لماذا يتجاهل الإعلام القطري قضية حمد بن جاسم وباركليز؟

  • 3/10/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لأكثر من شهر، تعمدت وسائل الإعلام القطرية تجاهل وغض الطرف عن قضية رشوة حمد بن جاسم وبنك باركليز، رغم أن القضية تتصدر الصحف البريطانية والعالمية مع استمرار جلسات المحاكمات التي تكشف عن تفاصيل مهمة عن الفضيحة المالية التي حدثت في عام 2008. ‎ويواجه المسؤولون التنفيذيون السابقون الأربعة في بنك باركليز، اتهامات ربما تصل عقوبتها إلى السجن لمدد تتراوح ما بين 10 و22 سنة، بالتآمر للاحتيال على المستثمرين من خلال عدم الإفصاح عن مبالغ وصلت إلى 322 مليون جنيه إسترليني، تم دفعها كرشاوى للشيخ حمد بن جاسم وكرسوم إضافية سرية مقابل قيام الصندوق السيادي القطري وشركة قطر القابضة بالاستثمار بعدة مليارات في بنك باركليز. تعد القضية أول محاكمة جنائية في بريطانيا لمصرفيين في مناصب قيادية ذات صلة بالأزمة المالية التي حدثت عام 2008. تجاهل الإعلام القطري الكامل أثار انتقادات وسخرية من المراقبين والمتابعين، حيث تغيب أخبار رئيس وزراء قطر السابق عن نشراتها وصحفها والمواقع وبقية المنصات المشغولة بأخبار لا توازي أهمية جلسات محاكمة القرن كما تطلق عليها بعض وسائل الإعلام الغربية. ورغم أن القضية تكشفت فصولها الأكثر أهمية في 23 من شهر يناير الماضي إلا أنه تم التعتميم عليها بوسائل الإعلام القطرية بشكل كامل وما زال مستمرا على الرغم من أن المحاكمة بحسب التقديرات ستمتد لأكثر من 6 أشهر. ‎ 4 من كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين في بنك باركليز التي بدأت محاكمتهم في 23 يناير الماضي ومستمرة لستة أشهر، ويواجه المتهمون تهما تتعلق بدفع عمولات سرية، تزيد عن ضعف النسبة المتعارف عليها، إلى رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم عام 2008. ‎وفي الأسابيع الماضية، عرضت "العربية.نت" حلقات الفضيحة بالأدلة ومن واقع ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام البريطانية، كما ومحاضر الجلسات والتسريبات المسجلة للمتورطين الأربعة وحمد بن جاسم، والوزير القطري الحالي أحمد السيد الذي ظهر اسمه في القضية بوصفه مندوب رئيس الوزراء القطري السابق في الصفقة.تناولت "العربية.نت" القضية في عدة حلقات بدأت بالتعامل المهين الذي تلقاه حمد بن جاسم من بين روجر جنكنز، المدير التنفيذي السابق لإدارة الاستثمار المصرفي وإدارة الاستثمار الشرق الأوسط في بنك باركليز، قبل حصول رئيس الوزراء القطري على رشوته. وكشفت التسجيلات عن هذه المعاملة المهينة، كما استمتعت المحكمة لتسجيلات تخص ريتشارد بوث، المدير التنفيذي السابق لإدارة المؤسسات المالية الأوروبية والخدمات المالية في باركليز، في إطار جلسات محاكمة جنكنز وبوث بالإضافة إلى جون فارلي الرئيس التنفيذي السابق للبنك، وتوم كالاريس المدير التنفيذي السابق لشعبة إدارة الاستثمارات ورؤوس الأموال في بنك باركليز. ومن غرائب قضية بنك باركليز ورشوة حمد بن جاسم أن قائمة المتهمين ما زالت مفتوحة إلا أن أحدهم أنقذه الشلل الرعاش من المحاكمة، وهو المدير المالي لبنك باركليز في عام 2008 كريس لوكاس. ورغم التكتم في الإعلام القطري على هذه القضية إلا أن هناك مطالبات بضرورة استدعاء الشيخ بن جاسم للمثول أمام المحكمة /أو مطالبة السلطات البريطانية لقطر برد المبالغ التي تم الاستيلاء عليها بموجب الاتفاقيتين المزيفتين مع غرامات قاسية بالإضافة إلى محاكمة كل مواطنيها على هذه الجريمة. روجر جنكز، الذي شغل منصب رئيس منطقة الشرق الأوسط في بنك باركليز وحلقة الوصل مع المستثمرين القطريين، تساءل في رسالة عن سبب تأخير الدفعات لقطر، فرد عليه ريتشارد بوث، المدير السابق لإدارة المؤسسات المالية الأوروبية والخدمات المالية في باركليز، أنه لا أحد يعرف أي قسم مسؤول عن دفعها. وفي اتصال هاتفي لتوم كالاريس، الرئيس التنفيذي السابق لإدارة الاستثمارات ورؤوس الأموال في البنك، كشف ريتشارد بوث أن ابن حمد بن جاسم كان يعتقد أنه سيحصل على نسبة من العمولة، وأوضح بوث أن هذه الاتفاقية بين قطر القابضة وباركليز وليست مع شركة "تشالنجر" المملوكة لحمد بن جاسم واستمرت مطالب حصول الجانب القطري على العمولات بقوة، كما نص عليه تقديم الخدمات الاستشارية، إلا أن الفريق القانوني في البنك طلب توضيحا بنوعية الخدمات التي قدمها المستثمرون القطريون. واضطر على إثرها البنك لإدخال بعض التعديلات على الاتفاق لتفادي ضريبة القيمة المضافة ودفع العمولة دون الكشف عنها للسوق المالية وبقية المستثمرين في البنك. ‎ومن ضمن ما استمعت إليه هيئة المحلفين، التسجيل الذي قام بتشغيله ممثلو الادعاء عن مكتب SFO لمكالمة هاتفية بين روجر جنكنز وريتشارد بوث، المدير التنفيذي السابق لإدارة المؤسسات المالية الأوروبية والخدمات المالية في بنك باركليز، حيث كانا قلقين بشأن ما يمكن أن يحدث إذا لم يمكن خفض الحصة التي قامت قطر بالاستحواذ عليها من أسهم بنك باركليز في الشهر السابق. ‎وقال جنكنز إنه سيتوجه لمقابلة الشيخ حمد بن جاسم في منزله بجنوب فرنسا لمناقشة الوضع واقترح أن يأتي بوث أيضا. ‎وقال جنكنز مازحا: "عادة ما يكون هناك إعدام لشخص واحد ولا يتم قتل شخصين دفعة واحدة في العادة، لذلك ستذهب إلى المقابلة قبلي بساعة". وقال جنكنز الذي لعب دورا رئيسيا في جلب الاستثمار القطري لبوث، إنه كان يتحدث مع الشيخ حمد بن جاسم ومسؤوليه والذين طلبوا منه أن يستقيل من منصبه الوظيفي وأن يقوم بتمثيل الجانب القطري كعضو بمجلس إدارة بنك باركليز بصفتهم حملة أسهم. وقال جنكنز إن القطريين قالوا له: "لقد أدخلتنا في هذه الفوضى، لذا يتعين عليك أن تستقيل وأن تتولى مقعدنا (تمثيل الجانب القطري كعضو) بمجلس الإدارة". واستطرد جنكنز قائلا "لا أخفيك سراً" أن حمد يرتب لتنفيذ فكرة مشروع صغير،" وهو ما أطلق عليه جنكنز خطة صندوق يضم "سلة البنوك الآيلة للتعثر"، والتي شملت حصصًا في بنك BNP Paribas وCredit Suisse Group AG وBarclays. وبعد فترة هدوء في المحادثة، أكمل جنكنز حديثه: "إن الخروج من الشدائد يُولد الفرص"، فرد بوث ضاحكا: "أنا أحب تفاؤلك"، فأجابه جنكنز: "لأنني في نهاية المطاف لا أهتم لشيء ولا أحمل هماً. أنت تعرف ذلك، فوفي إحدى الرسائل الإلكترونية التي تمت قراءتها أمام هيئة المحلفين في محكمة ساوث وارك الملكية، كتب بوث إلى زملائه، ومن بينهم المحامية بقسم الشؤون القانونية في باركليز جوديث شيفرد، تفاصيل ما دار في اجتماع عقده مع أحمد السيد، رئيس الشؤون القانونية بشركة قطر القابضة آنذاك، والذي أصبح رئيسا لمجلس إدارة الشركة فيما بعد، ثم وزير دولة. وقال بوث إن أحمد السيد قال له: "يريد (صاحب السعادة) أن يتم التعتيم بشكل تام على مساهمته في البنك" و"أنه يفضل أن تكون شركة تشالنجر، التي يقع مقرها في جزر فيرجن، مستثمرا في البنك، وأن يتم توقيع اتفاقية الاكتتاب الخاصة باسمها". وعبر الإيهام والتلاعب بمصدر الأموال الآتية إلى المصرف، اعتقد بن جاسم أنه سيقنع المستثمرين أن "شركة شالينجر" (التي يملكها) قامت بمساعدة البنك في الشرق الأوسط، وعليه فإن العقد الاستشاري هو عقد حقيقي وليس صوريا، والدليل على ذلك أن الأموال لم تأت من قطر فقط ولكن من البحرين والكويت كذلك. فيما اعترف ماركوس أغيوس رئيس مجلس إدارة بنك باركليز بأن نسبة العمولة التي حصل عليها القطريون مرتفعة مقارنة بما يدفعه البنك في العادة، حيث إن النسبة المتعارف عليها لديهم هي من 1-1.5%؜ وليس 4% كما حدث في الصفقة القطرية. وكشف ماركوس أغيوس، الذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة #بنك_باركليز إبان الأزمة المالية عام 2008، أن أعضاء مجلس إدارة البنك أعربوا عن قلقهم من احتمال تعرض رواتب المديرين التنفيذيين للتخفيض إذا ما فشل البنك في الحصول على الأموال اللازمة لتجنب الخضوع لخطة إنقاذ حكومية عام 2008، وفقاً لما نشرته صحيفة "ذا غارديان". وأشار قاضي المحكمة روبرت جاي إلى أن حكم المحكمة قد يصدر في يوم 11 يونيو 2019، وأنه خلال الأسابيع القادمة قدم يتم إضافة تهمة التهرب الضريبي إلى لائحة التهم، ولكن ذلك سيكون بعد سماع شهادات أربعة مسؤولين آخرين في الفترة القادمة وتحديد ما إذا كانت جريمة التهرب الضريبي واقعة من عدمه. وأظهرت شهادة غلين لايتون، المدير التنفيذي السابق لقطاع المؤسسات المالية في مجموعة باركليز، التي تأتي في إطار شهود الإثبات والأدلة، أن زملاءه من المديرين التنفيذيين السابقين في البنك عمدوا إلى الاحتفال علناً بصفقة خدمات أبرمت مع قطر في عام 2008 وكأنها "منفصلة تماما" عن حزمة الإنقاذ التي تقدر بمليارات الجنيهات وأنها لا تؤثر على حقوق المستثمرين الآخرين، حسب ما نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية. ومن أوجه التحايل التي اتخذها حمد بن جاسم للهروب من المحاكمة بعدما أشار القاضي روبرت جاي إلى أنه من البديهي أن يتم إدراج الطرف الثاني في الاتفاقات المشبوهة، في سياق محاكمة 4 من كبار المصرفيين السابقين في بنك باركليز بتهم الكذب والتزوير في محررات رسمية بهدف التحايل للتستر على رشاوى وعمولات سرية للشيخ حمد بن جاسم، أو الشيخ "اتش بي جي" كما تطلق عليه الصحافة البريطانية. وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربية.نت" قيام السفارة القطرية في لندن بتعيين حمد بن جاسم بوظيفة عادية من أجل منحه الحصانة الدبلوماسية حتى لا تتم محاكمته ولا تتخذ بحقه إجراءات قانونية على خلفية قضية الرشوة المالية الكبيرة التي تحصل عليها من بنك باركليز. وتفاعلت قضية قيام السفارة القطرية في لندن بتعيين حمد بن جاسم بوظيفة عادية، من أجل منحه الحصانة الدبلوماسية ليتمكن من التهرب من محاكمته في قضية الرشوة المالية الكبيرة التي تحصل عليها من بنك باركليز، خاصة بعدما تكشفت أدلة كثيرة حول تورطه واحتمال سجنه وفق القانون البريطاني. ونشرت الصحف البريطانية تقارير تحذر الحكومة من التستر على "شيخ إتش بي جي" الذي منح حصانة دبلوماسية شكلية للحماية من العقاب على جرائم بعضها جنائي يمكن أن يكون مصوغا للإفلات من إقرار العدالة بالمحاكم البريطانية. وفي خط مغاير من الفضيحة، ظهر جانب من المواقف التي تبنتها جوديث شيفرد، المحامية بإدارة الشؤون القانونية ببنك باركليز، التي كانت تتخذ خطا مغايرا لما كان مسؤولو باركليز الكبار بصدد السقوط فيه من تحايل لتمرير اتفاقيتين مشبوهتين بناء على اقتراحات من الشيخ حمد بن جاسم لإضفاء صبغة ما، تبرر دفع عمولات ورسوم إضافية إليه مستخدما شركة قطر القابضة كجسر لاستلامها، وفقا لما نشرته "فايننشال تايمز". واستمعت هيئة المحلفين في محكمة ساوث وارك البريطانية إلى نص تحريري يتضمن أقوالا للشاهدة غاي هوي إيفانز، المدير التنفيذي السابق لصناديق الثروة السيادية ببنك باركليز خلال فترة الأزمة المالية عام 2008، والتي قالت للمحققين التابعين لمكتب مكافحة جرائم الاحتيال الكبرى SFO في عام 2015: "أتمنى لو كنت قد عرفت آنذاك"، مشيرة إلى أنها لم تعلم شيئا بشأن الرسوم السرية التي بلغت حوالي 320 مليون جنيه إسترليني، والتي تم دفعها كرسوم لصندوق الثروة السيادية القطري، بحسب ما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز". وتشغل إيفانز حاليا منصب نائب رئيس هيئة المحاسبة المالية البريطانية، وكانت مكلفة من جانب بنك باركليز عام 2008 بتطوير علاقات أقوى مع صناديق الثروة السيادية. وتواكبت محاولات بنك باركليز لاجتذاب الاستثمارات مع صعود أسعار النفط. فيما ذكر ريتشارد بوث، المدير التنفيذي السابق في باركليز، في محادثة هاتفية مع محامين بالفريق القانوني بالبنك، أنه شعر بالغثيان عندما قيل له إن بنك باركليز ربما يواجه اتهامات جنائية، بسبب صفقات جانبية تم عقدها مع قطر خلال حملة لجمع الأموال وجذب الاستثمارات عام 2008. فيما قال قانونيون بريطانيون إن شهادات قيادات البنك تكشف أن الجميع كان يعلم أن حمد بن جاسم حصل على رشوته تحت غطاء عقد خدمات ولكنهم تغاضوا عن الحقيقة للحفاظ على وظائفهم بالبنك.ماذا هنالك؟".

مشاركة :