فرنسا تتعامل بحذر مع احتجاجات الجزائر

  • 3/10/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - تجلس سميرة في شرفة مقهى في شمال باريس، متسائلة عن السبب وراء ضعف رد فرنسا، التي تعتبر أرض حقوق الإنسان، على الاحتجاجات القائمة ضد الرئيس الجزائري البالغ من العمر 82 سنة، عبدالعزيز بوتفليقة. وتتابع السيدة الفرنسية الشابة، التي ترجع جذورها العائلية إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا مثل مئات الآلاف من الآخرين في فرنسا، الأخبار حول المظاهرات وتأمل دون جدوى بأن تتحدث الحكومة الفرنسية عمّا يحدث. وقالت بمرارة، وهي تقارن الحذر في تعامل باريس مع مستعمرتها السابقة مقابل دعمها الجريء للاحتجاجات ضد الحكومة في فنزويلا، “تمطرنا فرنسا كل يوم بالحديث عن أنها مهد لحقوق الإنسان، لكن عندما يتطلب الأمر أن تتحرك، لا تفعل شيئا”. ويتساءل صديقها مهدي، البالغ من العمر 28 عاما، والذي يخشى من أن يعرض إعطاء لقبه عائلته في الجزائر لأعمال انتقامية، بصوت عال “أين فرنسا؟”. وفي غضون أسبوعين منذ اندلاع الاحتجاجات، كانت فرنسا حذرة. ولم ترد أن ينظر إليها على أنها تتدخل في مستعمرتها السابقة ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة. ونقل تقرير حديث نشرته مجلة “لو نوفيل أوبسرفاتور” الإخبارية عن مسؤول حكومي كبير يناقش أي أزمة خارجية محتملة تثير قلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حتى قبل اندلاع الاحتجاجات. وقال المسؤول “كابوسه هو الجزائر. هذا هو نفس كابوس من سبقوه”. وأضاف أن القلق يتوقف على احتمال عدم الاستقرار خطير بعد نهاية حكم عبدالعزيز بوتفليقة الذي بدأ منذ سنة 1999. لا شك أن التاريخ الحديث لليبيا، جارة الجزائر، يؤثر على كابوس الرئيس: الفوضى، والحرب الأهلية التي شهدت تدفق المهاجرين شمالا إلى أوروبا، بينما تتدفق الأسلحة إلى الجنوب مما يساعد على زعزعة استقرار المنطقة. حقل ألغام دبلوماسي وينظر إلى الرئيس الجزائري المريض منذ فترة طويلة في باريس على أنه مصدر للاستقرار وحصن ضد انتشار الإسلاموية، على الرغم من المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان والفساد تحت سلطته. تقوم ردود فرنسا على الاحتجاجات، ودعوتها إلى الهدوء وإصرارها على أن الجزائريين يجب أن يختاروا مستقبلهم، من خلال التاريخ الدموي الذي لا يزال موضع نزاع بين الشعبين. وحكمت باريس الجزائر لأكثر من مئة عام واستخدمت أساليب وحشية للحفاظ على سيطرتها على المنطقة حتى سنة 1962، تاركة آثارا عميقة وجدلا حول ما خلّفه الاستعمار. ومازال الماضي المشترك يمنح فرنسا نفوذا على البلد عبر العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية الوثيقة، واللغة المشتركة، فضلا عن عدد الأفراد من أصل جزائري المتواجدين في فرنسا، والذين يقدر عددهم بنحو 1.7 مليون شخص. ويلخص المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا الوضع بقوله “إما أن نرفع أصواتنا ويتهمنا الجزائريون بالتدخل كمستعمر قديم، أو نصمت لنتّهم بدعم نظام معاد للديمقراطية. وفي كلتا الحالتين، تمشي فرنسا في حقل ألغام”. ضغط المهجر Thumbnail قارن المتخصص في الشؤون الخارجية دومينيك مويزي في مقال له الطريقة التي تجرأت بها فرنسا من قبل على فرض حكمها بالقوة، أمام خجلها وصمتها. وقال عن بوتفليقة “كنا نرغب في بذل قصارى جهدنا تجاه الجزائريين دون أخذ رأيهم بعين الاعتبار. الآن نمتنع عن التحدث عن شيء من الواضح أنه سيء ​​بالنسبة لهم”. وكتب في صحيفة “لي زيكو” “كيف يمكن أن نكون صريحين ومحترمين، وأن نجد اللغة الحقيقة التي يجب أن تكون موجودة بين متساويين؟ ليست الإجابة بسيطة”. وترفض الحكومة الفرنسية أي حديث بشأن المعايير المزدوجة عند التعامل مع الاحتجاجات في الجزائر وفنزويلا. حيث دعم إيمانويل ماكرون المحتجين ضد الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان غوايدو. وقال جان بابتيست ليموين “لا يمكنك حقا مقارنة فنزويلا بالجزائر. في فنزويلا، نجد أزمة إنسانية، ثلاثة ملايين لاجئ، أمام رئيس يستخدم القوة ضد شعبه”. وأضاف أن فرنسا “ليست غير مبالية” بما يحدث في الجزائر لكن “لا نتدخل”. وخلال الاحتجاجات نزل الفرنسيون الجزائريون الشباب إلى الشوارع في باريس ومرسيليا ومدن أخرى مرة أخرى، للتعبير عن دعمهم لحركة الاحتجاج في الجزائر، وليطلبوا من فرنسا اتخاذ موقف أقوى. وقال سمير ملال، وهو من المحتجين ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة، “إنه صراع مشترك بين الجزائريين في الجزائر والجزائريين في الخارج. للمسافة أيضا دور في هذا الانتقال والبناء لدولة جديدة تقوم على حكم القانون”.

مشاركة :