حنا مينه.. روائي البحر

  • 3/10/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحتفي الأوساط الأدبية اليوم بذكرى ميلاد الشاعر حنا مينه، الذي يعتبر واحدا من المبدعين الذين أثروا في الحركة الأدبية والشعر العربي.ترجع الشهرة الذي حققها حنا مينه إلى أسباب ومعطيات كثيرة أبرزها سماته الواقعية، وأسلوبه السردي السهل الذي يصل إلى قرائه ببساطة، وشخصياته المعروفة التي تشعر القارئ بأنه يعرفها؛ لأنها ناتجة عن الحياة الذي يعيشها القراء فأصبحت لديهم مألوفة؛ لأنه من بيئته الاجتماعية التي يعيش فيها، كان حظه العثر مانعا له من الحصول على القدر الكافي من العلم، فإن حياته الفقيرة قد أمدته بخبرات كثيرة فقد أمتهن لحرفة الحلاقة في مدينته اللاذقية.اشتغل في مهن كثيرة أخرى منها مصلح دراجات، ومربي أطفال في بيت سيد غني، إلى عامل في صيدلية إلى صحفي أحيانا، ثم إلى كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، إلى موظف في الحكومة، إلى روائي كما عمل ايضا تباعا للموانئ الي أن عمل بها فترة ما تقرب من عشر اعوام، ثم ارتبط بالبحر ارتباطًا مباشرًا وكأن نتاجه منذورًا له لذلك لعل أهم رواياته هي "الياطر".كان يمتاز بشغفه وحبه للكتابة وكاتب عرائض قبل أن يصبح صحافيًا ماهرًا ليلج من خلال الصحافة إلى سرديتاه القصصية، وكان يري نفسه تحديدا في الكتابة عن البحر، ولعل هذا التخصص هو الذي مهد له الطريق إلى الشهرة، والذي اكتسب من خلال نتاجه الغزير القابًا تصح عليه فمن نجيب محفوظ سوريا إلى بلزاك الرواية العربية، إلى زوربا الروائيين العرب، كان دائما الابداع لديه مرتبط ضمن إطار الواقعية الاشتراكية، باتجاه هدف ايدلوجي يعني الفقراء والمعوزين والمقهورين. يذكر أن مينا يتمتع بقوة الملاحظة التي صنعت منه شاعرا منفردا في اعماله، كان يري ما لم يراه البشر العاديون،، ويتميز عن أقرانه المبدعين بقدرته الفذة على إقناع المتلقي الذي يقرأ نصه الإبداعي المنبثق عن الواقع الذي يعرفه السوريون، لكنه استطاع من خلال نتاجه تصوير بيئته وطبقاتها المسحوقة وكان جريئًا في إبداء رأيه رغم الظروف السياسية الصعبة، في وقت ما أبدى رغبته عبر إعلان في الصحف عن بيع ما يقتني من نفيس أفلام سينمائية مأخوذة عن أعماله، وجوائز ادبية رفيعة كجائزة محمد زفران في المغرب سنة 2010، وقيل يومها انه قام بذلك بعد تقاعده من مركزه في وزارة الثقافة السورية حيث بات وحيدًا منزويًا، بعدها تميز نتاجه ببعض التجريب، قال بعضهم انه يساير الموجة الجديدة من الروائيينصرح مرة في أحدي البرامج التلفزيونية قائلا: هل يمكن للخالق الأدبي أن يتعلم من مخلوقاته الأدبية؟ نعم أنا أتعلم منهم وربما هذا ما يبرر حقيقية شخصياته وواقعتيها، كونه تعامل معها لا كشخصيات تخييليه بل شخصيات حية لها رؤاها الخاصة وحياتها، وهو ما خلّدها في الذاكرة العربية.يذكر أن مينا ترك وصيته التي شدد فيها على عدم إذاعة خبر موته، أو إقامة حفل تأبيني له، وكانت هي رغبته الأخيرة في مغادرة حياة باذخة وطويلة كالتي عاشها برأس مرفوع وبلا مرثيات، وهو الذي سيبقى حيا بكلماته التي كتبها بنفسه، بل ودعه بما قاله عن خلاصة تجربته في إحدى حواراته: الحياة لم تهادنني، وأنا ما هادنت الحياة، هذه الحياة لا تخيفني، وخلاصة تجاربي هي ألا نخاف الحياة.من أشهر أقواله عن البحر: أين، أين؟ هناك البحر وأنا على اليابسة؟ أمنيتي الدائمة أن تنتقل دمشق إلى البحر، أو ينتقل البحر إلى دمشق، أليس هذا حلمًا جميلًا؟ السبب أنني مربوط بسلك خفي إلى الغوطة، ومشدود بقلادة ياسمين إلى ليالي دمشق الصيفية الفاتنة، وحارس مؤتمن على جبل قاسيون، ومغرم متيّم ببردى، لذلك أحب فيروز والشاميات.الأدباء العرب، أكثرهم لم يكتبوا عن البحر لأنهم خافوا معاينة الموت في جبهة الموج الصاخب لا أدعي الفروسية، المغامرة نعم! أجدادي بحارة، هذه مهنتهم، الابن يتعلم حرفة أهله، احترفت العمل في الميناء كحمال، واحترفت البحر كبحار على المراكب كان ذلك في الماضي الشقي والماجد من حياتي، هذه المسيرة الطويلة كانت مشيًا، وبأقدام حافية، في حقول من مسامير، دمي سال في مواقع خطواتي، أنظر الآن إلى الماضي، نظرة تأمل حيادية، فأرتعش. كيف، كيف؟إن البحر كان دائمًا مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب، وأسأل: هل قصدت ذلك متعمدا؟ في الجواب أقول: في البدء لم أقصد شيئًا، لحمي سمك البحر، دمي ماؤه المالح، صراعي مع القروش كان صراع حياة، أما العواصف فقد نُقشت وشمًا على جلدي، إذا نادوا: يا بحر أجبت أنا! البحر أنا، فيه وُلدت، وفيه أرغب أن أموت تعرفون معنى أن يكون المرء بحّارًا؟قدم العديد من الاعمال الادبية الي أن توفي في يوم الثلاثاء 18 أغسطس 2018.

مشاركة :