محمد إسماعيل زاهر تحول الفعل المسرحي في الشارقة إلى ظاهرة تستدعي التوقف والتأمل، فلا يكاد يمر شهر من العام إلا ويجد عشاق الخشبة أنفسهم متورطين في ضرورة متابعة شكل مسرحي جديد من خلال تلك المهرجانات التي تعقد دورياً وباتت في حاجة إلى التوثيق. مهرجانات طموحة تطرح أفكاراً ورؤى جديدة وتسعى إلى الوصول بالدراما إلى كافة شرائح المجتمع، والأهم أنها تعمل على ترسيخ «أبي الفنون» كثقافة للجميع لا تقتصر على المراكز، مدينة الشارقة، وحسب لكنها تمتد أيضاً إلى الشرايين، دبا الحصن وخورفكان..إلخ، تزودها بالفن الرفيع، في دورة ثقافية صحية تنطلق من القلب وتغذي الأطراف، لتعود مرة أخرى محملة بالمواهب والطاقات الخلاقة لتدعم القلب نفسه. أصبح المسرح في الشارقة ثقافة مؤسسية، تعمل وفق خطط واستراتيجيات، تستند إلى عقل وقلب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، العاشق الأول للمسرح، الذي زرع البذرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً في أيام الشارقة المسرحية، ودأب على رعايتها والاهتمام بها حتى أثمرت شجرة وارفة، جذورها ضاربة في الأرض من خلال ثلاث مؤسسات: جمعية المسرحيين، وإدارة المسرح في دائرة الثقافة والهيئة العربية للمسرح، حيث لم يتوقف الدعم عند الشارقة والإمارات، بل امتد كذلك إلى المسرح الخليجي، والمسرح العربي. كان هناك في كل عام مفاجأة تنتظر المسرحيين العرب، أو على وجه الدقة ورقة جديدة في تلك الشجرة تمتد ليستظل بها الجميع، فمن تأسيس مهرجان المسرح العربي الذي يتجول بين مختلف الأقطار العربية إلى دعم مهرجانات عربية محلية، يبدو للمتابع أن حلم سموه الذي يجب أن يتأمله الجميع يتمثل في الوصول بالمسرح العربي إلى آفاق أكثر رحابة.. إلى العالم. وتتسع الرؤية ويكبر الحلم، ويضاف جذر رابع إلى تلك الشجرة، ونعني أكاديمية الفنون الأدائية التي نعول عليها الكثير لتكون السند العلمي والأكاديمي لكل هذا الزخم. من هذه المنطلقات نبدأ من اليوم في «الخليج» بنشر صفحة أسبوعية جديدة بعنوان «مسرح»، صفحة تتجول في آفاق ذلك الفن المدهش والخلاب، الذي يحرك العقل والقلب معاً، الفن الذي يحمي رؤوسنا من صعود أفكار وتيارات لا غاية لها إلا الخراب. صفحة تعتني بشؤون المسرح وشجونه، بمشاكله وأحلامه، بتياراته وأفكاره، برموزه ومحطاته، بواقعه وتاريخه. صفحة مفتوحة لكل الأقلام الحريصة على المسرح. صفحة نأمل من خلالها أن نشارك ولو بقدر ضئيل في رعاية شجرة المسرح المزدهرة هنا في الشارقة.
مشاركة :