عودة نتنياهو رئيساً للحكومة..ماذا تعني؟

  • 3/8/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في شهر أبريل القادم، تجري الانتخابات العامة في إسرائيل. رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو زعيم حزب «الليكود» هو المرشح الأقوى للعودة إلى رئاسة الحكومة، ولا يكون ذلك إلا على قاعدتين متكاملتين: القاعدة الأولى هي التحالف مع القوى اليهودية المتشددة، والتي تعمل ليس فقط على مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة وبناء مستوطنات جديدة، ولكنها تعمل كذلك على تهويد إسرائيل. بمعنى تحويلها إلى دولة دينية تحكم باسم التوراة، وتتحكم به. وقد أثبت نتنياهو نجاحه في التعامل والتعاون مع هذه المجموعات الدينية. أما القاعدة الثانية فهي الاستقواء بالإدارة الأميركية، وخاصة إدارة ترامب. فبعد القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ارتفعت شعبية ترامب في إسرائيل من 56 بالمائة في عام 2017 إلى 69 بالمائة هذا العام. وإسرائيل هي المكان الوحيد في العالم الذي عرف مثل هذا الارتفاع في شعبية الرئيس ترامب. أما في الولايات المتحدة ذاتها فقد انخفضت شعبيته إلى ما دون الأربعين بالمائة. من هنا فإن الرئيس ترامب يشكل عاملاً مرجحاً في الانتخابات الإسرائيلية. ولذلك رفع نتنياهو صوراً كبيرة له مع الرئيس الأميركي في إطار حملته الترويجية وعلّقها في عدد من الشوارع والساحات العامة في اللد ويافا وحيفا والقدس. رفعت هذه العملية علامة استفهام حول ما إذا كان ترامب يوافق على استغلال اسمه وموقعه في الحملة الانتخابية الإسرائيلية. إلا أن رد الرئيس الأميركي جاء على عكس ما كان يتمناه خصوم ومنافسو نتنياهو، فقد بادر هو نفسه إلى نشر صورة له مع نتنياهو على موقعه الإلكتروني، وكأنه يقول للإسرائيليين: إنه مرشحي لرئاسة الحكومة وأنا معه. ولكن خلافاً لكل انتخابات برلمانية أو رئاسية تجري في أي مكان من العالم، فإن محور الانتخابات في إسرائيل ليس القضايا المحلية، اقتصادية كانت أو اجتماعية، بل القضايا السياسية والأمنية حصراً. من هنا أهمية الموقف الأميركي. فإسرائيل تعتمد في الدرجة الأولى على المظلة العسكرية الأميركية، وعلى المظلة السياسية الأميركية، وبالتالي فإن الموقف الأميركي من الانتخابات هو موقف مرجح. والموقف الأميركي في الانتخابات المقبلة هو لمصلحة نتنياهو! صحيح أن نتنياهو متهم بالفساد. وصحيح أنه يخضع لتحقيق قضائي، إلا أن ذلك لا يغيّر من الأمر شيئاً. فالفساد يمكن تغطيته بمزيد من التطرف، والفساد يمكن تجاوزه بمزيد من الدعم الأميركي. وسلاح نتنياهو في المعركة الانتخابية التي يقودها يتألف من بندقية التطرف ورصاص الدعم الأميركي. لا يهم عدد الضحايا الفلسطينيين. ولا يهم عدد البيوت الفلسطينية التي تدمَّر عقاباً على عمليات تجري هنا أو هناك. المهم أن توظَّف كل هذه الأعمال في الحملة الانتخابية التي تمكّن نتنياهو من العودة الآمنة إلى رئاسة الحكومة مرة جديدة.. وخامسة! وإذا حصل ذلك، كما تشير الدلائل، فإن نتنياهو سيسجل رقماً قياسياً في عدد المرات التي وصل فيها إلى منصب رئيس الحكومة، محطماً رقم مؤسِّس إسرائيل دافيد بن جوريون نفسه. ومعنى ذلك أن المزيد من التطرف الذي يعبّد الطريق إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يعني المزيد من التراجع في فرص التسوية السياسية مع السلطة الفلسطينية. كانت الإدارات الأميركية السابقة تحرص على أن تنأى بنفسها عن المعارك السياسية الإسرائيلية خاصة أثناء الانتخابات العامة. حدث ذلك في عهود أوباما وبوش وكلينتون، وحتى في عهديْ كارتر وريجان. ولكن الأمر مختلف مع الرئيس الحالي ترامب. فهو يتعامل مع الجناح الإسرائيلي المتطرف وكأنه جزء من رصيده السياسي داخل الولايات المتحدة. صحيح أن اليهود الأميركيين في أكثريتهم الساحقة لا يؤيدون سياسة نتنياهو، ولا يتعاطفون مع سياسة ترامب، إلا أن اهتمام الرئيس الأميركي ينصبّ على الحركة المسيحانية الصهيونية في الولايات المتحدة، وهي حركة واسعة الانتشار في الولايات الجنوبية، أو ما يعرف باسم «الحزام الإنجيلي». وكذلك في المناطق الزراعية من الشمال الأميركي. ويقع دعم تطرف المتشددين في إسرائيل في إطار البرنامج الديني الذي تؤمن به هذه الحركة وتروّج له. من هنا فإن الانتخابات الإسرائيلية تبدو وكأنها امتداد للمعركة السياسية التي يخوضها الرئيس ترامب داخل الولايات المتحدة، بحيث يبدو ونتنياهو وكأنهما وجهان لحالة واحدة!

مشاركة :