ضماناً لوحدتنا الوطنية وحرصاً على سلمنا الاجتماعي بات سن قانون لتجريم الطائفية لزوم ما يلزم في وقتنا الحالي أكثر من أي وقت مضى . فالفتن الطائفية في الدول المجاورة رابضة على الأبواب ؛ تنتظر من يشعل فتيلها ويفسح لها الطريق لتتسلل إلى وطننا الحبيب وتضرم حريقها داخله . والتجييش الطائفي يمد أياديه العابثة محاولاً اختراق وحدتنا الوطنية ؛ وهدم جسور التعايش المأمول بدلاً من تجسير الهوة بين المختلفين . والأبواب الفضائية والمنابر الإلكترونية المفتوحة المصاريع باتت مرجلاً تتصاعد منه أدخنة الكراهية بأبشع صورها . وتكاد مواقع التواصل الاجتماعي تنوء بثقل ما تحمله من كراهية وتحريض ، ومايستعر في تغريداتها من طائفية نتنة ومفردات تعبوية ، لو ترك لها العنان لتهبط من عالمها الافتراضي إلى أرض الواقع لخلفت الخراب والدمار الساحق !. وتشهد على ذلك ( هاشتاقات) تويتر الطائفية المستعرة بالحقد الأسود، والمتهدلة بالتحريض الموتور الذي لا يمكن أن يكون حصاده إلا وبالاً على الوطن وأهله . ناهيك عن رسائل (الوتساب) الحافلة بالتصورات والأفكار النمطية عن الآخر ؛ أو تلك التي تستدعي أحقاد التاريخ وتتوسل الماضي، أو الأخرى التي تسمي منتجاً بعينه أو مؤسسة محددة داعية لمقاطعتها تبعاً لمذهبها !. وهنا لابد أن تولد من رحم الطائفية طائفية مضادة ؛ فلكل فعل رد فعل يقارعه ..والكراهية لا يمكن أن تحصد إلا نفسها ! ومن يرمِ بذور الفتنة في بيته لا يرث إلا الريح العاتية ؛ بينما يدفع الوطن الفاتورة الباهظة من أمنه وسلمه الاجتماعي !. ما يدور في تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى كشف لنا عن كثير من أمراض الثقافة التي يتعين علينا الاعتراف بها لنستطيع التخلص منها ؛ وأولها الفشل الذريع في الحوار وتقبل الاختلاف والتردي إلى مستنقعات الكراهية والتحريض والاستعداء ، ناهيك عن العنف اللفظي في الردود وغيرها من العلل الثقافية . وهنا لا بد من تساؤل عريض عن مدى فعالية مركز الحوار الوطني ؛ وما الذي قدمه لترسيخ مفردات الحوار ؟! وهل تستطيع دهاليزه المغلقة على حوارها - والذي سماه الدكتور عبد المحسن هلال في إحدى مقالاته حوار الطرشان - القيام بدور مهم وحيوي كهذا ؟ وألم يئن الأوان لمراجعة شاملة لمسيرة المركز وآلياته وطريقة أدائه في سبيل نقلة نوعية تقود - فعلياً- لتعزيز ثقافة الحوار في المجتمع ؟ وعوداً على بدء ، ما أحوجنا اليوم إلى قانون يجرم الطائفية ؛ يستلهم البند ١٢ من النظام الأساسي للحكم ، والذي ينص على : ( تعزيز الوحدة الوطنية واجب وتمنع الدولة كل مايؤدي إلى الفتنة والفرقة والانقسام ) ، ليترجم البند إلى واقع رادع لكل من يشذ عن النهج القويم . amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :