مالت أسعار النفط الخام إلى الانخفاض في الأسواق العالمية خلال تداولات أمس، فيما حافظت سلة "أوبك" على تحسنها السعري، في ظل تقارير تشير إلى استمرار وفرة المعروض العالمي وتوقعات باتفاق حول البرنامج النووي الإيراني يعزز صادرات إيران من النفط. وواصلت سلة خام "أوبك" تحسناتها السعرية وسجل سعرها 56.83 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 56.07 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء شهد ارتفاعات متتالية الأسبوع الماضي بعد أن تجاوز انخفاضا محدودا استمر يومين. وتراجع خام "برنت" نحو 2 في المائة باتجاه 61 دولارا للبرميل أمس، بعد أن قالت إيران إنه يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي هذا الأسبوع إذا رفع الغرب العقوبات وهو ما قد يعزز صادرات البلاد من النفط. وهبطت أسعار النفط أيضا بفعل ما قال المتعاملون إنه لارتفاع الدولار وتقارير عن زيادة إنتاج الخام الليبي. وتراجع "برنت" 1.28 دولار إلى 61.30 دولار بعد أن نزل في وقت سابق إلى 61.18 دولار للبرميل. وقفز عقد أقرب استحقاق لخام "برنت" 18 في المائة في شباط (فبراير) في أكبر زيادة شهرية منذ أيار (مايو) 2009. وانخفض الخام الأمريكي 95 سنتا إلى 48.81 دولار للبرميل، كما نقلت وكالة رويترز أمس. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في جنيف "إذا توافرت الإرادة السياسية للقبول بأن الاتفاق والعقوبات لا يمكنهما السير معا فسيكون هناك اتفاق هذه المرة". وسجل الدولار أعلى مستوى في 11 عاما مقابل سلة عملات بعد أن نال خفض الفائدة الصينية من سعر صرف اليوان وأثر في عملات الاقتصادات الآسيوية الناشئة. وقال لـ "الاقتصادية" الخبير النفطي في وكالة موديز، بيتر فنش، إن أنباء عن وفرة المعروض دفعت الأسعار للانخفاض، لكن السوق لا يزال في مرحلة التقلبات وأغلب الاتجاه نحو الارتفاع، مشيرا إلى أن وفرة المعروض تجدد حدة التنافس بين المنتجين على الحصص السوقية. وذكرت إحصاءات رسمية في اليابان، إحدى الأسواق الرئيسية في استهلاك النفط، أن نفط الشرق الأوسط المصدر الرئيسي لوارداتها النفطية، حيث بلغت منه 80.3 في المائة من إجمالي واردات كانون الثاني (يناير)، ونسبة النفط العربي منه 75.3 في المائة، ما يعني أن ثلاثة أرباع احتياجات اليابان النفطية جاءت من دول الخليج. وبلغت واردات اليابان من النفط الخام الإماراتي وحده في كانون الثاني (يناير) الماضي 27.05 مليون برميل، ما يشكل 25 في المائة من إجمالي الواردات. وفي روسيا، أكدت تصريحات رسمية استمرار دورها في دعم زيادة المعروض في السوق، حيث أكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن استراتيجية روسيا في مجال الطاقة لا تتضمن تقليص حجم إنتاج النفط حتى عام 2035، بل تتضمن تغير هيكل الإنتاج بحسب المناطق في روسيا. وقال فنش إن روسيا تهتم الآن بتنويع مصادر الطاقة للتغلب على تداعيات أزمة انخفاض الأسعار، وإن الاهتمام سيكون لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي المسال في روسيا. وذكر أن روسيا تنتهج نفس منهج دول "أوبك" في السعي حثيثا إلى حماية حصتها السوقية في ظل المنافسة الشديدة في الأسواق وارتفاع معروض النفط بعد ضعف نمو الاقتصاد العالمي. وقال لـ"الاقتصادية" هنري حافظ نائب رئيس الغرفة العربية النمساوية إن إنتاج الشرق الأوسط من النفط حقق نجاحات في الأسواق العالمية على حساب منتجي النفط الآخرين، سواء الصخري أو خارج "أوبك". وارتفع إنتاج السعودية أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" 130 ألف برميل خلال شباط (فبراير) إلى إجمالي 9.85 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2013. كما ارتفع إنتاج "أوبك" إلى 30.6 مليون برميل الشهر الماضي في تاسع شهر على التوالي وهو أعلى من مستهدف الإنتاج عند 30 مليون برميل. وتابع حافظ أن بعض منتجين "أوبك" بدأ يستعيد بقوة عافيته الإنتاجية مدللا على ذلك بالعراق، حيث قالت وزارة النفط إن صادرات العراق النفطية ارتفعت في شباط (فبراير) إلى 2.597 مليون برميل يوميا. وأضاف أن العراق سيشهد استثمارات جديدة في مجال النفط في ضوء التوصل إلى اتفاقات سلام بين بعض مكوناته، حيث أعلنت تركيا أخيرا أنها ستنقب عن النفط في منطقة قنديل بالعراق. واعتبر المحلل الروسى إيجور ياكوفلف أن تراجع حفارات النفط الأمريكية لم ينعكس كثيرا على المعروض الدولي من النفط، الذي لا يزال يعاني وفرة وتخمة الأسواق. وقال لـ"الاقتصادية" إن تحسن الطلب خاصة القادم من الصين يتزايد بخطى جيدة ومتسارعة نسبيا، حيث سجلت التقارير الاقتصادية نموا في قطاع الصناعات التحويلية في الصين خلال شباط (فبراير) بأعلى وتيرة منذ تموز (يوليو) الماضي. وأخيرا ذكر بنك جولدمان ساكس أن عدد حفارات النفط الأمريكية تراجع بمقدار 33 حفارة الأسبوع الماضي، حيث يتواصل انخفاض عدد الحفارات للأسبوع الثاني على التوالي. توقع جولدمان ساكس نمو إنتاج النفط الأمريكي إلى 385 ألف برميل يوميا على أساس سنوي بحلول الربع الرابع من هذا العام. وأسهم تنامي استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة في انحدار الأسعار بسوق النفط بين حزيران (يونيو) 2014 وبداية العام الحالي، حيث هوت الأسعار أكثر من النصف. لكن أعمال الحفر بدأت تنخفض هذا العام مع تآكل هوامش الربح بفعل تدني الأسعار وهو التأثير الذي بدأ يتباطأ مع ارتفاع أسعار الخام الأمريكي نحو 15 في المائة عن المستويات بالغة التدني المسجلة في كانون الثاني (يناير) لتصل إلى نحو 50 دولارا. وأضاف المصرف كما نقلت وكالة رويترز "عدد الحفارات الحالي.. يشير إلى تباطؤ نمو الإنتاج الأمريكي ليقترب من المستوى اللازم في تقديرنا لتحقيق التوازن بسوق النفط" عندما تدفع الأسعار المنخفضة الحالية عددا كافيا من المنتجين لتقليص الاستثمار والإنتاج.
مشاركة :