مكسيم جوركي.. التغيير عبر الأم

  • 6/18/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يظل الروائي الروسي العملاق مكسيم جوركي، الذي تمر اليوم 18 يونيو ذكرى وفاته، هو صاحب أشهر رواية تم جذبت الشباب للحركة الاشتراكية.وكانت أول عمل أدبي يتم تقديمه للأعضاء الجدد في هذه الحركات أو المتعاطفين معها في العالم العربي؛ وهو أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التي تجسد النظرة الماركسية للأدب حيث يرى أن الأدب مبني على النشاط الاقتصادي في نشأته ونموه وتطوره، وأنه يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة، لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع، كما تم ترشيحه 5 مرات للحصول على جائزة نوبل في الآداب.رواية جوركي الأشهر "الأم" تحكي عن امرأة عجوز تعيش حالة خضوع لزوج سكير يهيج كالثور حين يريد السكر، يبيع كل مقتنيات البيت لتلبية رغبته، لأنه عامل متواضع في مصنع تمتلكه البرجوازية ولا تعطي العمال سوى الفتات، أما الابن وصديقة هافل وفلاسوف شابان بدأ بالتخطيط لإنقاذ العمال بعد أن تعرفا على الشقراء ساشا التي تأتي من المدينة لتحمل للشباب أخبار الثورة في المدن وتدير الثورة في القرية. تخشى الأم أن يموت ولدها فتحاول احتواء كل سلوكياته، فتخفي المنشورات والسلاح، وتنشب معركة المصنع، يكون الأب ضحية لكنه من طرف المستغلين في المصنع، فيموت الأب ويسجن الابن، وتتبنى الأم فكر ابنها ليس لأنها تعرف شيئا عن الثورة أو مطالبها انما فقط لأنها رغبة ابنها المسجون، فيقوم العمال بقيادة ساشا بتنظيم عملية اقتحام للسجن، وينجو السجناء، ويهاجمهم الجيش، فيقتل الكثير، وتحتضن الأم ابنها المحرر، إلى أن يسقط الابن شهيدا في حضن أمه، وترفع الأم راية الثورة التي مات الابن من أجلها. هكذا كانت الأم هي البطلة الحقيقية دون أن تعي أصلًا معنى الثورة. فتقدم الرواية معنى الثورة والنضال والعطاء، ليس هذا فقط بل تقدم ذلك الدعم الثقافي الذي قام به جوركي في دعم الحركة الشيوعية تلك التي ظلت منتشرة في روسيا وكثير من البلدان في أوقات سابقة.قدم لنا جوركي حياة بؤس وشقاء دون وجود أمل بنهاية سعيدة، فيندفعون إلى الهرب منه بواسطة الفودكا، فهم أشبه بآلات، من هنا نجدهم يعاملون بعضهم البعض بقساوة وخشونة، وكأنهم يفرغون كبت الواقع بهذا الشكل. وقدم الزوجة كإحدى أوعية التفريغ الذي يوضع فيه اليأس والتعب والبؤس، فهي الكائن الأضعف في المجتمع المتخلف، من هنا نجدها تتحمل واقع المجتمع المتخلف، والزوج والعائلة معا، مما يجعلها أكثر جلدا وقدرة على التحمل، وإعطاء القدوة للآخرين لكي يتعايشوا مع واقعهم.ويقوم جوركي من خلال عمله الإبداعي هذا بالدعوة الصريحة للقيام بمحاولة التغير، التي هي السمة الرئيسة للكائن البشري، فالتغيير والتطوير هما الفعل الخلاق، والسكون يعني استمرار حالة العيش بطريقة الحيوانات، والتي تتمثل في الأكل والنوم والإنجاب، وهذه الأفعال تقوم بها الحيوانات فقط، أما الإنسان فأمامه أعمال أخرى، التغير والسعي نحو ما هو جديد وأفضل فيقول: "إن آلاف الناس قادرون على العيش أفضل مما يعيشون لو أرادوا ذلك، ولكنهم يستمرون يعيشون كالحيوانات، لا بل يرضون بذلك أيضا، آية حسنة في أن الإنسان يعمل ويأكل اليوم، ويعمل ويأكل غدا، وهكذا أيام حياته.. يقضيها في العمل والأكل، وهو يتدبر أمره أثناء ذلك كي ينجب أولادا يتسلى بهم حتى يبدأون يطلبون الكثير من الطعام، وعندئذ يغضب، ويروح يلعنهم: هيا، عجلوا وأكبروا أيها الخنازير، فقد آن الوقت كي تجدوا لكم عملا، وانه ليود أن يجعل من أولاده حيوانات أليفة، ولكنهم يبدأون العمل في سبيل بطونهم الخاصة، وهم يقضون حياتهم دون سرور في النفس أو بهجة في القلب، الناس الذين يستحقون لقب الإنسان هم أولئك الذين ينذرون أنفسهم وحياتهم من أجل تحطيم القيود التي تغل عقل الإنسان".

مشاركة :