هو إحباط للاعبين البارزين افتراضا في هذا الدوري، فلا أنديتهم اقتنعت بقدرتهم على تمثيل الفريق الأول، ولا المنتخب الأولمبي احتوى مواهبهم ومنحهم الفرصة في المشاركة منذ البداية. في كل موسم تنطلق رحى التدوير في "دوري عبداللطيف جميل" وتلجأ الأندية إلى نظامي الإعارة أو الانتقال فقط، لتغيير اللاعبين والاستعانة ببدلاء جاهزين، من دون منح المواهب الشابة من سن وما فوق الثقة في تمثيل الفريق الكروي، ويحدث ذلك حتى في أندية الوسط، وتلك التي تنافس على الهبوط، في قتل للمواهب الشابة في مهدها، فلم نعد نرى موهوبا بارزا من الفئات السنية في الموسم الواحد، إلا في حالات نادرة لا تكاد تذكر، فتدفع منتخباتنا السنية الثمن غاليا بالغياب حتى عن مشهد المنافسة في الاستحقاقات التي تخوضها، لنعود معها إلى نقطة البداية، ونتساءل بعدها بحرقة أين هي مواهب الكرة السعودية؟ ومن المسؤول عن غيابها أو تغييبها؟. الواقع المخجل للمنتخب الأولمبي وقبله منتخبات الفئات السنية الأخرى يفرض على مسيري الكرة السعودية الوقوف لدقائق أو لساعات أو لأيام صمت طويلة والتفكير عميقا في مستقبل الكرة السعودية، ثم اتخاذ قرارات جريئة تعيد الهيبة لمشاركاتنا المقبلة، وأولها إلغاء الدوري الأولمبي، والحد نظاما من مسلسل التدوير الجاهز بين الأندية، ومنح المواهب الشابة مساحة من الثقة والمشاركة واكتساب الخبرة، بعيدا عن خنقها في دوري لا أهمية لاستمراره بهذا الهدر المعنوي والمادي، ستجفيف منابع المواهب الصاعدة وإجبارها على الأفول الباكر والمتضرر ليس المنتخب الأولمبي بل التأثير أيضا سيمتد إلى المنتخب الأول.
مشاركة :