{ الهجوم على المسجدين في مدينة «كرايست تشيرش» النيوزيلندية، إرهاب لا مثيل له! وينطلق من خطاب عنصري بغيض لليمين المتطرف في الغرب، وهو الخطاب الذي يتمّ بثه، خاصة منذ أحداث سبتمبر 2001؛ لينشر الكراهية و«الإسلامو فوبيا» وكل أشكال الازدراء للدين الإسلامي ولمعتنقيه في أوروبا وأمريكا. منفذ الهجوم الدموي- الذي راح ضحيته حتى كتابة هذا الموضوع 50 مصليًّا في المسجدين، وإصابة ما يماثل هذا العدد بإصابات خطرة، وتمّ حصدهم برشاش غريب، تمتّ كتابة تواريخ وأسماء عليه، سنعود إليها في مقال آخر- نشر بيانا عبر الإنترنت، (موضحا فيه كل دوافعه الإرهابية للمجزرة التي قام بها، معترفًا أنه أقدم على الإجرام منقطع النظير هذا بواقع «الإرهاب»)! وأنه ضد الهجرة إلى الدول الغربية، وأنهم «غزاة» يوجدون على الأرض الأوروبية! وقال إنه لا يشعر بالندم بل يتمنى أن يستطيع قتل المزيد من المسلمين، وأنه يدعم الرئيس الأمريكي «ترامب» (كرمز للهويّة البيضاء المتجددة والهدف المشترك)! ويواصل مسيرة (الكسندر بسيونيت) إرهابي كندا 2017! { هنا نحن أمام جزّار يصر على قتل المسلمين، وفق تطرّف فكري إرهابي، وعنصرية واضحة ضدّهم، ويستمدّ بالإرهاب ومن الإرهاب (قانونه العنصري الخاص)، ويعبِّر عن منطلق «صليبي» تاريخي، كما كتب على الرشاش، الذي أباد به عشرات المصلين في المسجدين! ويعتبر المهاجرين المسلمين إلى الغرب «غزاة»، رابطًا وجودهم في الغرب بتواريخ الوجود الإسلامي سواء في الأندلس، أو أثناء الخلافة العثمانية!، وشارحًا تواريخ المعارك لهذا الوجود، باعتبار سقوط الأندلس والدولة العثمانية انتصارًا صليبيا على المسلمين! إذن هو حقد تاريخي يربط به الهجرة المشروعة إلى أوروبا بتاريخ الأندلس والدولة العثمانية. { نحن هنا أمام فكر وصل أقصى درجات التطرف والدموية، وإن نفذّه فرد أو أفراد، وهي الظاهرة المتنامية (التي تخلخل في الأساس كل ما تمّ تصديع رؤوسنا به، عن الحضارة والقيم الغربية والمبادئ والحقوق الإنسانية)، لتطغى الروح العنصرية على كل ذلك! وحيث «الإسلامو فوبيا» يستمّد أساسه من هذا النمو الفكري، الذي كما نعرف أسهم فيه «الإعلام الغربي» الذي لطالما همّش الحديث عن الإرهاب المنتشر في أمريكا وأوروبا ويقوم به أفراد من «البيض» لا علاقة لهم بالإسلام، وحيث آخر إحصائية أمريكية توضح أن عدد العمليات الإرهابية للبيض يصل إلى 88% من العمليات، وما يوازيها من الإرهاب في الغرب الأوروبي حتما والذي لم تصدر عنه إحصائية دقيقة بعد! { من جانب آخر فإن توجهات الساسة في الغرب (قد وضعوا للأسف الإسلام في خانة العدّو للحضارة الغربية)! وبنوا مشاريعهم السياسية وتوجهاتهم في البلدان التي تعتنق الإسلام على هذا الأساس! بل إن مراكز القرار والمراكز الاستراتيجية في أغلبها تغذي بتقاريرها «الإسلامو فوبيا»، ليتغلغل هذا التوجّه في نفوس الأفراد، الذين يتم شحنهم إعلاميا وسياسيا واجتماعيا، والحصيلة في النهاية هذه النماذج التي تقوم بالمجازر ضدّ المسلمين، ولا تشعر حتى بذرة تأنيب ضمير، وهي تسفك الدماء وتزهق الأرواح وسواء ما قام به (الكسندر بيسونيت)، منفذ العملية الإرهابية على المسجد في كندا 2017، أو ما قام به آخرون في اعتداءات على المساجد وقتل المصلين في عديد من الدول الغربية، أو ما قام به سفاح المسجدين في نيوزيلندا الجمعة الماضي، فكلها تجسيدات لفكر منحرف، وعنصري ويميني متطرّف، ينمو بشكل سريع، ويشكل «ظاهرة إرهابية»، تتوارى معها كل ادعاءات التحضر والقيم الغربية والمبادئ والحقوق الإنسانية! وتختلف عن إرهاب «داعش» وغيره، الذي أسهم الغرب في صناعته كتنظيمات إرهابية، تم إبلاء الدول العربية بها!
مشاركة :