أكد استشاري الطب النفسي الجنائي، أن هناك مسؤولية جنائية لمرتكب العمل الإرهابي في مسجدين نيوزيلندا أمس الجمعة، حيث لا يمكن تصنيف ذلك في إطار المرض النفسي أو العقلي، مشيرًا إلى أن جميع المعطيات تؤكد هذا الرأي، وأن المؤكد كون الإرهابي برينتوت تارانت نفذ العملية وكان مدركًا لفعلته وقد يترتب عنها وبدافع أيديولوجي يميني متطرف. وقال الدكتور حسن بن رافع الشهري استشاري الطب النفسي الجنائي في مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض: إن العالم لن يقبل أن يرى تارانت يُعفى من مسؤوليته الجنائية عن الجريمة التي ارتكبها بدعوى أن لديه مرضًا عقليًّا، أو أن نرى العالم لا يأخذ هذا العمل الإرهابي بكل جدية ويبحث عن حلول ناجحة لمكافحة الإرهاب من أي أيديولوجية كانت، مشددًا على أن الإرهاب لا دين له، وشواهد التاريخ على ذلك كثيرة. وأشار إلى أن الكثير من المشاهدين للجريمة الإرهابية سيقومون بتأويلات وتفسيرات عديدة للدافع وراء هذه الجريمة؛ فهناك من سيصف مرتكبها بأنه مختل أو مريض أو مجرم أو متطرف أو معتوه أو إرهابي، متابعًا: وزاد من استقراء ما نشر عن الفعل يظهر أن تارانت قد خطط للفعل مسبقًا، وذلك لأن هناك 3 أشهر من التخطيط قبل تنفيذ الفعل، حيث اختار المكان بعناية وهو أحد المساجد الكبيرة في المدينة، كما أنه اختار الوقت الذي سيكون فيه أكبر عدد من المصلين وهو صلاة الجمعة، ويظهر من خلال الفيديو أنه كان يدرك الزمان والمكان ومن حوله، وأنه كان يطلق النيران على كل من رأته عينه بهدف قتله والقضاء عليه، حتى إنه شوهد وهو يطلق النار مرة أخرى على امرأة مصابة وملقاة على الأرض وكانت تستنجد حتى قضى عليها. وأضاف الشهري: من يتتبع تفاصيل المنشور إعلاميًّا عن المدعو برينتوت تارانت وهو أحد 4 مقبوض عليهم في الحادثة سيجد أنه شاب أبيض يبلغ 28 عامًا وأسترالي المنشأ والجنسية، ويظهر أن طفولته ومراحل تطوره النمائي كانتا طبيعيتين، وأن مستواه التعليمي هو المرحلة الثانوية، وأنه عاش في الريف وذهب بعدها إلى مدينة صغيرة مع والده حتى عام ٢٠١٠ ليتوفى والده بمرض السرطان، فترك تارانت المنزل في عام ٢٠١١ م وتنقل بين العديد من الدول، حيث ذكر أنه زار كوريا الشمالية وباكستان مما قد يشير إلى دلالة لفكرة استطلاعه على ثقافات وأيديولوجيات متنوعة قد تصنف بأنها يمينية. وأردف: كما أن ما أظهرته الكتابات على الأسلحة النارية وملحقاتها التي استخدمها يجد أنه تغذى بفكر أيديولوجي متطرف، حيث كانت تشير تلك الكتابات إلى عدة حروب واعتداءات إرهابية سابقة، وقد أشار هو في كتاباته المنشورة على فيسبوك، إلى “الفايكينغ” حين ذكر أنه في حال لم يبقَ على قيد الحياة بعد ارتكابه الفعل فسيكون في الفالهالا، وهي مما يؤمن به الفايكينغ، حيث إنها أسطورة تتحدث عن قناعة لمن يموت من المحاربين في المعارك يعيش فيها بسعادة في العالم الآخر (أي بعد الموت)”. وتابع استشاري الطب النفسي أن “الكثير من المؤشرات ترجح وتدل أن مبررات الفعل ذات مدلول أيديولوجي متطرف، حيث نسب إلى تارانت مذكرة بيان وجهت لمتابعيه تضمنت دعوته إلى فكر نازي جديد وطرد المحتلين من بلادهم ويقصد المهاجرين والمسلمين، وحين توجه إلى مكان الجريمة كان يستمع إلى إحدى الأغاني التي تمجد الحرب الصربية في البوسنة والهرسك، إضافة إلى أنه ذكر بأنه سينتقم لكل ضحايا الإرهاب في أوروبا. وبين الدكتور حسن الشهري أنه لم يجد ما يستدل به من خلال ما نشر أو ما لوحظ في الفيديو عن الفعل بأن هناك ما يشير إلى وجود أعراض هلاوس أو ضلالات اضطهادية نتيجة لاضطراب نفسي ذهاني أو هوسي أو اكتئابي، كما أنه لم يلاحظ على المذكور أي اضطرابات سلوكية تدعو للاشتباه به قبل حدوث العمل الإرهابي الذي قام به، علمًا بأن السلطات قد سبق أن لاحظت الكتابات المنشورة على الأسلحة إلا أنه بالنسبة لهم لم يكن لها معنى؛ وذلك لعدم اشتباههم في تارانت بأن لديه مرضًا عقليًّا أو سلوكًا إجراميًّا أو إرهابيًّا، وقد يستدل من ذلك على قدرته على إخفاء نواياه وخططه والتسلل من خلال الأجهزة الأمنية لديهم، كما لم تشر أي من التقارير المنشورة إلى أي سلوك إجرامي أو سوابق أو جنح أو تاريخ عنف سابق لتارانت، إضافة إلا أنه لم يكن معروفًا بمرض نفسي جسيم في أي مصحة نفسية قبل ارتكابه لهذه الجريمة. وحذر الدكتور حسن الشهري من انتشار الفكر الذي يحمله تارانت، حيث قال: لوحظ أن لدى تارانت متابعين على فيسبوك، ويشير ذلك إلى أن هذا الفكر ليس وليد اللحظة، كما أنه نشر بعض كتابات المؤيدين له أثناء قيامه بارتكاب الجريمة الشنيعة، وقد تزامن في يوم الحدث وبعد قيام تارانت بعمله الإرهابي الذي راح ضحيته أكثر من 40 شخصًا في 3 ساعات، ثم عمل إرهابي آخر في مسجد آخر ضد مصلين أيضًا، وكان ضحيته 10 أشخاص، وقد يوحي ذلك إلى التوافق وإلى تشارك عدد من الأشخاص لنفس الفكر الأيديولوجي المتطرف. وشدد استشاري الطب النفسي الجنائي على أن التطرف الديني أو التطرف السياسي لا يعد مرضا نفسيًّا أو عقليًّا في الطب النفسي، وليس مبررًا لجعل شخص ما يرتكب جرائم تجاه الآخرين حتى وإن كانت الأيديولوجية المتطرفة تخرج عن المألوف لدى المجتمع، إلا أنها ليست مرضًا عقليًّا تعفي الشخص من مسؤوليته الجنائية. مؤسسة الملك خالد تنعى الأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل وهذه مشاركتها الأخيرة
مشاركة :