سوسن دهنيم قرأت مرة عن مليونير كان يتحدث لمذيع عبر لقاء تلفزيوني حول أكثر الأشياء التي أسعدته فأجاب: «مررت بأربع مراحل للسعادة حتى عرفت معناها الحقيقي. الأولى كانت في اقتناء الأشياء، والثانية في اقتناء ما هو أغلى وأثمن، وكان تأثير هذه السعادة وقتياً ينتهي بانتهاء نشوة الاقتناء. أما الثالثة، فكانت في امتلاك المشاريع الكبيرة، كشراء فريق كرة أو منتجع سياحي، ولكنني لم أجد السعادة التي كنت انتظرها. أما المرحلة الرابعة فكانت عندما طلب مني صديق أن أساهم بشراء كراس متحركة لمجموعة من الأطفال المعاقين، وبالفعل تبرعت فوراً بشراء الكراسي، ولم أكن أظن بأن هذا التبرع سيكون علامة فارقة في حياتي، إلا عندما أصر صديقي أن أذهب معه وأقدم هداياي للأطفال بنفسي. ذهبت ورأيت الفرحة الكبيرة على وجوه الأطفال وكيف صاروا يتحركون في كل اتجاه بالكراسي وهم يضحكون وكأنهم في الملاهي! لكن ما أدخل السعادة الحقيقية على نفسي هو تمسك أحدهم برجلي وأنا أهم بالمغادرة، فحاولت أن أحرر رجلي من يده برفق، لكنه ظل ممسكاً بها وعيناه تركزان بشدة في وجهي! انحنيت لأسأله: هل تريد شيئاً آخر مني قبل ذهابي؟ فأجابني بالرد الذي عرفت منه معنى السعادة الحقيقية التي لم تفارقني حتى اليوم: أريد أن أتذكر ملامح وجهك حتى أعرفك حين ألقاك في الجنة وأشكرك مرة أخرى أمام ربي». ربما يكون هذا اللقاء قد حصل بالفعل، وربما كان محض خيال كاتب، ولكنه في كلتا الحالتين يرسم الابتسامة على وجه من يقرأه، ويجعلنا نتفكر أن هذا العطاء هو معنى السعادة. العطاء الذي لا ينتظر أخذاً، ولا يبتغي شكراً. العطاء الخالص لوجه الله بدافع الحب والعون ومساندة الآخرين. العطاء الذي به نسمو ونسعد ونتأكد أننا نمتلك قلوباً تنبض وأرواحاً حساسة تجاه معاناة وحاجات غيرنا. حين نعطي، لا ينقص منا شيء بل يزيد. تزداد روح الإيثار لدينا، تزداد القناعة ويزداد الرضا. وفوق هذا فإننا حين نعطي من أموالنا وممتلكاتنا فإننا بهذا العطاء نزيد منها. وصدق ابن الرومي حين قال: ليس الكريم الذي يعطي عطيته على الثناء وإن أغلى به الثمنا بل الكريم الذي يعطي عطيته لغير شيء سوى استحسانه الحسنا لا يستتيب ببذلِ العُرْفِ محْمدة ولا يَمُنّ إذا ما قَلَّد المِننا حتى لتحسب أن الله أجبَرَهُ على السماحِ ولم يَخْلُقْهُ مُمْتَحَنا sawsanon@gmail.com
مشاركة :