ما لون الفستان؟.. إجابة علمية للظاهرة

  • 3/1/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت قضية رأي عام على مستوى العالم، وانقسم الناس لحزبين: حزب الذهبي الأبيض، وحزب الأزرق الأسود! صحيفة الجارديان البريطانية أجرت إحصائية لقرائها، ووجدت أن ٦٠٪ رأوا اللون الذهبي الأبيض، في حين وجد ٤٠٪ اللون الأزرق الأسود. وهناك تباين صحفي واضح في الانتصار لكل رأي، ونظريات عديدة لتفسير الظاهرة الغريبة، وكيف تكون صورة واحدة وتقرؤها العيون بشكل مختلف! بالاطلاع على تفسيرات علمية للظاهرة الغريبة وجدت أقرب التقارير للصواب كان تقرير صحيفة Slate ، الذي يتميز عن غيره بأنه ذو نزعة علمية. التفسير العلمي معقد؛ ويحتاج إلى تفصيل، لكن سأقدمه بشكل مبسط: لنبدأ بالحقيقة العلمية الثابتة التي تقول إن الدماغ داخل الجمجمة يعيش في ظلام كامل؛ ولذلك فإن الدماغ يعتمد بشكل كلي على العين؛ لتمده بالصور والأشكال التي تحيط بنا. هذه العملية (العلاقة بين العين والدماغ) تمر بمراحل تم توثيقها علمياً. وهي عملية معقدة، ولها تفرعات كهربائية وعصبية، لا تهمنا معرفتها في هذا المقال. لتقريب الصورة لتلك العملية المعقدة بين العين والدماغ، يشبِّه العلماء ذلك بلعبة التلفون الشهيرة. لعبة التلفون هي أن تقول جملة، وتنقلها لأذن الذي بجانبك، ثم ينقلها بدوره للذي بجانبه.. وتلاحظ كيف تتغير العبارة مع الوقت؛ لأن الدماغ يقوم بتصور تقريبي للصوت الذي سمعه، ليس بالضرورة هو ١٠٠٪ ما سمعه؛ ولذلك في نهاية لعبة التلفون قد يكون تم اقتطاع جزء كبير من المعنى الأساسي للجملة التي كانت في بداية اللعبة. مثال لعبة التلفون ينطبق تماماً على العلاقة بين العين والدماغ، وكيف أن التفسيرات التي يضعها الدماغ ليست بالضرورة مطابقة ١٠٠٪ للواقع الذي تراه العين؛ لذلك العلماء المختصون في علوم العين ثابت بينهم ومستقر هذه الحقيقة العلمية: ما نراه بأعيننا ليس بالضرورة هو ١٠٠٪ لما حولنا، ولكن الدماغ يقوم بعملية تقريب بشكل كبير جدًّا لما حولنا. بعد هذا الشرح الموجز لعملية معقدة، يظل السؤال المحير: كيف إذن اختلفت الألوان للفستان مع أننا ننظر لصورة واحدة؟ التفسير العلمي لذلك هو كمية الضوء التي تسمح بها العين في تلك اللحظة لترى صورة الفستان. فنظراً لاختلاف كمية الضوء الداخلة للعين، يرى البعض الفستان باللون الذهبي، بينما يراه آخرون أزرق. ومما يؤكد فعلاً صحة هذه النظرية أن البعض يقول رأيت الفستان في النهار فكان ذهبياً، ولما عدت له بالليل كان أزرق!! والسبب مرة أخرى أن كمية الضوء الداخلة للعين اختلفت بين المرة الأولى والثانية؛ ولذلك اختلفت معها رؤية الألوان. أيضاً، ما يدعم هذا التوجه هو أن الدماغ يقوم بعملية (توقع) لما حولك، وليس بالضرورة هو فعلاً الذي حولك. نظرية Bi-Stable Stimuli تقول: ليس بالضرورة أن الدماغ يقوم بالتمسك بتفسير واحد لما تراه! فعندما تعيد النظر، وتدقق، قد يقوم الدماغ (ربما لدخول كمية ضوء جديدة) بتغيير الصورة التي أظهرها لك قبل ثوانٍ؛ لهذا: تجد هناك من يرى الفستان باللون الذهبي، وعندما يطيل النظر فيه يظهر له فجأة اللونان الأزرق والأسود. وهذه لحظها الكثير ممن ناقشتهم في تويتر. هذه النظريات التي تحدثت عنها في الأعلى مكتشَفَة منذ أكثر من ١٥٠ عاماً، منذ وقت هيرمان فون، ويتداولها العلماء في أبحاثهم بشكل مطول، وهو أن الدماغ يقوم بشكل مستمر بقراءة وتفسير وترجمة ما حولنا حسبما يتوافر له من إضاءة، وغالباً هذه القراءة ليست بالضرورة مطابقة ١٠٠٪ للواقع الفعلي الذي نعيشه. الذي حصل الأيام الماضية فقط أنه ولأول مرة يدرك الملايين هذه الظاهرة، وأحسوها بأعينهم! ولذلك قال العربي الأول: العلم نور. نور بالمعنى المجازي للكلمة؛ إذ يسمح لدماغك بأن يدخله كمية هائلة وعالية من النور الذي يكفله لك العلم والقراءة. أخيراً: يقول عالِم أبحاث الدماغ في هارفارد: الدماغ هو أعقد مخلوق عرفته البشرية في تاريخها، ولا نعرف عنه إلا أقل القليل. وسبحان من قال: {وَفي أُنْفُسِكُم أَفَلا تُبْصِرُون}؟

مشاركة :