«أبطال الرواية».. أحلام صغيرة وإنجازات كبيرة

  • 3/17/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلف الجدران قصص وحكايات، وفي الغرف المغلقة هناك «بصيص من الأمل»، ولكنه أمل مشروط بفتح الأبواب، حتى يخرج أبطال وبطلات أصحاب الهمم إلى البطولات، حيث يتحول ذوو الإعاقة من «الموت المؤقت» إلى «الحياة»، ليفجروا طاقاتهم ويبدعوا في كل المجالات، ويؤكدوا أنهم أناس ينتظرون فرصة من المجتمع الذي يعيشون فيه، كي يثبتوا أن إعاقتهم لن تكون عائقاً في طريقهم للاندماج والعيش وسط الأسوياء. أبطال الرواية في ملف أصحاب الهمم هم الأسر وأولياء الأمور الذين يواجهون التحديات قبل أبنائهم، وتتولد العزيمة لديهم من الحياة الصعبة التي يعيشونها مع أصحاب الهمم والتي تبدأ بـ«صدمة البداية» بمعرفة حالتهم الصحية، ومعها يبدأ المشوار الصعب وتحدي الطبيعة في خروج أبنائهم إلى المجتمع والاندماج والمشاركة في الفعاليات، وتحفيزهم والسير خلفهم في كل مكان، وبالصبر صنعت هذه الأسر مشاعل الأمل في قلوب أبنائهم، وأسهمت في وصولهم إلى منصات التتويج ورفع علم الدولة، في البطولات مثلهم مثل الأسوياء، فقد كانت أحلامهم صغيرة وتحولت إلى إنجازات كبيرة. تحولنا في هذه الحلقة إلى البيوت وزيارة خاطفة لأهل الهمم، وأصحاب العزيمة الذين لم يخجلوا من ظروف أبنائهم، فتحوا لنا الأبواب مثلما فعلوها من قبل، كي يحكوا تجاربهم مع أبنائهم، متى بدأت وأين انتهت، وكيف تحولت الإعاقة إلى حافز، وماذا عن نظرة المجتمع في التعامل معهم؟ فلم يلجأوا إلى الحلول السهلة بحبسهم في الغرف المغلقة، بل انطلقوا بهم إلى الحياة والاندماج في المجتمع والسير معهم في كل مكان وبكل فخر، لم يلتفتوا إلى نظرات العطف وأحيانا نظرات الخجل، ولم يهابوا خوف البعض من التعامل مع أبنائهم، هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون للراوية، رواية أصحاب الهمم. عندما تتحدى الأسرة كل الصعاب بـ «مشاعل الأمل» تتغلب الطاقة الإيجابية على التحديات، بتجاوز الصعاب وتحويل كل السلبيات إلى إيجابيات لتزرع في أبنائها الثقة الكاملة، من أجل تحقيق طموحاتهم، فالنجاح مسؤولية كبيرة تتضاعف، كلما ترتقي في سلم القمم، خصوصاً أن الصعود إليه ليس سهلاً، والمحافظة عليه هو الأصعب. هذا ما جسدته أسرة لاعبي منتخب الإمارات للأولمبياد الخاص، الفارس محمد، والسباح عبدالله، والتي أزاحت الستار لـ«الاتحاد» التي قضت معها يوماً، في حياة بطل من المنزل إلى المدرسة والنادي، لتكشف أسرار نجاحها في صنع بطلين والذي كان عنوانه البارز صبر الأم وثقتها بالمدرسة يصنعان «الفارس» و«السباح» بكل فخر. وتحدثت صالحة الريسي والدة محمد وعبدالله التاجر، بكل فخر واعتزاز عن عثرات البداية، وكيف أنها نجحت في تخطي هذه الصعاب، مشيرة إلى أن إعاقة عبدالله لم تكن واضحة، بعد التواء الحبل السري على ركبتيه، خصوصاً أنه المولود الأول، لتبدأ رحلة المعاناة، حيث لم يستطع عبدالله التحدث، وهو في الرابعة من عمره، يتحرك ويبتسم فقط. وقالت: اعتبرت الأمر عادياً في البداية، خصوصاً لا أملك خبرة الأمومة في هذه الحالات، لأنه المولود الأول، لاكتشف في الروضة، أنه يعاني عدم الاستيعاب والذي أثر عليّ والأسرة بحكم أنه المولود الأول، وفي ظل هذا الوضع الصعب ترددت على المستشفيات والعيادات النفسية من دون معرفة «السالفة»، وفي نهاية الأمر تأكد لي أنه لا توجد حالة نفسية، وإنما الأمر يتمثل في إعاقة ذهنية، لأن المخ أصغر عن عمره. وقالت: رفعت شعار تجاوز «عثرات الحياة» بـ«مشاعل الأمل»، بعد أن لاحظت ابني محمد الثالث بعد عبيد «الطبيعي» أنه يعاني بطئاً في الاستيعاب، ولم يتحدث، وهو في الخامسة من عمره، رغم ولادته الطبيعية، وعملت على تربية محمد وعبدالله بنفس تربية عبيد، من أجل تجاوز هذه الصعاب ومحطات الإحباطات، فحققت ما سعيت إليه بتشجيع كامل من الأسرة. واعترفت والدة البطلين أن الأسرة كانت في البدايات في «حالة طوارئ»، مؤكدة أن مركز دبي للرعاية الخاصة، مثل محطة مضيئة في حياة محمد وعبدالله، من أجل تنمية قدراتهما، مما أدى التحسن الكبير في الاستيعاب، ليصبح تركيزهما عالياً. وأكدت صالحة الريسي أن نشاط محمد وعبدالله في اليوم 14 ساعة، يبدأ من الساعة الخامسة صباحاً، استعداداً للذهاب إلى المدرسة «مركز دبي للرعاية الخاصة»، والعودة في الساعة الرابعة إلا ربعاً، وثم تناول وجبة الغداء مع الأسرة، ثم الذهاب إلى النادي من الخامسة إلى السابعة مساءً. وأشارت الأم التي ارتسمت على وجهها علامات الفخر والاعتزاز في صنع بطلين من أبطال الأولمبياد الخاص، إنها اختارت لكل ابن النادي الذي يرغب فيه، واللعبة التي يحبها، بعد أن قابلت المدربين وأصحاب الاختصاص، مؤكدة أنها ظلت تحرص على حضور التدريبات، من أجل إلهاب حماسهما، حتى حققا المراد، حيث كان محمد أصغر فارس في الألعاب العالمية الصيفية «شنغهاي 2007»، وعمره لم يتجاوز 10 سنوات، ومن هناك بدأت رحلة الفخر والاعتزاز. وقال صالحة الريسي، إن «أصحاب الهمم» يحتاجون إلى الدعم الكامل من أولياء أمور اللاعبين، من أجل تفجير طاقاتهم الكامنة، وإن الرياضة تلعب دوراً كبيراً في إخراجهم من العزلة، وبالتالي الاندماج الكامل في المجتمع. وقالت: إن تقديم ابني محمد حفل مراسم توقيع استضافة أبوظبي للألعاب العالمية الصيفية 2019، كعريف له باللغة الإنجليزية ومشاركته في تقديم فقرات حفل النسخة التاسعة للألعاب الإقليمية للأولمبياد الخاص باللغة الإنجليزية أيضاً فخر أحاط الأسرة من كل جانب، ووسام على صدورنا جميعاً، كما أن مشهد حفل مراسم توقيع أبوظبي لاستضافة الألعاب العالمية الصيفية عام 2019 لن يسقط من ذاكرتها، والذي سيظل عالقاً بذهنها، خصوصاً في حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي ظل يدعم أصحاب الهمم، ويقف بجانبهم من أجل تفجير إبداعاتهم على الصعد كافة. وأكدت صالحة الريسي أن «أصحاب الهمم» يحتاجون إلى الدعم الكامل من أولياء أمور اللاعبين، من أجل تفجير طاقاتهم الكامنة، وأن الرياضة تلعب دوراً كبيراً في إخراجهم من العزلة وبالتالي الاندماج الكامل في المجتمع. إنها كانت تتوقع اختيار ابنها ليكون عريفاً لتقديم حفل مراسم توقيع الاستضافة؛ لأنه مؤهل لذلك، ولم يكن مرتبكا رغم الحضور الرسمي الكبير الذي شهد توقيع الاستضافة، حيث عملت على تربيته، هو وشقيقه عبدالله بتعزيز الثقة فيهما، من أجل أن يعيشا حياة طبيعية للخروج من الإعاقة الذهنية.

مشاركة :