باريس – أكدت الحكومة الفرنسية الجمعة أن “الحزم كامل وسيبقى كاملاً”، مع تدخل الشرطة لفضّ اعتصام مؤيد للفلسطينيين في معهد العلوم السياسية في باريس. وقالت الحكومة “فيما يتعلق بالوضع في المؤسسات (الجامعية)، أمكن حلّ بعضها عن طريق الحوار. وفي ما يتعلّق بأخرى، تمّ تقديم طلبات من قبل رؤساء الجامعات وتدخلت قوات إنفاذ القانون على الفور”. وأشارت الى أنه بخصوص المعهد العريق في العاصمة، طلب رئيس الحكومة غابريال أتال “التدخل ما إن يقدّم مدير” المعهد طلبا بذلك. وبدأت قوات الشرطة الفرنسية التدخل الجمعة في معهد العلوم السياسية العريق في باريس لإخراج عشرات الناشطين المؤيدين للفلسطينيين الذين يحتلون بعض أرجائه منذ الخميس. وقالت إحدى طالبات معهد “ساينس بو” في تصريحات للصحافيين، إن “زهاء 50 طالبا كانوا لا يزالون في المكان” مع بدء دخول قوات إنفاذ القانون الى المبنى، بعد نحو أسبوع من بدء تحركات طالبية على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، مشابهة لتحركات شهدتها أحرام جامعية في دول عدة أبرزها الولايات المتحدة. وأعلن المعهد الخميس أنّه سيغلق الجمعة فرعه الرئيسي في باريس بعد أن احتلّ طلاب محتجّون مؤيّدون للفلسطينيين مبان جديدة في حرمه. وفي رسالة تلقاها موظفوها مساء الخميس، قال قسم الموارد البشرية في "سيانس بو" إنّ المباني الواقعة في وسط العاصمة الفرنسية “ستظل مغلقة غداً الجمعة 3 أيار/مايو. نطلب منكم مواصلة العمل من المنزل”. وفي سيناريو مشابه للاحتجاجات التي هزّت عدد من كبريات الجامعات في الولايات المتحدة، نظّم طلاب في جامعة سيانس بو مؤيدون للفلسطينيين تحرّكات عديدة احتجاجاً على استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة والأزمة الإنسانية التي نتجت عنها في القطاع الفلسطيني المحاصر. وفرنسا التي تقيم فيها أكبر جالية مسلمة في أوروبا هي أيضاً موطن لأكبر عدد من اليهود في العالم بعد إسرائيل والولايات المتّحدة. وتدعو “لجنة فلسطين” في سيانس بو إدارة الجامعة إلى “إدانة واضحة لممارسات إسرائيل” و”إنهاء أيّ تعاون” مع أيّ من “المؤسسات والكيانات” التي تتّهمها بالضلوع “في القمع المنظّم للشعب الفلسطيني”. ومطلع الأسبوع ندّدت بهذه التحركات الاحتجاجية رئيسة السلطة المحلية للعاصمة الفرنسية فاليري بيكريس التي تنتمي إلى اليمين المتطرف، مستنكرة ما اعتبرته “أقلية متطرّفة تدعو إلى الكراهية المعادية للسامية”. وامتدت المظاهرات الطلابية إلى مختلف أنحاء العالم حيث يزداد انتشارها مع ازدياد المأساة الإنسانية في غزة، وقد احتشد مئات المحتجين أمام واحدة من أبرز الجامعات الأسترالية الجمعة مطالبين إياها بسحب استثماراتها من الشركات التي تربطها علاقات بإسرائيل في احتجاجات مستوحاة من حراك طلابي يجتاح الجامعات الأميركية. واعتصم ناشطون مؤيدون للفلسطينيين الأسبوع الماضي خارج القاعة الرئيسية بجامعة سيدني، إحدى أكبر مؤسسات التعليم العالي في أستراليا. وأعلن محتجون اعتصامات مماثلة في جامعات بملبورن وكانبيرا ومدن أسترالية أخرى. وعلى عكس ما يحدث في الولايات المتحدة حيث تفض الشرطة اعتصامات مؤيدة للفلسطينيين بالقوة في عدد من الجامعات، اتسمت مواقع الاحتجاج في أستراليا بأجواء سلمية مع وجود الشرطة بأعداد ضئيلة. واحتشد المتظاهرون الجمعة لمطالبة جامعة سيدني بسحب استثماراتها من الشركات التي تربطها علاقات بإسرائيل، وهي المطالب نفسها التي يدعو إليها الطلاب في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا. وقال مات (39 عاما) وهو يقف وسط حشد من أكثر من 300 متظاهر ويحمل ابنه البالغ من العمر عامين على كتفيه إنه جاء ليظهر أن الغاضبين من أفعال إسرائيل في غزة ليسوا فقط من الطلاب. وأضاف لرويترز رافضا ذكر اسمه الأخير “بمجرد أن تفهم ما يحدث تقع على عاتقك مسؤولية محاولة المشاركة ورفع الوعي وإظهار التضامن”. وعلى بعد بضع مئات الأمتار من احتجاج جامعة سيدني، وفي وجود صفوف فاصلة من أفراد الأمن، تجمع المئات تحت العلمين الأسترالي والإسرائيلي واستمعوا إلى متحدثين يقولون إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين جعلت الطلاب والموظفين اليهود يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي. وقالت سارة وهي أكاديمية رفضت الكشف عن اسمها خوفا من التداعيات “لا يوجد مكان لأي شخص آخر، السير في الحرم الجامعي وهتاف ’الانتفاضة’ و’من النهر إلى البحر’ يترك أثرا، إنه أمر مخيف”. وذكر نائب مستشار جامعة سيدني مارك سكوت لوسائل إعلام محلية الخميس أن الاعتصام المؤيد للفلسطينيين يمكن أن يبقى في الحرم الجامعي لعدم وقوع أعمال عنف به مثلما حدث في الولايات المتحدة. وبينما وقفت عدة سيارات للشرطة عند مدخل الجامعة، لم يتواجد أي من رجال الشرطة في كلا الاحتجاجين. وتعتبر أستراليا حليف مقرب لإسرائيل منذ فترة طويلة، لكنها باتت تنتقد على نحو متزايد سلوك حليفتها في غزة حيث قُتلت عاملة إغاثة أسترالية في هجوم إسرائيلي الشهر الماضي. وقال متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إن الحكومة لم تفعل ما يكفي للدفع من أجل السلام ورددوا هتافات ضد رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي وحكومته. وفي سويسرا أيضا، نظم ناشطون في جامعة لوزان مظاهرة تنديدا بالحرب على غزة ودعما للاحتجاجات التي اندلعت في جامعات أميركية وأوروبية، مطالبة بـ “مقاطعة أكاديمية” لإسرائيل. ووفقا لتقرير تلفزيون سويسرا الرسمي (آر.تي.أس) نظم الناشطون وقفة احتجاجية الخميس، أمام مبنى “جيوبوليس” بجامعة لوزان وأغلقوا مدخل المبنى. وطالبوا بمقاطعة “أكاديمية” للمؤسسات الإسرائيلية، وحملوا علم فلسطين وعلقوه على مدخل المبنى، ورددوا هتاف “فلسطين حرة”. ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار وإعادة تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وفي بيان صحفي وزعوه على وسائل الإعلام، قال المتظاهرون “احتجاجنا عفوي ولا قائد له”. وعبروا عن رفضهم للتواطؤ في الإبادة الجماعية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية. وأضافوا “ندعو الجميع للانضمام إلينا ونحث أعضاء الجامعات والكليات الأخرى على التحرك”. واتهموا الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في سويسرا بأنها “متواطئة في المجزرة” عبر كثير من الاتفاقيات التي تتيح أو تشجع تبادل الطلاب بين الجامعات السويسرية والإسرائيلية. وفي 18 أبريل/ نيسان الفائت، بدأ طلاب رافضون للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة اعتصاما بحرم جامعة كولومبيا في نيويورك، مطالبين إدارتها بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية وسحب استثماراتها في شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية. ومع تدخل قوات الشرطة واعتقال عشرات الطلاب، توسعت حالة الغضب لتمتد المظاهرات إلى عشرات الجامعات في الولايات المتحدة، منها جامعات رائدة مثل هارفارد، وجورج واشنطن، ونيويورك، وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونورث كارولينا. وبلغ عدد الأشخاص الذين أوقفتهم السلطات الأميركية خلال المظاهرات الداعمة لفلسطين في الجامعات نحو ألفي شخص، بينهم طلاب وأساتذة جامعيين. وبحسب معلومات حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس من مصادرها الخاصة، فقد تم توقيف ما لا يقل عن ألفي متظاهر خلال أسبوعين، بينهم العديد من المحاضرين والأساتذة. ولاحقا، اتسع الحراك الطلابي غير المسبوق في دعم فلسطين بالولايات المتحدة، إلى جامعات بدول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا والهند، وشهدت جميعها مظاهرات داعمة لنظيراتها بالجامعات الأمريكية ومطالبات بوقف الحرب على غزة ومقاطعة الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة.
مشاركة :