الجزائر - (وكالات الأنباء): أمرت السلطات الجزائرية أمس السبت بتبكير عطلة الدراسة الجامعية في محاولة على ما يبدو لإضعاف الاحتجاجات التي يقودها الطلبة منذ أسبوعين ضد حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وجاء قرار وزارة التعليم العالي بعد يوم من خروج عشرات الآلاف من المحتجين إلى وسط العاصمة للاحتجاج على حكم بوتفليقة المستمر منذ 20 عاما في أكبر مظاهرة بالجزائر العاصمة منذ 28 عاما. وقالت الوزارة في مرسوم إن عطلة الربيع الدراسية ستبدأ اليوم الأحد أي قبل عشرة أيام من موعدها المحدد في 20 مارس من دون إبداء أسباب.ولا يوجد تقدير رسمي لعدد المتظاهرين، لكن صحيفة الوطن الجزائرية قدرت عددهم بأكثر من مليون متظاهر في العاصمة يوم الجمعة الماضية. وقد خصصت الصحف الجزائرية أمس السبت صفحات كثيرة لتظاهرات الجمعة «التاريخية» ضد ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، مشيرة إلى أنها تحدّ بشكل كبير من هامش المناورة لديه.وكتبت صحيفة «الوطن» بعنوان عريض «شعب رائع» وخصصت 12 صفحة للجمعة الثالثة على التوالي من الاحتجاجات التي تميزت بحشود ضخمة في جميع أنحاء البلاد. وأضافت الصحيفة الصادرة بالفرنسية: «إذا كان أنصار النظام يعتمدون على تراجع الحراك (...)، فقد تلقوا ردّا واضحا وبدون هفوات»، أما صحيفة «ليبرتيه» الصادرة بالفرنسية أيضا فعنونت على صفحتها الأولى «الربيع العربي» وخصصت للحدث عشر صفحات, مشيرة إلى الجمعة بوصفه «يوم الاستقلال»، وبوتفليقة في مستشفى في سويسرا منذ أكثر من 12 يوما، لـ«فحوصات طبية». وتابعت الصحيفة أن بوتفليقة «يرفض أو يتظاهر بعدم سماع الناس الذين هبّوا كرجل واحد طالبين منه أن يرحل». من جهتها، اعتبرت صحيفة «الخبر» الصادرة بالعربية على صفحتها الأولى أن «الملايين قالوا بصوت واحد: مكانش الخامسة يا بوتفليقة». كما كتبت الخبر التي خصصت ثماني صفحات للأحداث أن «لا صوت يعلو فوق صوت الشعب». وأشارت إلى أن السلطات لم تسمح للقنوات التلفزيونية الخاصة بتغطية الحدث. بدورها، لفتت صحيفة «وهران»، ثاني أكبر مدن البلاد، إلى «المعارضة الشعبية ضد الولاية الخامسة». واعتبرت أن التظاهرات تؤدي إلى «تغيير في الطريقة التي تدار بها البلاد بشفافية أكبر». وأشادت بـ«جميع مكونات الديمقراطية الحقيقية: الحكم الرشيد والتناوب في السلطة». أما صحيفة «المجاهد» الحكومية فقد ذكرت التظاهرات في الصفحة التاسعة بدون التطرق إلى المطالبة برحيل رئيس الدولة. من جانب آخر، قدّمت محامية سويسرية التماسا إلى محكمة مختصة تطالب فيه بوضع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الموجود في جنيف حاليا للعلاج، تحت الوصاية حفاظا على سلامته الشخصية. ويأتي الالتماس مع استمرار التظاهرات في الجزائر ضد ترشيح بوتفليقة البالغ 82 عاما لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي من المقرر إجراؤها في 18 أبريل. وقالت المحامية ساسكيا ديتيشايم، رئيسة الفرع السويسري في منظمة «محامون بلا حدود» في الالتماس الذي لم تقدّمه باسم المنظمة إن الوضع «الصحي الهشّ» لبوتفليقة يجعله عرضة لـ«التلاعب» من جانب المقرّبين منه. وتم تقديم الالتماس باسم مواطنة جزائرية لم يكشف اسمها. وأرسلت المحامية الالتماس إلى محكمة مختصة بالنظر في حماية البالغين والأطفال الضعفاء. وأفاد الالتماس: «من الواضح أن الرئيس الجزائري غير قادر على التمييز بين الأمور حاليا في ظل وضع صحي حرج للغاية (...) فهو لا يتخذ قرارات إنما حاشيته السياسية والعائلية» تقوم بذلك. وتعتبر المحامية أن الرئيس الجزائري لم يقرر بنفسه تقديم ترشحه لولاية خامسة. كما من المحتمل ألا يكون أصدر شخصيا بيانا هذا الأسبوع يحذر فيه المتظاهرين من محاولة مثيري الشغب التسلل إلى صفوفهم وإثارة «الفوضى»، وفقا للالتماس. ويطلب الالتماس أيضا «السماح للوصي بإعفاء أطباء مستشفى جامعة جنيف من السرية الطبية» فيما يتعلق بالرئيس الجزائري، وكذلك «السماح لهم بالحصول على شهادة طبية تكشف قدراته على حكم بلد ما». كما يطلب أن يكون «أيّ اتصال رسمي باسم» بوتفليقة موضوع «اتفاق مسبق» مع الوصي «للتأكد من أن التصريحات تصدر فعليا منه». وأخيرا، يدعو إلى «ضرورة تعيين هذا الوصيّ من خارج الدائرة المحيطة بالرئيس، وأن يكون بالضرورة محايدا». وبموجب اتفاقية لاهاي، يعود إلى السلطات القانونية الجزائرية تحديد ما إذا كان ينبغي وضع مواطن ما تحت الوصاية، بحسب نيكولا جاندان وهو محام سويسري وأستاذ القانون في جامعة جنيف. وقال جاندان لفرانس برس إنه إذا اعتبرت المحكمة السويسرية أن هناك حاجة ملحّة لحماية شخص يعاني من أوضاع حرجة، فسيكون في إمكانها التدخل. وشدد على أن «السؤال هو ما إذا كانت هناك حاجة ملحة». وأضاف: «من الناحية النظرية، يجب على القاضي السويسري تجاهل البرنامج السياسي.. وتحديد ما إذا كان هذا الشخص يحتاج إلى مساعدة». وكان عشرات الآلاف من المتظاهرين قد ملأوا الشوارع عن آخرها في وسط العاصمة الجزائرية يوم الجمعة الماضية في تحدّ لحكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وفي أكبر احتجاجات تشهدها العاصمة منذ 28 عاما.
مشاركة :