الإرهاب ليس له دين ولا وطن

  • 3/16/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الحادث الإرهابي الذى قام به المتطرف اليميني الإسترالى "برينتون تارانت" وقيامه بالهجوم على المصلين العزل أثناء صلاة الجمعة فى مسجدين وكأنه يمارس لعبة "بابجي" الإلكترونية -التى أصابت قطاعا كبيرا من الناس من مختلف الجنسيات والأعمار بهوس التخطيط لارتكاب جرائم القتل العشوائي- لا يمكن أن يكون وليد لحظة هيستيرية أصابته؛ كما تحاول أجهزة الإعلام الغربية تصويره، لكن الجريمة التى تمت فى مسجدين تبلغ المسافة بينهما حوالى 4 كيلومترات وبمعاونة بعض أصدقاء الإرهابى تم التخطيط لها بحِرفية ودقة فى حسابات التنفيذ، مما يدلل على وجود تنظيم متطرف وراء الإرهابى منفذ الجريمة. الذى زرع كاميرا فى مقدمة سلاحه متصلة بصفحته على فيس بوك بث منها جريمته الحقيرة، مع التسليم بقدرته المهارية فى ارتكاب تلك المجزرة التى راح ضحيتها ما يقرب من الخمسين شهيدًا من المصلين العًزَّل، واصيب تقريبًا نفس العدد. وتأتى محاولة بعض الأقلام الأوروبية تصوير الأمر على أن الجريمة ارتكبت بزعم أن هناك تيارًا من الشباب ضد الهجرة والمهاجرين بصفة عامة، هو محاولة للتقليل من حجم الجريمة وإعطائها المفهوم العنصرى للبعد عن توصيفها على أنها جريمة إرهابية، والإعلام الغربى يؤسس لتلك الجرائم على أن مرتكبيها ينتمون للتيار العنصرى، وأنهم يعانون من ضغوط نفسية، وأفكار متطرفة تقودهم لمستشفى الأمراض العقلية، لكن فقط الجريمة التى ينفذها مُسلم تقع فى نطاق الجرائم الإرهابية. هكذا تُصور بعض الصحف العالمية الحوادث التى تقع فى نطاقها فقط، وتفرق بين جنسية وديانة مرتكبيها، وأنا عمومًا ضد هذا التصنيف فى الديانة، فليس هناك فرق بين المسيحى والمسلم فى الوطن، فنحن نعيش ونحتمى ونحمى أرضا واحدة، جميعنا لنا حقوق وعلينا واجبات، ولا تُفرق الجرائم والرصاصات العشوائية بين ديانة وآخرى، ففى الحرب نتلاقى جمبًا إلى جمب وفى السلم نبنى نهضتنا، لكن الأمر يختلف عند بعض البلدان الأوروبية التى ظهرت فيها ما يسمى بـ "تنظيمات اليمين الأبيض المتطرف" الذى نما أكثر وظهر على السطح فى أعقاب الانتخابات الأمريكية، وفوز "دونالد ترامب" الذى انتهج فى برنامجه نفس النهج، وطالب بطرد المهاجرين العرب من أمريكا، ومنع دخول رعايا بعض البلدان -وكانت بالطبع عربية مسلمة- وهو الأمر الذى تبخر حينما احتاج للدولارات العربية لتدعيم الاقتصاد الأمريكى، وقام فور وصوله للبيت الأبيض بعقد صفقات مع بعض البلدان العربية بلغت ما يقرب من 500 مليار دولار، وما لبثت أن هدأت نبراته الشيطانية ودعاويه التحريضية ضد العرب.ومع تخافت الأصوت الداعية لتلك الأفكار عادت من جديد تلك التنظيمات تبث فى نفوس أعضائها روح العداء؛ لتواجد الآخر على أرض استراليا، وتبث روحًا تحصد فى النهاية جرائم الشر, وتصف المسلمين المقيمين بها بالإرهابيين، وفى المقابل تتلاشى أصوات أصحاب التنوير الأوروبى واصحاب نظريات التعايش السلمى على ما يبدو لقوة وغطرسة الصوت الآخر، لكن بعض الحكومات الأوروبية لم تستطع المواجهة نتيحة تغلغل اليمين المتطرف فى أعضاء الحكومات، وهو ما حدث فى استراليا حينما لم تواجه الحكومة الاسترالية دعوات العنصرية التى كانت بداية الفتن، والتى تمثلت فى السلوكيات والمعتقدات تجاه الآخر غير الاسترالى، وكانت ذروة العنصرية فى استراليا ما قاله السيناتور "Fraser Anning" فى ولاية "كوينزلاند" عندما دعا فى خطابه إلى وقف هجرة المسلمين العرب لاستراليا، وطرد من يُقيم، ووصفهم بالإرهابيين، وهكذا ينبت الفكر الإرهابى عند الأجيال الجديدة فى أوروبا، نتيجة التأثر بفكر ودعاوى قادتهم, ويُغذيه إعلام صهيونى مؤثر، ويُدعم فكرة الإسلام الإرهابى لدى الأجيال الجديدة، وهو ما حذَّر منه مِرارًا الرئيس "عبد الفتاح السيسى" من أن الإرهاب ليس له وطن، وأنه يطول ويقتل الأبرياء من جميع الجنسيات والأديان، وهو ما يتطلب المواجهة الفكرية لأصحاب ما يسمى بالتطرف الفكرى فى كل الأديان, وإظهار سماحة الأديان ونبذها للعنف، وإطلاق مبادرات التعايش السلمى فى عالم واحد خال من الشر.

مشاركة :