في عام 2015، استيقظ العالم على حادثة اقتحام صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية وقتل جماعي طال 12 شخصا في الصحيفة مع إصابة 10 آخرين. العالم انتفض عن بكرة أبيه ليس بالاستنكار فحسب، ولكن بسرعة فائقة في الكشف عن الجناة بصورهم وديانتهم و«حليب أمهم اللي رضعوه»! طبعا كلها أيام ويتوافد 50 من زعماء وقادة العالم أو ممثليهم، ليشاركوا في مسيرة ضخمة في باريس تنديدا بالإرهاب، يتصدرهم إرهابي اسمه «نتن ياهو»، قُتل 78 صحفيا في غزة من جيش تحت إِمرته، ودهس جنوده صحفية غربية بدبابة، بينما قتل جيشه بأوامره 5000 فلسطيني خلال 5 سنوات فقط! (2) أمس الأول، استيقظ المسلمون على فاجعة قيام إرهابي أسترالي من اليمين المتطرف بالتخطيط والتنفيذ لمذبحة بشعة طالت الآمنين في بيوت الله. جريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد، تنبض بالحقد والكراهية، لم تتوقف رصاصاتها الحاقدة عند طفلة ولا شيخ ولا امرأة! قابله أحد الشيوخ عند باب المسجد بـ«مرحبا أخي»، لكن أنّى لكائن وحشي تحوّل إلى سفّاح أن يتوقف، حيث كان القتل هو رد السلام! الإدانات كثيرة، لكن مازالت الحادثة لم تأخذ أبعادها الإنسانية الحقيقية، كون المقتولين مسلمين، رغم وصول عدد الشهداء إلى 49 وأكثر من 40 جريحا ومصابا بعضهم حالته حرجة! (3) خطاب الكراهية والتحريض والاستفزاز ضد المسلمين لم يتوقف. تصدره زعماء سياسيون وصحفيون ونواب من أحزاب متطرفة، جميعهم كانوا يشعلون النار ويوقدون الصدور ضد المسلمين واللاجئين والمهاجرين المسلمين في الغرب، وجرائم الاعتداءات المتكررة خير شاهد! قبل سنة وأكثر قليلا، حرّض رئيس جامعة «ليبرتي» الأمريكية الطلبة على حمل السلاح وقتل المسلمين، وخطابات الكراهية التي يطلقها ترامب منذ أن وصل إلى الرئاسة باتت مصدرا ملهما للعديد من الأحزاب المتطرفة، التي وجدت في خطابات التحريض والتحشيد فرصة سانحة للانتشار واستغلال العواطف للصعود السياسي. كل ذلك نتج عنه خروج قتلة وإرهابيين بعضهم يهود وبعضهم مسيحيون، بعضهم -مثل المجرم الإرهابي الأسترالي- ينطلقون من خلفيات تاريخية (انتصارات وهزائم صليبية) يستحضرونها في أحقادهم! (4) المشكلة ليست في الغرب وصياغة خطاباتهم الإعلامية وتحكمهم بما ينشر وكيف ينشر! ليست المشكلة في انتفاضة العالم لاغتيال 12 شخصا مثلا في باريس، بينما مجازر المسلمين في فلسطين وسوريا باتت عادية جدا ولا تحرك شعرة في جسده! المشكلة ليست في اتهام ديانة بأكملها فقط لأن القاتل مسلم في بعض الجرائم، بينما ما حدث مؤخرا في نيوزيلندا تتم مداراته وحصره في شخص يميني متطرف وكأنه وُلد في الغابة ثم خرج إلى عالم البشر، ولَم ينطلق من خلفية ثقافية ولا كَنسية ولا مجتمع أخرجه بهذا الشكل البغيض! المشكلة ليست فيهم فقط، فمع سيطرة اليهود على الإعلام وأبوابه ووسائله، إلا أن بعض الصحف والقنوات كانت لها مواقف قوية لأن القضية إنسانية ومؤثرة. المشكلة في طابور غريب من (مشايخ) و(صحفيين) و(دكاترة متخصصين) وقنوات إعلامية تنطق بالعربية وهي ليست «عربية»، منذ انطلاق العملية وهمّهم الشاغل التبرير والبحث عن دوائر تافهة للتعليق عليها! بعض القنوات استخدمت وصف المهاجم بدل الإرهابي، ثم بعد الجلد غيرت مصطلحاتها! البعض لدينا لو كان القاتل مسلما، لما توقف لحظة عن تفريغ شحنات غضبه على أمّة محمد بأكملها، بمساجدها وقرآنها ومناهجها وعلمائها ومراكز تحفيظها، لكنهم مع عمليات ينفذها متطرفون وإرهابيون غربيون يتحولون إلى (فلاسفة) و(حكماء) ومنظّرين يميّعون القضية من «إرهاب» إلى «هجوم» ومن «إرهابي» إلى «معتوه» وفي الأخير نخرج فيها بأن الخطأ سببه الإسلام والمسلمون! نعم بلاؤنا ليس في الغرب فقط، ولكن في طبقات فطرية باتت تتسلق على كل شيء لتظهر بأنها هي الوحيدة التي تفهم، بينما الآخرون المختلفون لديهم أجندات مختلفة! برودكاست: اللهم ارحم الشهداء وتقبلهم في عليين، وانتقم ممن سفك دماءهم وحرض على جميع عبادك المؤمنين الموحدين. رصاصات إرهابية حاقدة، لن تزيد الإسلام إلا انتشارا.
مشاركة :