القاهرة: «الخليج» أصدرت دار «أقلام عربية للنشر والتوزيع» كتاب «مراسلات بين جوركي وتشيخوف» ترجمة جلال فاروق الشريف، والغاية من نقل هذه المراسلات إلى قراء العربية هي التعريف بمكسيم جوركي. فمؤلفاته التي ترجمت كلها إلى العربية قد أطلعتنا على أدبه، وهذه المراسلات تطلعنا على طرف من حياته، وقيمة هذه المكاتبات أنها لم تكتب لتنشر، أي أنها بعيدة عن مقتضيات العمل الأدبي، وهذا هو سر قيمتها، ذلك لأنه مهما كانت صراحة الكاتب كبيرة في مؤلفاته، عندما يكتب قصة حياته، فإنه لا بد من حدود تقف عندها هذه الصراحة، وأقل ما يقتضيها هو فن الكتابة. يكشف جوركي في هذه المراسلات عن نفسه، إنه يثق في تشيخوف وفي حسن فهمه، لهذا نراه صراحة يحدثه عن كل ما يعانيه: «إنني لا أتحدث إليك لأنني أحبك فحسب، بل لأنني عليم بأنك رجل تكفيه كلمة واحدة كي ينشئ صورة ويؤلف جملا ويكتب قصة رائعة تنبش أعماق الحياة وجوهرها كما تفعل أداة السبر بالأرض». تعرفنا هذه المراسلات بالإنسان في حالات قوته وضعفه ونضاله ويأسه وإيمانه وقلقه: «ما نحن في الحقيقة غير كائنات جديرة بالشفقة، بلى ما نحن غير أناس يورثون الضجر، أناس مقيتون»، «إنني أسهر بغيرة على الأفكار السوداء حتى لا تمتص لي فؤادي». يكشف الكتاب أن الميل للعزلة ليس بالحالة الغريبة عند جوركي، رغم ما عرف عنه من إقبال على العمل: «سأعيش وحيدا وسأعمل، لقد قال أحد أبطال هيدبرج: العزلة بداية الحكمة، وأضاف آخر قائلا: وبداية الجنون، وإنني لأومن بالرأي الأول، أود أن أكون في عزلة تامة، عزلة كعزلتك، ولا بأس بالأسرة ضمن هذا الحد، غير أن الاستغناء عنها أفضل»، وعندما يقترح عليه تشيخوف أن يهجر الريف والمدن الصغيرة يجيب قائلا: «لن أذهب وأعيش في سان بطرسبرج لا لست أحب المدن الكبيرة».
مشاركة :